رحلة العودة في غزة.. منازل مدمرة وحرب من نوع آخر
تدفق آلاف الفلسطينيين شمالا على طول ساحل غزة عائدين سيرا على الأقدام أو على متن سيارات وعربات إلى منازلهم المهجورة والمدمرة، مع صمود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.
وتراجعت القوات الإسرائيلية بموجب المرحلة الأولى من اتفاق تم التوصل إليه الأسبوع الماضي بوساطة أميركية لإنهاء الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف وحولت أجزاء كبيرة من القطاع إلى أنقاض.
وأعلن متحدث باسم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سينضم إلى زعماء أكثر من 20 دولة في مصر يوم الاثنين لحضور قمة دولية تهدف إلى وضع اللمسات الأخيرة على بنود اتفاق ينهي الحرب، وستُعقد القمة في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر.
ومن المتوقع أن تُفرج حماس عن باقي الرهائن الإسرائيليين بحلول ظهر اليوم نفسه، وفقا لبنود وقف إطلاق النار.
وقالت نبيلة بصل، لوكالة رويترو، بينما كانت تسير على قدميها مع ابنتها "الشعور لا يوصف إن شاء الله تكون آخر معاناة إلنا"، وذكرت أن ابنتها أصيبت في رأسها جراء الحرب.
هل سنعيش عشرين عاما في خيمة؟
بالنسبة لبعض الفلسطينيين، قادهم طريق العودة، عبر أراضي غزة القاحلة، إلى منازل تحولت إلى أكوام من الحطام.
قال أحمد الجعبري، لرويترز، وهو يقف وسط أنقاض أحد شوارع مدينة غزة "منزلي، الذي بنيته قبل 40 عاما، دُمر في لحظة". أنا سعيدٌ لأنه لا دماء ولا قتلَ (ولكن) إلى أين سنذهب؟ هل سنعيش عشرين عاما في خيمة؟
ومن بين الآلاف الذين عادوا إلى غزة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية، كانت هديل خلف (35 عامًا) تسير مع عائلتها نحو ما كان يومًا منزلها في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة.
الطريق محفوف بالموت، أجساد متحللة ملقاة على جانبي الشارع، وبيوت تحولت إلى ركام.
كتبت هديل في رسالة صوتية عبر "واتساب" لصحيفة واشنطن بوست: "عندما عدنا إلى غزة، تمنينا فقط أن نجد غرفة واحدة في بيتنا... لكن لم يبقَ شيء، كل شيء اختفى."
هديل كانت واحدة من مئات الآلاف الذين نزحوا جنوبًا هربًا من القصف، لتعيش مع أطفالها في خيمة صغيرة في خان يونس.
"لا بيت لنا الآن"، تقول بصوت مبحوح، "ما مررنا به من جوع وحصار وأمراض وتلوث وتشريد جعلنا لا نشعر حتى بفرحة الهدنة."
ورغم تدفق الشاحنات المحمّلة بالمساعدات عبر الحدود، فإن الاحتياجات الإنسانية أكبر بكثير. ملايين الغزيين يعيشون في خيام لا تقي من برد الشتاء، ويمضون أيامهم في طوابير طويلة من أجل ماء أو رغيف.
تقول منظمات الإغاثة إن المعاناة لم تتوقف، بل تغيّر شكلها فقط. فالصمت الذي حلّ محل القصف لا يعني نهاية الألم، بل بدايته من نوع آخر، صراع من أجل البقاء، بحسب ما تصف الصحيفة الأميركية.
الهدنة الهشة قد تُعيد بعض الأمن لكنها لن تُعيد لهديل بيتها، ولا الطفولة المفقودة لأطفالها، ولا الطمأنينة التي غابت منذ زمن، تقول هديل: "ربما توقّف القصف"، لكن داخلنا حرب لا تنتهي".
شكر لترامب وصيحات استهجان ضد نتنياهو في تل أبيب
وفي إسرائيل، مع حلول الظلام، تجمع عشرات الآلاف في ساحة الرهائن بتل أبيب، حيث عمت الهتافات المعبرة عن الفرحة بعد عامين من الاحتجاجات التي سادت فيها مشاعر الغضب والحزن.
وصعد إلى المنصة جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإيفانكا ابنة ترامب برفقة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي لعب دورا رئيسيا في مفاوضات وقف إطلاق النار منذ تولي ترامب منصبه.
العد التنازلي لإطلاق سراح الرهائن
بمجرد أن أكملت القوات الإسرائيلية إعادة انتشارها الجمعة، وهو ما يبقيها خارج المناطق الحضرية الرئيسية لكنها لا تزال تسيطر على نصف القطاع تقريبا، بدأ العد التنازلي من أجل أن تفرج حماس عن الرهائن خلال 72 ساعة، بحلول ظهر يوم الاثنين.
ووفقا للاتفاق، ستفرج إسرائيل بعد تسليم الرهائن عن 250 فلسطينيا يقضون أحكاما بالسجن لفترات طويلة و1700 معتقل احتجزتهم خلال الحرب.
وينص الاتفاق كذلك على دخول مئات الشاحنات يوميا إلى غزة محملة بالمساعدات الغذائية والطبية.