ضريبة الدخل في لبنان.. مأساة جديدة تضرب جيب الموظفين

لدى عبداللّه ناجي، الذي يعمل في إحدى المرافق العامّة، ولديْن، يتعلّم كلاهما في مدرسة حكومية، إلا أن الابن الأكبر، أحمد، يستعد للالتحاق بالجامعة، وقال لبلينكس بغصّة: "للأسف، ليس لأحمد الكثير من الخيارات، إذ تُكبّد أقساط الجامعات الخاصّة أعباء ثقيلة جداً!"

لذا، يسعى ناجي جاهداً لتوفير مستقبل مريح لولديه بجمع فتات راتبه، إلا أن اقتطاع المزيد من دخله بسبب ضريبة الدخل أعاده إلى نقطة الصفر مجدداً.

بناءً على ذلك، اعتبر النائب اللبناني، ياسين ياسين، القرار مجحفًا بحق موظفي القطاع العام الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية الفاقدة لأكثر من 90 بالمئة من قيمتها. وبعد حضوره عددًا من جلسات لجنة المال والموازنة، خلص ياسين إلى هذه النتيجة، مؤكدًا على التأثير السلبي الذي يترتب على هذا القرار على العاملين في القطاع العام.

وأردف قائلاً: "يبدو أن الخطة الحالية لم تخضع لدراسة شاملة، لأنه أيضاً ينعكس سلباً على موظفي نهاية الخدمة".

القانون الحديث، والذي دخل حيّز التنفيذ، لن يرحم أحداً، وفقاً لما قالته المحاسبة سمر دياب لبلينكس، لكن سيقع العبء الأكبر على أصحاب الدخل المحدود، إضافة إلى الموظفين الذين ما زالوا يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية.

وأكدت دياب، أنه حتى لو كانت الضريبة مخفّضة على هؤلاء، إلاّ أن الدخل سيبقى محدوداً جداً لأنه في الأصل، الرواتب متدنيّة، حتى لو كانت تدفع بالدولار، بِفعل استمرار الغلاء المعيشي وارتفاع أسعار المواد الغذائية والحاجات المنزلية الأساسية.

ربما النقطة الإيجابية الوحيدة التي أحدثتها هذه التعديلات، هي سد الفجوة بين الأشخاص الذين يستلمون رواتبهم بالدولار الأميركي، المعروفة بـ "الفريش" دولار، والذين يعتمد دخلهم على الليرة اللبنانية.

فمنذ العام 2022، تفرض الموازنة ضريبة دخل على سعر صرف يبلغ 15 ألف ليرة لبنانية، وبالتالي كانت مربحة لأصحاب الدخل بالعملة الصعبة، خاصة وأن سعر الصرف الرسمي وصل إلى 89 ألف و500 ليرة لبنانية.

في غضون ذلك، قالت هديل حدرج، من بلدة البازورية جنوب لبنان، وهي الموظّفة في شركة خاصة وتتقاضى راتبا لا يزيد عن ألف و200 دولار أميركي، إن القرار غير عادل، وأضافت لـبلنيكس: "أنا المعيلة الوحيدة لعائلتي، وأخي يدرس في المعهد وأنا المسؤولة عن التكاليف".

وأشارت هديل إلى أن والدها أُحيل إلى التقاعد منذ 3 أعوام تقريباً، ووالدتها تعمل في القطاع الرسميّ، فلا يكفي الراتب لتسديد فواتير الأدوية أو المتطلبات اليومية. وبالتالي، سقطت الفرضية المبنية على أن أصحاب الدخل بالدولار لن يؤثر عليهم التعديل الجديد، وهذا ما أكده النائب ياسين أيضاً لبلينكس.

لم تتطرّق الشركة التي تعمل فيها هديل إلى تحميل الموظفين ضريبة الدخل بعد، لكنها تعطيهم بعض التلميحات عبر موظفة المحاسبة مع نهاية كل شهر. للمحاسبة سمر دياب، رأي آخر، إذ اعتبرت أن المواطن ذو الدخل بالعملة الخضراء لن يتأثر كثيراً، حيث يصرّف أمواله من الدولار إلى الليرة على سعر صرف 89 ألف و500 ليرة. لذا، مهما بلغت قيمة الضريبة، فلن تؤثر على مدخوله الصافي، ما لم يكن لديه عائلة وراتبه ويتجاوز راتبه الألفي دولار.

لفت النائب جابر إلى المشاكل التي حصلت بين الضمان الاجتماعي المسؤول عن توفير الحماية الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، من جهة، ووزارة العمل من جهة أخرى.

ففي حين أجبرت وزارة العمل الضمان الاجتماعي على تسجيل كل الموظفين الذين يتقاضون 15 مليون ليرة لبنانية، رفضت إدارة الضمان ذلك وفرضت تسجيل فقط الموظفين الذين يتقاضون 20 مليون ليرة لبنانية وما فوق.

وسط الصراع بين الطرفيْن، تجمّد العمل في إدارة الموارد البشرية داخل الشركات، وبقي عدد غير محدّد من الموظفين غير المسجلّين في الضمان لفترة، بسبب ضياع الشركات بين قرار وزارة العمل، وقرار الضمان الاجتماعي.

تُقر الموازنة العامة في لبنان وفقاً للمادة الثالثة من قانون المحاسبة العمومية، الذي يعرّف الموازنة بأنها صك تشريعي تقدّر فيه نفقات الدولة وإيراداتها عن سنة مقبلة وتجاز بموجبه الجباية والإنفاق، بحسب موقع وزارة الإعلام الرسمي.