صراعات‎

الضربة الإسرائيلية على الدوحة.. كواليس الساعات الأخيرة

نشر
blinx
سادت أجواء من التوتر والجدية الاجتماع الذي عُقد مساء الإثنين، في الدوحة، حيث جلس رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني متحدثا مع كبير مفاوضي حركة حماس، خليل الحية.
كان اللقاء استمرارًا لسلسلة طويلة من المباحثات، لكنها هذه المرة جاءت مختلفة: الولايات المتحدة طرحت مقترحًا جديدًا لوقف إطلاق النار في غزة، وحثت قطر على الضغط على حماس للقبول به.
انتهى الاجتماع قبيل التاسعة والنصف مساءً، لكن العمل الفعلي بدأ بعد خروج الحية.
المفاوضون القطريون تواصلوا مباشرة مع نظرائهم الإسرائيليين لإطلاعهم على مآلات المبادرة. وعلى خلاف المعتاد، لم يأتِ المقترح هذه المرة من قطر ومصر، بل مباشرة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد لقاء المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بالقطريين في باريس.
ترامب اعتبرها فرصته الأخيرة، وأصدر ما وصفه بـ"التحذير الأخير" لحماس بقبول الصفقة، مدعيًا أن إسرائيل وافقت عليها، بينما كانت تل أبيب قد قالت إنها "تدرسها بجدية". هنا وقع العبء على قطر لتحويل المقترح إلى اتفاق فعلي.
لكن فجأة تغيّر كل شيء. وقبل أن ترد حماس عبر القنوات القطرية، أطلقت إسرائيل صواريخها على مبنى سكني وسط الدوحة، زاعمة أن قادة الحركة اجتمعوا فيه.

عملية قلبت المعادلات

كشفت مصادر متعددة لـCNN أن إسرائيل كانت تُخطط منذ أكثر من شهرين لتنفيذ ضربة ضد قيادات حماس في الدوحة، رغم حساسية ذلك سياسيًا واستراتيجيًا.
فقطر تستضيف أهم قاعدة جوية أميركية في المنطقة، قاعدة العديد، وتلعب دور الوسيط المركزي بين واشنطن وتل أبيب وحماس.
وفي سابقة خطيرة، قررت الحكومة الإسرائيلية تجاوز كل الخطوط الحمراء واستهداف أراضٍ لدولة خليجية حليفة للولايات المتحدة، مستغلةً تواجد قيادات حماس، وعلى رأسهم خليل الحية، الذي يعيش في الدوحة منذ سنوات.
القرار اتخذ رغم اعتراضات مسؤولين بارزين، بينهم رئيس الأركان إيال زمير ورئيس الموساد دافيد برنياع، اللذين حذّرا من أن التوقيت، وسط محادثات وقف إطلاق النار، قد ينسف الجهود الدبلوماسية. لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مضى في العملية بدعم من حلفائه في اليمين المتشدد.

تفاصيل الضربة

صباح الثلاثاء، أقلعت أكثر من ١٠ مقاتلات إسرائيلية، من طراز F-35 وF-15 وF-16، نحو قطر. وبهدف تفادي اعتراض أميركي، أخطرت إسرائيل واشنطن في اللحظة الأخيرة، بطريقة غير مباشرة، عبر رئيس الأركان الأميركي إلى ترامب، ثم إلى المبعوث ويتكوف، وأخيرًا إلى القطريين وبحلول ذلك الوقت، كانت الضربة قد وقعت بالفعل.
في الساعة 3:46 عصرًا، أصابت المقاتلات مبنى سكنيًا في وسط الدوحة، في عملية زعم الجيش الإسرائيلي أنها "دقيقة".
إسرائيل سارعت لتأكيد أنها عملية "مستقلة تمامًا"، محاولة إبعاد أي شبهة تورط أميركي.

غضب وإحراج

رئيس الوزراء القطري وصف الهجوم بأنه "إرهاب دولة"، مؤكدًا أن نتنياهو يسعى بشكل منهجي إلى تقويض أي فرصة للسلام أو حتى استعادة الأسرى الإسرائيليين.
واشنطن وجدت نفسها في موقف حرج. ترامب قال إنه "غير راضٍ إطلاقًا عن تفاصيل العملية"، فيما اعتبر البيت الأبيض أن "قصفًا أحاديًا داخل دولة ذات سيادة وحليف وثيق لأميركا لا يخدم مصالح واشنطن أو تل أبيب".

نتائج عكسية

رغم إعلان إسرائيل استهداف الحية ووفد المفاوضات، أعلنت حماس لاحقًا أن القادة المستهدفين نجوا، وأن الضربة قتلت ٥ من عناصرها الأقل رتبة وحارسًا أمنيًا قطريًا. الشكوك تزايدت سريعًا داخل إسرائيل حول "دقة" العملية وجدواها.
العملية لم تضعف حماس بقدر ما قوّضت الجهود الدبلوماسية. قطر اعتبرت أن نتنياهو "أعدم أي أمل للإفراج عن الأسرى".
في لحظة واحدة، تحولت محاولة لدفع المفاوضات إلى الأمام إلى أزمة تهدد بإعادة خلط أوراق المنطقة، مع بروز انقسامات داخل إسرائيل نفسها بين القيادة السياسية والأمنية حول حسابات المخاطرة.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة