صراعات‎

تشيرنوبيل.. ضربة روسية تعيد شبح أسوأ كارثة نووية في التاريخ

نشر
AFP
 & 
في إحدى غرف التحكم المهجورة داخل محطة تشيرنوبيل النووية شمالي أوكرانيا، يقف موظف يرتدي خوذة برتقالية محدقًا في جدار رمادي يمتد بلا نهاية من العدادات والشاشات والمقاييس، وهي أدوات صُممت يومًا ما لمنع وقوع الكارثة.
في هذا المكان نفسه، قبل ما يقرب من أربعين عامًا، وقع أسوأ حادث نووي شهده العالم. واليوم، ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، تعيش كييف على وقع خوف متجدد من أن تكون كارثة أخرى مسألة وقت فقط.
في فبراير الماضي، أصاب هجوم بطائرة مسيّرة روسية الغلاف الخارجي لما يُعرف بـ"نظام الاحتواء الآمن الجديد" (NSC)، مخلّفًا فجوة كبيرة في هذا الدرع الوقائي. ويُعد هذا النظام غلافًا خارجيًا حديثًا عالي التقنية، صُمم لمنع انبعاث المواد المشعة إلى الغلاف الجوي، وهو بديل عن الدرع الداخلي المصنوع من الفولاذ والخرسانة، والذي شُيّد على عجل بعد انفجار المفاعل رقم أربعة في أبريل 1986.

"الدرع لا يؤدي وظائفه"

وبعد مرور عشرة أشهر على الضربة، ما تزال أعمال الإصلاح جارية داخل هذه البنية العملاقة التي كلّفت مليارات الدولارات، وقد يستغرق الأمر من ثلاث إلى أربع سنوات إضافية قبل أن يستعيد القبة الخارجية وظائفها الأساسية في مجال السلامة النووية، بحسب مدير الموقع، سيرغي تاراكانوف، في مقابلة مع وكالة فرانس برس من العاصمة كييف.
وأوضح تاراكانوف أن الغلاف الخارجي "لا يؤدي حاليًا وظيفته في احتجاز المواد المشعة داخل المنشأة"، في تأكيد لمخاوف عبّرت عنها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما أن الضربة أثارت شكوكًا جدية حول ما إذا كان هذا الهيكل قادرًا على الصمود لمدة قرن كامل، وهي الفترة الزمنية التي صُمم من أجلها.

مئات الثقوب

وخلال زيارة لصحفيي وكالة فرانس برس إلى الموقع في الصيف الماضي، تبيّن أن الفجوة الكبيرة التي خلّفتها المسيّرة في القبة جرى تغطيتها بشاشة حماية مؤقتة، غير أن نحو 300 ثقب أصغر أحدثها رجال الإطفاء أثناء محاولاتهم السيطرة على الحريق الذي اندلع عقب الضربة ما تزال بحاجة إلى سدّ.
وفي الداخل، تنتشر السقالات في كل مكان، ممتدة حتى السقف الذي يبلغ ارتفاعه نحو مئة متر، بينما لا تزال بقايا متفحمة من الهيكل الواقي متناثرة على الأرض، كما شوهد خلال زيارة أخرى للموقع في ديسمبر.
وكانت القوات الروسية قد سيطرت على محطة تشيرنوبيل في اليوم الأول من الغزو في فبراير 2022، قبل أن تنسحب منها بعد بضعة أسابيع. ومنذ ذلك الحين، تتهم أوكرانيا موسكو مرارًا باستهداف منشآتها النووية، محذرة من أن الضربات الروسية قد تؤدي إلى مأساة نووية جديدة.

مستويات الإشعاع "مستقرة"

وفي سياق متصل، تلجأ أوكرانيا بشكل متكرر إلى خفض إنتاج الطاقة في محطاتها النووية نتيجة الهجمات الروسية على شبكة الطاقة الوطنية.
وفي أكتوبر الماضي، أدى قصف روسي استهدف محطة فرعية قريبة من تشيرنوبيل إلى قطع التيار الكهربائي عن نظام الاحتواء الآمن الجديد. ورغم ذلك، أكد تاراكانوف أن مستويات الإشعاع "بقيت مستقرة وضمن الحدود الطبيعية".
داخل غرفة تحكم حديثة، يراقب المهندس إيفان تيخونينكو عن كثب 19 جهاز استشعار ووحدة كشف، تعمل على مدار الساعة لمتابعة حالة الموقع.
ويشرح تيخونينكو أن جزءًا من أصل 190 طنًا من اليورانيوم الذي كان موجودًا في المحطة عام 1986 "ذاب وتدفق إلى داخل المفاعل وغرفة ما تحت المفاعل، ولا يزال موجودًا هناك حتى اليوم".
وتبقى المخاوف بشأن مصير تشيرنوبيل وما قد يحدث في حال تجدد القصف عالية للغاية.

ضربة واحدة قد تؤدي إلى كارثة

وبحسب مدير الموقع، قد تؤدي ضربة روسية جديدة، أو حتى قصف قوي في محيط المنشأة، إلى انهيار الغلاف الداخلي المضاد للإشعاع.
ويحذر تاراكانوف قائلًا: "إذا أصاب صاروخ أو طائرة مسيّرة الموقع مباشرة، أو حتى سقطت في مكان قريب، فإن ذلك سيتسبب في هزة أرضية مصغرة في المنطقة".
ويضيف بنبرة تحذير: "لا أحد يستطيع أن يضمن بقاء هيكل الحماية قائمًا بعد ذلك. هذه هي التهديدات الرئيسية".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة