فساد
.
غادر الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب البيت الأبيض، في يناير 2021، ليستقر في مقر إقامته الفاخر في فلوريدا وأخذ معه عشرات الصناديق.
وبعد ضغوط لتسليمها إلى الأرشيف الوطني الذي يعهد إليه القانون حفظ جميع الملفات الرئاسية، أعاد بعد عام 15 صندوقا تضم نحو 200 وثيقة سرية.
توجه عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، في يونيو 2022، إلى بالم بيتش فلوريدا لاستعادة 38 وثيقة سرية إضافية بعد أن عثر عليها محامو الرئيس السابق.
قناعة المحققين بوجود المزيد من هذه الوثائق دفعتهم للعودة في أغسطس حاملين هذه المرة أمر تفتيش، وغادروا مع نحو ٣٠ صندوقا تحتوي على 11 ألف وثيقة بعضها يتناول القدرات النووية لدولة أجنبية.
الجمعة، كشف ممثلو الادعاء في الولايات المتحدة عن لائحة اتهام بحق ترمب، شملت 37 اتهاما منها بتعريض بعض الأسرار الأمنية الأكثر حساسية في البلاد للخطر بعد مغادرته البيت الأبيض في عام 2021.
في هذه القضية شخصيات عدة تلعب دورا محوريا أو ثانويا يجب التعرف إليها.
أعاد بعد عام 15 صندوقا تضم نحو 200 وثيقة سرية. أ ف ب
يواجه المساعد السابق لترمب، والت ناوتا، ٦ اتهامات في القضية أيضا.
ممثلو الادعاء قالوا إن ترمب تآمر مع ناوتا للاحتفاظ بوثائق سرية أخذها من البيت الأبيض وأخفاها عن هيئة محلفين اتحادية كبرى.
وكذب ناوتا على مكتب التحقيقات الاتحادي، وفق وصف رويترز، عندما أخبرهم أنه لا يعرف كيف انتقلت بعض الوثائق إلى جناح ترمب في منتجع مار إيه لاغو بينما كان في الواقع متورطا في نقلها هناك من غرفة تخزين، حسب ما ذكرت لائحة الاتهام.
يواجه المساعد السابق لترمب والت ناوتا ٦ اتهامات في القضية. رويترز
المستشار الخاص الأميركي، جاك سميث، الذي يقود الادعاء، قال في بيان مقتضب "قوانيننا التي تحمي معلومات الدفاع الوطني حاسمة في ما يتعلق بسلامة الولايات المتحدة وأمنها، ويجب إنفاذها".
وأضاف: "قوانينا واحدة في هذا البلد وتنطبق على الجميع".
وأعلن ترمب براءته في القضية. ولكن بعد الكشف عن التهم هاجم سميث عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وكتب على منصته للتواصل الاجتماعي التي تحمل اسم "تروث سوشيال" "إنه كاره لترمب "مريض نفسي" مختل لا ينبغي أن يكون معنيا بأي قضية لها علاقة بالعدالة".
وتتناول إحدى الوثائق دعم إحدى الدول الأجنبية للإرهاب بما يتعارض مع المصالح الأميركية.
ونصت لائحة الاتهام على أن هذه المواد الحكومية صادرة عن البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي ووكالات أخرى تابعة للمخابرات.
وقال ممثلو الادعاء إن ترمب أطلع شخصا آخر على وثيقة لوزارة الدفاع وُصفت بأنها "خطة هجوم" على دولة أخرى.
المدعي سميث الذي يترأس تحقيقات بالغة الحساسية بشأن ترمب، محام أميركي ذو خبرة قاد التحقيقات في جرائم الحرب في كوسوفو في لاهاي.
في نوفمبر 2022 بعد وقت قصير على إعلان ترمب ترشحه لسباق البيت الأبيض، عين المدعي العام ميريك غارلاند سميث للإشراف على تحقيقين مستقلين. وقال إن سميث "بنى سمعة كمدع نزيه وحازم".
المستشار الخاص الأميركي، جاك سميث. أ ف ب
في واحدة من القضيتين وجه سميث لترمب اتهامات جنائية معتبرا أنه احتفظ جنائيا بسجلات سرية بعد انتهاء ولايته وتآمر لعرقلة التحقيق.
وقبل أن يصبح واجهة قضية ترمب المثيرة للانقسام بشدة، أمضى سميث سنوات عدة في وزارة العدل ومؤخرا في محاكم دولية.
تخرج سميث من كلية الحقوق بجامعة هارفرد وبدأ عمله في الادعاء في تسعينات القرن العشرين.
وتتضمن سيرته الذاتية عددا من السنوات التي أمضاها في وزارة العدل في مناصب مختلفة منها رئيس قسم النزاهة العامة حيث قاد فريقا مختصا بقضايا فساد وجرائم انتخابية، قبل أن يصبح مدعيا بالإنابة عن المنطقة الوسطى لولاية تينيسي.
وعمل من 2008 حتى 2010 محققا للمحكمة الجنائية الدولية في هولندا، حيث أوكلت له مهمة الإشراف على تحقيقات حساسة تطال مسؤولي حكومات أجنبية في جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية.
وأبرز مهمة له قبل التحقيق المتعلق بترمب كانت في المحكمة الخاصة بكوسوفو في لاهاي حيث قاد التحقيقات والبت في جرائم ارتكبت في الجمهورية الواقعة في البلقان خلال حروب التسعينات التي مزقت يوغوسلافيا، وفق فرانس برس.
ولم يكشف مكتب سميث بعد عن أي من التهم المتعلقة بالتحقيق الثاني المتعلق ترمب حول دوره في اقتحام أنصاره الكابيتول عام 2021.
أفاد مصدر مطلع رويترز، الجمعة، أن القاضية أيلين كانون كُلفت في البداية بالنظر في القضية.
وأضاف المصدر الذي رفض الإفصاح عن هويته أن كانون يمكن أن ترأس المحاكمة أيضا.
وتصدرت كانون التي عينها ترمب في عام 2019 عناوين الصحف العام الماضي عندما حكمت لصالح الرئيس الأميركي السابق في مرحلة محورية من القضية قبل إلغاء الحكم في الاستئناف.
وستحدد كانون أمور عدة من بينها موعد إجراء المحاكمة والحكم على ترمب في حالة إدانته.
ونقلت فرانس برس أيضا عن وسائل إعلام أميركية أنه عهد بالقضية مبدئيا إلى كانون (42 عاما)، وهي قاضية عينها ترمب وأصدرت أحكاما لصالحه خلال مراجعة المحكمة للوثائق التي صودرت عند مداهمة منزل الرئيس السابق في مارالاغو في أغسطس 2022.
أصدرت أحكاما لصالحه خلال مراجعة المحكمة للوثائق التي صودرت عند مداهمة منزل الرئيس السابق في مارالاغو في أغسطس 2022. أ ف ب
في سبتمبر ٢٠٢٢، قدمت وزارة العدل الأميركية استئنافا جزئيا ضد قرار قضائي لوقف مراجعة وثائق تمّت مصادرتها من مقر إقامة ترمب في فلوريدا، مطالبة بمواصلة التحقيق في هذه المواد المصنّفة على أنها سرّية.
مُنع المحققون الفيدراليون وقتها من مراجعة آلاف الوثائق التي صادرها مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) من منزل ترمب المطل على البحر، بعدما وقفت قاضية في صف الرئيس السابق وقررت تعيين حكم مستقل للنظر في الملفات، حسب ما جاء في تقرير فرانس برس وقتها.
وقالت وزارة العدل في الشكوى التي تقدّمت بها أن القاضية أيلين كانون "أخطأت بشكل جوهري بتعيين مشرف خاص وإصدار أمر زجري" لكنها لفتت إلى أنها ستقيّد استئنافها فقط بـ"نحو مئة سجل تحمل علامة سري" عثر عليها في مقر إقامة ترمب، وذلك في سبتمبر ٢٠٢٢.
رص البرلمانيون الجمهوريون على الفور الصفوف حوله.
وقال رئيس مجلس النواب كيفن ماكارثي "أقف مثل كل الأميركيين الذين يؤمنون بسيادة القانون، مع الرئيس ترمب".
بينما رأى جيم جوردان رئيس اللجنة القضائية في المجلس أنه "يوم حزين لأميركا".
ردد حاكم فلوريدا رون ديسانتيس وهو منافس لترشيح الحزب الجمهوري انتقادات ترمب لوزارة العدل.
"يبدو أن هناك اهتماما بمقاضاة ترمب أكثر من السياسيين الآخرين". أ ف ب
ومن دون أن يكون حاسما في موقفه، قال الملياردير إيلون ماسك الذي يتمتع بحضور متزايد على الساحة السياسية، إنه "يبدو أن هناك اهتماما بمقاضاة ترمب أكثر من السياسيين الآخرين".
الديمقراطيون رحبوا بالنبأ وحذروا من خطاب دونالد ترمب. وقال النائب آدم شيف إن ترمب "سيحاول استخدام هذا الاتهام أداة لتحقيق مكاسب سياسية لأن الفوز بالرئاسة قد يكون طريقته الوحيدة لتجنب عقوبة السجن".
وفي الولايات المتحدة، لا يمنع توجيه الاتهام رسميا إلى أي شخص وحتى صدور حكم عليه لارتكابه جنحة أو جريمة، أن يترشح أو يُنتخب أو يشغل منصبا رسميا.
في الولايات المتحدة، يلزم قانون الرؤساء بإرسال جميع الرسائل الإلكترونية والورقية ووثائق العمل الأخرى إلى الأرشيف الوطني.
ويحظر قانون آخر يتعلق بالتجسس الاحتفاظ بأسرار الدولة في أماكن غير مصرح بها وغير آمنة.
عندما غادر البيت الأبيض في يناير 2021 للاستقرار في مقر إقامته الفخم في مارالاغو، أخذ ترمب معه صناديق كاملة من الملفات السرية.
وفقا للائحة الاتهام، ظلت تلك الصناديق مكدسة في إحدى قاعات الحفلات قبل أن تُنقل إلى "غرفة تخزين" يمكن الوصول إليها من حوض السباحة. وهناك شوهدت وثائق تحمل عبارة "سري للغاية" على الأرض.
وتضم لائحة الاتهام صورة تُظهر أكواما من الصناديق وراء مرحاض داخل حمام كبير.
وبحسب لائحة الاتهام، تضمنت الوثائق التي أخذها ترمب "معلومات تتعلق بالقدرات الدفاعية للولايات المتحدة ولدول أجنبية، وبالبرامج النووية الأميركية".
كما تتعلق تلك المعلومات بـ"نقاط ضعف محتملة للولايات المتحدة وحلفائها في حال تعرضها لهجوم عسكري" وكذلك "خطط رد محتمل على هجوم أجنبي".
شوهدت وثائق تحمل عبارة "سري للغاية" على الأرض. أ ف ب
تنقل التطورات الأخيرة في معركة ترمب مع سلطات تطبيق القانون، كما هو الحال مع الكثير من المسائل المتعلقة بالرئيس الأميركي السابق، الولايات المتحدة إلى منطقة غير مسبوقة.
وأمام اتهامات فيدرالية عدة له على خلفية احتفاظه بوثائق حكومية، يضع الرئيس السابق الجمهوري البلد أمام احتمال دخول مرشح فائز، البيت الأبيض وهو لا يزال يواجه اتهامات، أو إدارة الحكومة من السجن.
ورفض الملياردير فكرة الانسحاب من الانتخابات التمهيدية لحزبه، واعتمد في المقابل أسلوبا مفضلا وهو اتهام خصومه السياسيين "الفاسدين" بالتدخل الانتخابي.
وذلك الأسلوب "لن يؤثر على الأرجح على الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم لكنه سيحفز أنصار ترمب ممن قد يترددون أو يتطلعون إلى مرشح مع أعباء أقل" حسب ما قال محلل الأمن القومي والضابط السابق في الاستخبارات مات شوميكر لوكالة فرانس برس.
رفض الملياردير فكرة الانسحاب من الانتخابات التمهيدية لحزبه. أ ف ب
وسيأمل المدعون في كل من القضية الفيدرالية المتعلقة بالوثائق، والتحقيق بشأن احتيال مالي على مستوى الولاية بحق ترمب في نيويورك، في أن يمثل أمام القضاء قبل الانتخابات المرتقبة بعد 17 شهرا.
لكن لا ضمانة في انتهاء أي من القضيتين بسرعة، في وقت يواجه ترمب أيضا تحقيقات فيدرالية وعلى مستوى الولاية بشأن مساعيه في إبطال نتيجة انتخابات 2020.
وحتى لو حُكم عليه بالسجن قبل الانتخابات، فيمكنه قانونا أن يظل مرشحا.
أما من الناحية السياسية، فمن غير المرجح أن يثبط ذلك عزيمة مؤيديه الذي يجمعون حتى الآن على تعرضه لمكيدة سياسية.
ستكون نتيجة الانتخابات حينئذ حاسمة: فالانتصار المحتمل سيحميه من السجن.
لا يزال ملف المحكمة غير معلن، لكن أحد محاميه عرض تفاصيل سبع تهم على شبكة سي إن إن.
إحدى التهم هي "الاحتفاظ بوثائق تتعلق بالأمن القومي"، وتستند إلى قانون بشأن التجسس سُنّ عام 1917 يحظر الاحتفاظ بأسرار الدولة في أماكن غير مرخصة وغير مؤمنة.
لإدانته بهذه التهمة التي تصل عقوبتها إلى السجن عشر سنوات، سيتعين على المدعين العامين إثبات أنه يعرف شروط الاحتفاظ بوثائق سرية.
وفي تسجيل صوتي يعود إلى يوليو 2021 كشفت عنه شبكة سي إن إن، تباهى ترمب بأن بين يديه وثيقة "سرية للغاية".
من التهم الأخرى "عرقلة سير العدالة" ويعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 20 عاما. أ ف ب
من التهم الأخرى "عرقلة سير العدالة" ويعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 20 عاما.
ويتعين على المدعين العامين إثبات أن دونالد ترمب حجب المعلومات عن المحققين عمدا، بما في ذلك أثناء زيارتهم إلى إقامته مارالاغو في فلوريدا في يونيو 2022.
ويرتكز المدعون على صور التقطتها كاميرات المراقبة في اليوم السابق لزيارتهم، ويظهر فيها موظفون ينقلون صناديق، حسب العديد من وسائل الإعلام.
يواجه الملياردير الجمهوري أيضا عقوبة تصل إلى السجن خمس سنوات بتهمة "شهادة الزور".
ويبدو أن هذه التهمة مرتبطة برسالة بعث بها محاموه إلى وزارة العدل وتضمنت تصريحات غير دقيقة.
يواجه الملياردير الجمهوري أيضا عقوبة تصل إلى السجن خمس سنوات بتهمة "شهادة الزور". أ ف ب
تم استدعاء ترمب للمثول أمام محكمة فيدرالية في ميامي الثلاثاء الساعة 15,00 (19,00 ت غ) ستخطره رسميا بالتهم الموجهة إليه.
من المتوقع أن يدفع ببراءته في هذه الجلسة.
كما ستحدد القاضية كانون الشروط الواجب احترامها أثناء انتظاره المحاكمة، ومن المستبعد للغاية أن تطلب وضع الرئيس السابق في التوقيف الاحتياطي، وفق فرانس برس.
وسيتناقش الادعاء والدفاع للاتفاق على النقاط الفنية، لا سيما بشأن الحديث عن المعلومات المتعلقة بالوثائق السرية.
سيحاول المدعون بلا شك المضي في أسرع وقت ممكن إلى المحاكمة قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2024.
تم استدعاء ترمب للمثول أمام محكمة فيدرالية في ميامي الثلاثاء الساعة 15,00 (19,00 ت غ). أ ف ب
لتجنب نقاش طويل بشأن اختصاص المحكمة، نقل المدعون الملف إلى ميامي رغم أنه تم الاستماع إلى ترمب في واشنطن.
لكن إجراء المحاكمة في فلوريدا حيث يحظى الجمهوري بصورة أفضل بكثير من واشنطن، سيلعب ضد المدعين عند اختيار أعضاء هيئة المحلفين. وبدأ قطب العقارات الجمعة بتعيين محامين جدد لقيادة المعركة.
ودافع قطب العقارات السابق الذي يتقدم حاليا بفارق كبير عن المتنافسين الآخرين لكسب ترشيح الحزب الجمهوري، باستمرار عن نفسه من تهمة الاختلاس ويعتبر أنه ضحية "اضطهاد سياسي".
وقال في تسجيل فيديو نشر على تويتر مساء الخميس "أنا بريء ولم أرتكب أي خطأ"، مدينا "تدخلا انتخابيا على أعلى مستوى".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة