"داهموا المنازل".. شرط إسرائيلي ورفض لبناني لـ"مشروع حرب أهلية"
تضغط إسرائيل على الجيش اللبناني ليكون أكثر حزماً في نزع سلاح حزب الله، عبر تفتيش ممتلكات خاصة ومنازل في الجنوب بحثاً عن أسلحة، وفق ما قاله ٣ مسؤولين أمنيين لبنانيين ومسؤولان إسرائيليان لرويترز.
وأوضح المسؤولون الأمنيون اللبنانيون أن هذا المطلب الجديد طرح خلال الأسابيع الأخيرة ورفضته قيادة الجيش اللبناني، التي تخشى أن يشعل ذلك حربا أهلية ويقوّض استراتيجية نزع السلاح التي تراها القيادة حذرة ولكن فعّالة.
ويثق الجيش اللبناني بأنه قادر على إعلان جنوب لبنان خالياً من أسلحة حزب الله بحلول نهاية عام 2025، بما يتماشى مع اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى الحرب الإسرائيلية المدمرة مع حزب الله العام الماضي.
قرّرت الحكومة اللبنانية في الخامس من أغسطس نزع سلاح حزب الله، ووضع الجيش اللبناني خطة من خمس مراحل للقيام بذلك. إلا أن الحزب يرفض باستمرار تسليم سلاحه، واصفا قرار الحكومة بأنه "خطيئة".
٥٠ نقلا وأكثر من ٥٠ صاروخاً موجها
وأسفرت عمليات تمشيط الوديان والغابات عن العثور على أكثر من 50 نفقاً ومصادرة أكثر من 50 صاروخاً موجهاً ومئات الأسلحة الأخرى، وفق مصدرين مدنيين لبنانيين مطلعين على عمليات الجيش.
لكن خطة الجيش لم تتضمن في أي وقت تفتيش الممتلكات الخاصة، حسب المسؤولين الأمنيين اللبنانيين. وتشّك إسرائيل في نجاح العملية من دون هذه الخطوة.
وقال اثنان من المسؤولين الأمنيين اللبنانيين إن إسرائيل طلبت مثل هذه المداهمات خلال اجتماعات أكتوبر ضمن "الميكانيزم" وهي لجنة تقودها الولايات المتحدة وتجمع ضباطاً لبنانيين وإسرائيليين لمتابعة تنفيذ اتفاق الهدنة.
وبعد ذلك بوقت قصير، كثفت إسرائيل عملياتها البرية وضرباتها الجوية في جنوب لبنان، وزعمت أنها تستهدف محاولات حزب الله لإعادة التسلح.
ورأت مصادر الأمن اللبنانية أن تلك الضربات كانت تحذيراً واضحاً بأن الفشل في التفتيش بشكل أكثر عمقاً قد يؤدي إلى حملة عسكرية إسرائيلية كبيرة جديدة.
وقال أحد المسؤولين: "إنهم يطالبوننا بعمليات تفتيش من منزل إلى منزل، ولن نفعل ذلك، لن نقوم بالأمور على طريقتهم".
ورفض الجيش اللبناني التعليق، التزاماً بسياساته الإعلامية المعتادة.
إسرائيل نحو التصعيد.. ولبنان يتجنب المواجهة
ولم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على طلب للتعليق، لكن نتنياهو قال في 2 نوفمبر: "نتوقع من الحكومة اللبنانية أن تقوم بما التزمت بهولكن من الواضح أننا سنمارس حقنا في الدفاع عن أنفسنا، لن نسمح بأن يصبح لبنان جبهة متجددة ضدنا وسنتصرف عند الحاجة".
ويخشى الجيش اللبناني من أن ينظر سكان الجنوب إلى مداهمات المنازل باعتبارها خضوعاً لإسرائيل، التي احتلت الجنوب لما يقرب من عقدين حتى عام 2000 قبل أن تعود إليه العام الماضي، وفق ما قال المسؤولون الأمنيون اللبنانيون.
ويخشى لبنان أيضاً من أن تستمر إسرائيل في تغيير الشروط، مما يخلق خطراً دائماً بتصعيد الضربات، ويقوّض محاولات استقرار بلد يعاني من انهيار اقتصادي واضطرابات جيوسياسية، بحسب المسؤولين الأمنيين ومسؤول سياسي.
لكن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إن حزب الله يسرع عمليات إعادة التسلح من داخل ممتلكات في الجنوب والشمال، وإن الجيش اللبناني يفشل في مواجهته.
نقاط تفتيش جديدة في الجنوب
وتنقل إسرائيل معلومات استخباراتية حول مخازن أسلحة مشتبه بها عبر "الميكانيزم" إلى الجيش اللبناني للتعامل معها. كما اتخذت إسرائيل إجراءات مباشرة، خصوصاً ضد نقل أسلحة أو عندما ترى أن الجيش اللبناني لم يتحرك بسرعة كافية، وفق مسؤول عسكري إسرائيلي.
ويؤكد المسؤولون الأمنيون اللبنانيون أن نقاط التفتيش الجديدة التي وضعها الجيش في الجنوب تمنع حزب الله من نقل الأسلحة. وينفي حزب الله أنه يعيد بناء ترسانته في الجنوب.
ولم يعترض الحزب على عمليات الجيش هناك، ولم يطلق النار على إسرائيل منذ وقف إطلاق النار العام الماضي. لكنه أيضاً رفض مراراً نزع سلاحه بالكامل. وقال هذا الأسبوع في بيان علني إن له "الحق المشروع" في الدفاع عن لبنان ضد إسرائيل.
وقال المسؤول العسكري الإسرائيلي إن حزب الله يريد البقاء قوة مهيمنة في لبنان، وهو هدف تشاركه إيران.
مفاوضات مباشرة مع إسرائيل؟
وتحث الولايات المتحدة بيروت أيضاً على فتح قنوات سياسية مع إسرائيل للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وحل النزاع الطويل على الحدود البرية.
وقال المبعوث الأميركي توماس باراك في مؤتمر أمني هذا الشهر: "المسار يجب أن يكون نحو القدس أو تل أبيب لإجراء محادثة."
واقترح أن يقوم الرئيس جوزيف عون "برفع الهاتف والاتصال بنتنياهو ويقول: لننهي هذه الفوضى".
وأبدى لبنان خلال الأسبوع الماضي مجددا استعداده للتفاوض مع اسرائيل من أجل وقف ضرباتها التي بلغت ذروتها الخميس مع استهداف مبان في جنوب لبنان.
وقال الرئيس اللبناني جوزيف عون الخميس إن "التفاوض هو النتيجة المتاحة لوقف الاعتداءات" الإسرائيلية.
ومع اقتراب مرور عام على وقف إطلاق النار الذي أنهى حربا استمرت سنة بين إسرائيل وحزب الله، تواصل إسرائيل شنّ غارات، خصوصا على جنوب لبنان، تقول إنها تستهدف بنى عسكرية وعناصر في الحزب يحاولون إعادة إعمار قدراته. وتبقي قواتها في خمس نقاط حدودية، يطالبها لبنان بالانسحاب منها.
وفي رسالة وجهها إلى المسؤولين والشعب اللبناني الخميس، أعلن حزب الله رفضه أن "يُستدرج" لبنان الى "تفاوض سياسي مع إسرائيل".