صراعات‎

حماس أمام "الخط الأحمر" الأخير؟

نشر
blinx
بعد عامين مدمّرين من الحرب، تواجه حركة حماس خيارًا صارخًا: قبول وقف إطلاق النار في غزة، مقابل خطة الولايات المتحدة التي تطالب بنزع سلاحها وإنهاء أي دور مستقبلي لها في الأراضي الفلسطينية. وصف شخص مطلع على تفكير الحركة الوضع بأنه "لحظة وجودية" لحماس، التي استمدت نفوذها لعقود من الثبات في مواجهة التحديات، بحسب تقرير صحيفة فايننشال تايمز.
وقد صرح قادة حماس أنهم يدرسون الخطة التي كشف عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الاثنين، لإنهاء الحرب الإسرائيلية ضد الحركة في غزة، وهي الخطة التي تدعمها إسرائيل والدول العربية على حد سواء.

حماس أمام ضغط الداخل والخارج

يتزايد الضغط على حماس، التي أشعلت الصراع بهجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، من كل الاتجاهات. وفي حال رفضها للخطة، ستكون العواقب واضحة ومباشرة.
ففي غزة، ستواصل إسرائيل هجومها على الحركة، وسط دمار واسع النطاق، إذ تحوّل معظم القطاع إلى أنقاض، وسُجّل مقتل أكثر من ٦٦ ألف فلسطيني وفقًا للسلطات المحلية، فيما أعلنت الأمم المتحدة عن حدوث مجاعة في أجزاء من شمال القطاع. وقد تهجّر أكثر من 90% من السكان مرات عدة، واضطر العديد منهم للعيش في خيام مؤقتة.
على الصعيد المحلي والإقليمي، تواجه حماس عزلة كبيرة: في غزة، يحمّل الكثيرون الحركة مسؤولية جلب القوة العسكرية الإسرائيلية المدمرة إلى أهل القطاع، فيما تضغط عليها الدول العربية والإسلامية، بما في ذلك قطر وتركيا، لقبول خطة ترامب لوقف إطلاق النار وخطة ما بعد الحرب في غزة.
ويعاني سكان غزة من إرهاق نفسي عميق جراء الحرب والخسائر، وهم يطالبون بإنهاء القتال وإتاحة فرصة لإعادة بناء حياتهم. وقد دعا كثيرون حماس عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى قبول خطة ترامب.
قال مصطفى إبراهيم، محلل سياسي في غزة: "الوضع الإنساني كارثي، ونعلم أن ترامب منح إسرائيل الضوء الأخضر للاستمرار إذا رُفضت الخطة. الناس يأملون أن تقبلها حماس، حتى لو كانت صفقة سيئة".
وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، صرحت الشاعرة المقيمة في غزة، نيما حسن، بأن على حماس القبول هذه المرة: "الحركة تعرف أن مغامرتها قد انتهت، القتل مستمر في غزة والقصف لم يتوقف لحظة واحدة، القبول الآن يعني أن الخسائر ستكون أقل مما ستكون عليه لاحقًا".

خارج الحكم مع سلاح؟

ويشير الدبلوماسيون إلى أن حماس قبلت حقيقة أنها لن تحكم غزة مرة أخرى، التي تسيطر عليها منذ عام 2007. ومع ذلك، كانت واضحة حتى وقت قريب بأن التخلي عن السلاح يمثل خطًا أحمر، لم يُنظر فيه إلا في إطار اندماجها في قوات مسلحة لدولة فلسطينية مستقلة، وهو ما تقول إسرائيل إنها لن تسمح به أبدًا.
وقال أمجد عراقي، محلل في مجموعة الأزمات الدولية: "إنها فعلاً لحظة حساب لحماس، يعلمون أنهم مهزومون وفي الوقت نفسه، لديهم الكثير من المخاوف الاستراتيجية بشأن ما سيفعله الإسرائيليون، وما سيفعله الأميركيون، كما أنهم يحاولون البقاء على قيد الحياة كحركة."
وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن الجيش دمر معظم القدرات العسكرية لحماس واستنزف مخزونها من الأسلحة، وقتل آلاف من مقاتليها إضافة إلى معظم قادتها العسكريين الكبار، بما في ذلك يحيى السنوار، مهندس هجوم 7 أكتوبر. ومن القيادة العسكرية السابقة في غزة، لم يبق على قيد الحياة سوى عز الدين الحداد، قائد الجناح العسكري للحركة.

"تعرف كيف تتكيف"

أما القيادة السياسية في الخارج، فهي منشغلة بالتفاوض حول التوترات القديمة بين الجناحين العسكري والسياسي، بحسب التقرير، والتي بلغت ذروتها مع مواجهة الحركة لمستقبلها. ومع ذلك، لم تُهزم الحركة بالكامل.
قال مايكل ميلشتاين، ضابط استخبارات إسرائيلي سابق ومتخصص في الشؤون الفلسطينية: "حماس ليست كما كانت في 7 أكتوبر، فهي أضعف بكثير، لكنها تعرف كيف تتكيف، ولا تزال القوة المهيمنة في غزة، ليس فقط عسكريًا بل من حيث الإدارة أيضًا."
ورغم استنزاف صفوفها، تمكنت حماس من الاحتفاظ ببعض القيادة والسيطرة واتخاذ قرارات من أعلى إلى أسفل، كما عينت قادة جددًا، مع إعادة التنظيم في مدينة غزة خلال العام الماضي. أجبرها نفاد مقاتليها على التحول من تشكيلات عسكرية تقليدية إلى تكتيكات حرب عصابات.
وقال عراقي: "الجيش الإسرائيلي يعود مرارًا إلى مدن معينة، خاصة في الشمال، مدعيًا أنه قضى على حماس، ثم يتضح أنه يحتاج للعودة مرة أخرى. من الواضح أن هناك قتالًا مستمرًا، لكنه ليس بالضرورة أن يغير ميزان القوى".

حماس أمام مسار مختلف

وتضع خطة ترامب حماس أمام مسار مختلف، إذ تنص على أن الحركة لن يكون لها أي دور في حكم غزة "مباشرًا أو غير مباشر أو بأي شكل"، رغم الشكوك العميقة في القطاع حول إمكانية اختفاء الحركة، نظرًا لأهميتها في النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
وتظل حماس، رغم أن كثيرًا من سكان غزة يلومونها على استفزاز إسرائيل للرد العنيف، الفصيل الأكثر شعبية بين الفلسطينيين في القطاع، رغم تراجع التأييد إلى 42% وفق استطلاع أجرته مايو الماضي مركز الدراسات والاستطلاعات الفلسطيني.
وقال المؤرخ الفلسطيني يزيد صايغ: "ستحاول حماس البقاء، ولن تُمحى كقوة سياسية. لديها تاريخ عميق كحركة سياسية، ولا سبب يدعوها للانقراض".

"توضيحات والتزامات وتعديلات"

وقال بشارة بحباح، الذي عمل مفاوضًا غير رسمي في الدوحة نيابة عن المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف، يوم الثلاثاء إن حماس تسعى للحصول على "توضيحات والتزامات وتعديلات" على عدة بنود من خطة ترامب، بما في ذلك جدول زمني لانسحاب إسرائيل من غزة وضمانات لإنهاء الحرب بشكل دائم وتعريف لنزع السلاح.
وقال مخصص سياسي آخر: "الضغط هائل على حماس للموافقة على هذه الخطة، مهما كانت الشروط سيئة بالنسبة لها. ومن يدري ما سيحدث إذا رفضت حماس، قد تفقد الدعم، وهم يعرفون ذلك".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة