صراعات‎

أوكرانيا تضرب قلب الطاقة الروسية بـ"خطة أميركية"

نشر
blinx
كشفت تقارير غربية أن الولايات المتحدة قدّمت دعماً استخباراتياً متقدماً لأوكرانيا مكّنها من تنفيذ ضربات دقيقة وبعيدة المدى ضد منشآت الطاقة الروسية، في إطار حملة منسقة تهدف إلى إضعاف اقتصاد الرئيس فلاديمير بوتين وإجباره على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وقال مسؤولون أوكرانيون وأميركيون مطّلعون على الحملة لصحيفة "فايننشال تايمز إن المعلومات الاستخباراتية التي شاركتها واشنطن مع كييف سمحت للأخيرة باستهداف منشآت نفطية ومصافي بعيدة عن خطوط المواجهة المباشرة، مما شكّل ضربة قاسية لقطاع الطاقة الروسي.

دعم استخباراتي مكثف

وبحسب التقرير، فإن هذا الدعم الأميركي غير المعلن سابقاً تصاعد منذ منتصف الصيف، وكان حاسماً في تمكين أوكرانيا من تنفيذ هجمات كانت إدارة الرئيس جو بايدن السابقة قد حذّرت من الإقدام عليها، خشية التصعيد مع موسكو.
وقد أدت هذه الضربات إلى ارتفاع أسعار الطاقة داخل روسيا، ودَفعت الكرملين إلى تقليص صادرات الديزل وزيادة استيراد الوقود من الخارج.

تحوّل في موقف إدارة ترامب

ويُعد تبادل المعلومات الاستخباراتية علامة على تحول كبير في موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثانية، إذ أبدى دعماً أكبر لأوكرانيا مع تزايد إحباطه من تعامل بوتين خلال الأشهر الأخيرة، بحسب وصفه.
ووفقاً للمصادر، بدأ هذا التحول بعد مكالمة هاتفية بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في يوليو الماضي، حيث سأل ترامب عن إمكانية استهداف موسكو في حال زوّدت واشنطن أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى.
وأشارت المصادر إلى أن ترامب عبّر خلال المكالمة عن دعمه لاستراتيجية تهدف إلى "جعل الروس يشعرون بالألم" لإجبار الكرملين على التفاوض، غير أن البيت الأبيض أوضح لاحقاً أن الرئيس "كان يطرح سؤالاً فقط، وليس يشجّع على تصعيد القتال".

مشاركة أميركية في مراحل التخطيط

وأكد مسؤولون مطّلعون أن الاستخبارات الأميركية شاركت بشكل وثيق في جميع مراحل التخطيط للعمليات، بما في ذلك تحديد الأهداف ومسارات الهجوم وتوقيت الضربات، ما ساعد الطائرات المسيّرة الأوكرانية على تجنّب الدفاعات الجوية الروسية.
وقال أحد المسؤولين إن واشنطن وفّرت معلومات دقيقة حول نقاط ضعف منشآت الطاقة الروسية، فيما ذكر آخرون أن الولايات المتحدة حدّدت بنفسها أولويات الأهداف لأوكرانيا، واصفين الطائرات المسيّرة الأوكرانية بأنها "الأداة الأميركية لإضعاف الاقتصاد الروسي ودفع بوتين نحو اتفاق".

موسكو تحت وطأة الضربات

وبحسب بيانات بحثية مستقلة، فقد استهدفت أوكرانيا ما لا يقل عن 16 من أصل 38 مصفاة نفط روسية، بعضها أكثر من مرة، مما عطّل نحو مليون برميل من طاقة التكرير اليومية.
وتُظهر مقاطع مصوّرة منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي الروسية، تم التحقق منها من قبل صحيفة فايننشال تايمز ومحللين مستقلين، عدداً من المنشآت النفطية والغازية الروسية وهي تشتعل بالنيران بعد الضربات الأوكرانية.
كما أكّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن موسكو باتت تستورد الوقود من بيلاروسيا والصين لتعويض النقص الناتج عن الضربات، مشيراً إلى أن روسيا "فقدت ما يصل إلى 20% من طاقتها الإنتاجية للوقود بسبب الهجمات الأوكرانية".

تكنولوجيا مسيّرات محلية متطورة

وأوضح زيلينسكي أن النجاحات الأخيرة تعود إلى التطور السريع في تكنولوجيا الطائرات المسيّرة محلية الصنع وزيادة إنتاجها، ما أتاح لبلاده تنفيذ هجمات واسعة النطاق باستخدام مئات الطائرات في العملية الواحدة.
وأشار إلى أن طائرات "فاير بوينت" و"ليوتيي" بعيدة المدى التابعة لجهاز الأمن الأوكراني وقوات الأنظمة غير المأهولة هي التي قادت هذه الهجمات، إلى جانب استخدام صواريخ "نبتون" و"فلامينغو" المنتجة محلياً لاستهداف مواقع داخل روسيا.
وفي إحدى أحدث العمليات، أعلن جهاز الأمن الأوكراني أن وحدته الخاصة "ألفا" نفّذت ضربة ناجحة ضد مصفاة "باشنفت-يونبز" في مدينة أوفا، على بُعد 1400 كيلومتر من أوكرانيا، وهي من أكبر المصافي التي تزوّد الجيش الروسي بالوقود والزيوت.
وكانت تلك ثالث ضربة تستهدف منشآت الطاقة في منطقة باشكورتوستان خلال شهر واحد فقط.

اتهامات روسية وصمت أميركي

الكرملين من جانبه اتهم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) بتقديم معلومات استخباراتية منتظمة لأوكرانيا لتوجيه ضرباتها ضد منشآت الطاقة الروسية، وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن الأمر "أصبح واضحاً للجميع".
في المقابل، رفض مكتب مدير الاستخبارات الوطنية ووزارة الدفاع الأميركية التعليق على هذه الاتهامات، بينما صرّح مسؤول في البيت الأبيض بأن "هذه الحرب ما كانت لتحدث لو لم تكن إدارة أخرى في الحكم"، في إشارة إلى رغبة ترامب في "إنهائها لا توسيعها".

صواريخ توماهوك على الطاولة

وفي سياق متصل، قالت تقارير إن الرئيس ترامب لم يحسم بعد قرار تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك بعيدة المدى، التي يمكن إطلاقها من البر أو البحر، لكنه أكد أنه يريد معرفة المزيد عن كيفية استخدامها قبل اتخاذ القرار النهائي.
من جانبه، أوضح زيلينسكي أن كييف تدرس خيار تزويدها بهذه الصواريخ، قائلاً إن ذلك "قد يقوّي قدرات أوكرانيا ويجعل الروس أكثر واقعية في حساباتهم".

تصعيد متواصل

وتشير المعطيات إلى أن وتيرة الضربات الأوكرانية على منشآت النفط والغاز الروسية ارتفعت بشكل حاد خلال شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين، ما أدى إلى اضطرار موسكو إلى خفض صادرات الديزل وزيادة اعتمادها على الوقود المستورد، في وقت تحاول فيه الحفاظ على إمداداتها الداخلية وسط العقوبات الغربية والضغوط العسكرية المتزايدة.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة