صراعات‎

أيامهم معدودة في القدس.. فلسطينيو بطن الهوى على أبواب التهجير

نشر
blinx
في وقت تتلألأ فيه قبة المسجد الأقصى تحت أشعة شمس الخريف المتأخرة، وقف زهير الرجبي على شرفته مطلًا على المدينة القديمة.
الحجاج المسيحيون يتدفقون من الحافلات، والمصلون اليهود يتجمعون أمام الحائط الغربي، بينما تتغير ملامح حيه الفلسطيني "بطن الهوى" بسرعة غير مسبوقة، بحسب تقرير لصحيفة الغارديان رصد الوضع الخطير للفلسطينيين في هذا الحي.
أعلام إسرائيلية ترفرف على بعد أمتار قليلة من منزل الرجبي، لتشير إلى منازل طُرد سكانها مؤخرًا على يد الشرطة الإسرائيلية.
وبعد أكثر من 20 عامًا من النشاط الاجتماعي والمقاومة، بات الرجبي على يقين أن أيامه في الحي الفلسطيني الذي يبعد أقل من ميل جنوب المدينة القديمة، باتت معدودة. فماذا ينتظر الرجبي وغيره من أبناء الحي؟

"نعم خسرنا".. تهجير خلال أسابيع

أوضح الرجبي البالغ من العمر 55 عامًا: "نعم، لقد خسرت، لقد هُزمت، أنا لا أنتظر فقط أن يُؤخذ منزلي، بل كل المنازل هنا ستؤخذ".
ولد الرجبي وعاش في بطن الهوى طوال حياته. منزله المكون من أربعة طوابق بُني على أرض اشتراها جده عام 1965، ويقطنه مع والدته وإخوته وأبناء العائلة، بينهم شخصان من ذوي الإعاقة.
وفي حال رفضت المحكمة الإسرائيلية طلب الرجبي الأخير لاستئناف قضائي، فكل سكان الحي يتوقعون أن يضطروا لمغادرة منازلهم، كما هو الحال غالبًا.
وأضاف الرجبي: "نعلم ما ستكون عليه النتيجة.. لكننا سنقاوم على أي حال. أعتقد أنه خلال هذا الشهر سيضطر جميع الـ52 فردًا منا لإيجاد مكان آخر للعيش."

تزوير باسم التاريخ

لطالما كان حي "بطن الهوى" هدفًا لمنظمات يمينية إسرائيلية تسعى لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على أجزاء من القدس التي احتلت بعد حرب 1967. ومن أبرز هذه المنظمات "عتريت كوهانيم"، التي تصف نفسها بأنها "الرائدة في إعادة الحياة اليهودية إلى قلب القدس القديمة منذ أكثر من 40 عامًا".
تزعم المنظمة أن معظم حي "بطن الهوى" يقع على أرض قرية بُنيت في أواخر القرن التاسع عشر لإيواء يهود فقراء، وتم إخلاؤها لاحقًا في الثلاثينيات على يد السلطات البريطانية، مع وعد بالسماح لهم بالعودة لاحقًا، وهو وعد لم يتحقق.
ووفقًا للقوانين الإسرائيلية، يمكن لليهود استعادة الممتلكات في القدس الشرقية، وهو ما استندت إليه المحاكم الإسرائيلية في قراراتها الأخيرة، والتي تمثل نكسة كبيرة لسكان الحي. وقد حصلت بعض المباني على يد المنظمة عبر صفقات مثيرة للجدل مع أصحابها السابقين.

الحرب سرعت الإخلاء

يربط الرجبي موجة الإخلاءات الأخيرة بالحرب على غزة، قائلًا: "الحرب عامل كبير. لولاها، ربما كنا سنشهد إخلاء واحد كل عشر سنوات بدل خمسة خلال 15 شهرًا. لقد خلقت الحرب جوًا يمكن من خلاله تمرير هذا، جو من الكراهية".
وتضم الحكومة الإسرائيلية الحالية أكثر الوزارات تطرفًا في تاريخ البلاد، وتركز على توسيع المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية والضفة الغربية.

المعركة الأكبر منذ 1967

يشكل الفلسطينيون حوالي 40% من سكان القدس البالغ عددهم نحو مليون نسمة، ويسعى كل من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للحفاظ على الغالبية اليهودية في المدينة.
أحد أهم تحديات الرجبي وأسرته، هو عدم معرفة مكانهم إذا ما أُجبروا على المغادرة، خاصة مع وجود ثلاثة من أبنائه مراهقين.
وتبقى أسرة الرجبي وأهالي "بطن الهوى" أمام معركة قانونية واجتماعية، قد تكون الأكبر من نوعها منذ احتلال القدس الشرقية عام 1967، في مواجهة موجة من الإخلاءات التي تهدد بتهجير عشرات العائلات الفلسطينية من منازلها التاريخية.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة