ماذا تعني سيطرة "الدعم السريع" على الفاشر؟
سقط مقر قيادة الجيش السوداني في مدينة الفاشر، آخر معاقله في إقليم دارفور غربي البلاد، بيد قوات الدعم السريع التي أعلنت سيطرتها الكاملة عليه.
وتمثل الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، موقعاً استراتيجياً مهما، ما يجعل هذا التطور تحولاً لافتاً في مسار الصراع المستمر بين الجيش والدعم السريع منذ أبريل 2023.
لكن، ما الذي يعنيه سقوط المدينة في ميزان الحرب الدائرة؟
وتُعد الفاشر المعقل الأخير للجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة في إقليم دارفور، وبسيطرة الدعم السريع على الإقليم باتت 4 من أصل 5 ولايات تشكّله تحت سيطرتها.
وتبلغ مساحة ولاية شمال دارفور (عاصمتها الفاشر) 296 ألف كيلومتر مربع، وهي تعادل 12 في المائة من مساحة السودان تقريباً، وتمثل أكثر من نصف مساحة إقليم دارفور، فضلاً عن أن موقعها الجغرافي يجعل منها ذات أهمية لخطوط الاتصال مع تشاد ومصر وليبيا، والطريق المؤدية من غرب إلى شرق السودان.
تحاصر قوات الدعم السريع الفاشر منذ مايو 2024 في محاولة لانتزاع السيطرة على المدينة، لتحكم سيطرتها على غرب السودان بعدما أخرج الجيش مقاتليها من شمال وشرق البلاد.
ويعتبر المحلل السياسي إبراهيم بشير في حديث لوسائل إعلام سودانية أن سيطرة الدعم السريع على مدينة الفاشر "تمثل نقطة تحول استراتيجية كبرى، لما للمدينة من أهمية سياسية وعسكرية واجتماعية".
وشرح بشير أن "السيطرة على الفاشر تعني عمليا أن إقليم دارفور بأكمله بات تحت سيطرة الدعم السريع".
وقال كاميرون هادسون الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إنّ "قوات الدعم السريع تسعى للسيطرة على منطقة من أجل تعزيز مطالبها كحكومة".
وأضاف الخبير الموجود في واشنطن لفرانس برس أنّ "السيطرة الكاملة على دارفور تخدم هذا الطموح" ومن هذا المنطلق فإنّ السيطرة مدينة الفاشر "يحمل أهمية سياسية عميقة".
وتقول قوات الدعم السريع في بيان إن السيطرة على الفاشر "يمثل محطة مفصلية في مسار المعارك، ويرسم ملامح الدولة الجديدة التي يتشارك جميع السودانيين في بنائها".
وأكد البيان أن قوات الدعم السريع "ستعمل بالتنسيق مع "حكومة تأسيس" على توفير الحماية الكاملة للمدنيين وتسهيل عودة النازحين إلى منازلهم وتوفير احتياجاتهم الضرورية".
وفي فبراير الماضي، أعلن تحالف السودان التأسيسي المعروف اختصاراً بـ"تأسيس" تشكيل مجلس رئاسي لحكومة انتقالية برئاسة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
واندلع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، وتسبب بتشريد ملايين السودانيين وأدى إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
المساعي الدبلوماسية مستمرة
وبعيدا عن التطورات العسكرية، تستمر دول "الرباعية" في العمل من أجل التوصل إلى هدنة في السودان.
واستضافت واشنطن الأسبوع الماضي اجتماعا للمجموعة الرباعية بشأن السودان التي تضمّ مصر والسعودية ودولة الإمارات إلى جانب الولايات المتحدة، من أجل الدفع في اتجاه السلام وهدنة إنسانية، وفق بيان أميركي.
ولم تسفر المفاوضات حتى الآن عن التوصل الى اتفاق بين الجانبين المتحاربين رغم المطالبات الأممية والدولية بهدنة إنسانية لا سيما في الفاشر التي تعاني المجاعة وتفشّي الأوبئة.
وفي 13 سبتمبر أصدرت المجموعة الرباعية بيانا مشتركا، أكدوا فيه أن هذا الصراع تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وأنه يشكل مخاطر جسيمة على السلم والأمن الإقليميين، بحسب نص البيان الذي نشرته وكالة أنباء الإمارات (وام).
مقابل المساعي الدبلوماسية برز موقف قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الذي وضع في ١٩ أكتوبر الماضي شروطاً لأي مفاوضات سلام قادمة.
واشترط حينها تحقيق أهداف الجيش، رافضاً أي تسوية لا تحقق هذه الشروط أو تفرض ما يعتبره "إملاءات خارجية على السودان"، بحسب تعبيره.