فساد

فضائح "بذخ" في برلين.. قهوة وسيارات من أموال اللاجئين

نشر
blinx
في قلب برامج إعادة توطين اللاجئين الأفغان في ألمانيا، ظهرت فجوة كبيرة بين الهدف والواقع. تقرير لمحكمة المحاسبات الاتحادية الألمانية أضاء على هدر غير متوقع للأموال العامة على مدى ٣ سنوات، حيث انطلقت المصروفات الباذخة من المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF)، لتشمل آلة قهوة فاخرة وسيارات مستأجرة.
وتساءلت صحيفة دير شبيغل الألمانية، الخميس، ساخرة: لماذا احتاج مكتب يُقيّم الأفغان الذين ينبغي قبولهم في ألمانيا عبر برنامج الاستقبال الاتحادي إلى آلة قهوة بقيمة 200 يورو؟ ليس مرة واحدة فقط، بل شهريا، لأن الآلة كانت مستأجرة وليست مُشتراة. ولماذا دفع ثمنها، بالإضافة إلى ثمن حبوب البن و"طبقة رغوة الحليب؟".
يتزامن صدور التقرير مع وصول 14 مواطنا أفغانيا على طائرة من إسطنبول إلى مدينة هانوفر شمالي ألمانيا، الخميس، لتكون المجموعة الـ٣ التي يوافق على إعادة توطينها وتصل إلى البلاد منذ تولي المستشار الألماني فريدريش ميرتس السلطة في مايو الماضي.
وتعهدت الحكومة الألمانية في اتفاقها الائتلافي بإنهاء برامج القبول الاتحادية الطوعية مثل تلك الخاصة بأفغانستان وعدم استحداث برامج جديدة.

رواتب ضخمة وسفريات

المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين الممول من أموال عامة، بلغ مجموعها 8.4 ملايين يورو على مدى ٣ سنوات، لم يُعر اهتماما كبيرا لكيفية إنفاق الأموال، وفق ما جاء في تقرير محكمة المحاسبات الاتحادية.
وفحصت المحكمة في هذا التقرير كيفية عمل الوكالة، التي كُلِّفت من قِبل وزارة الداخلية بإدارة برنامج الاستقبال الاتحادي (BAP).
ويشير تقرير المحكمة إلى أنّ الإنفاق الباذخ لم يقتصر على القهوة.
فوفقا لمحكمة المحاسبات، كان المدير الإداري يتقاضى راتبا مُبالغا فيه، وقد تمّ شراء ٣ مطابخ واستئجار ٣ سيارات، لطاقم عمل مكوّن من 29 موظفا.
وأوضح التقرير أنّ ما كان من المفترض أن يكون عليه "إطار تخصيص الميزانية الديناميكي"، المُدرج في خطة التمويل بمبلغ 20 ألف يورو، لم يكن واضحا للمدققين.
وتساءل المدققون عن سبب إنفاق مكتب تنسيق في برلين 3 آلاف يورو على مولّد كهربائي وعن سبب تخصيص 120 ألف يورو للموقع الإلكتروني.
كما طالب المدققون بتفسير لنفقات سفر بالغة 68 ألف يورو للأشهر الـ٣ الأولى من عام 2022، بالنظر إلى أنّ عدد موظفي المنظمة كان ٥ موظفين فقط آنذاك. وينطبق الأمر نفسه على النفقات اللاحقة البالغة 47 ألف يورو للإعلان والعلاقات العامة، و24 ألف يورو على "الموادّ الاستهلاكية".

التكاليف مقبولة من دون نقاش؟

وانتقد التقرير الإنفاق الحاصل من دون نقاش أو تدقيق من مسؤولي المكتب. وجاء في التقرير "لم تُشكّل هذه مشكلة للوكالة لفترة طويلة: "قبل المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF).. نفقات من دون نقاش، كانت بوضوح غير مؤهلة للتمويل على الإطلاق، أو غير مؤهلة له إلى هذا الحدّ".
وأشار التقرير إلى "الموافقة التلقائية" على الطلبات موضحا أن المكتب وافق على هذا الإنفاق وصرف كامل مبلغ التمويل.
ونقلت دير شبيغل أنّ وزارة الداخلية الاتحادية (BMI) والمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF) أبدى تفهما إزاء تساؤلات المدققين، حيث أعلنت الوزارة أنّ المكتب سيطالب بسداد المبلغ مع الفائدة. ومن المرجح أيضا أن يكون لمبلغ يقارب مليون و400 ألف يورو، الذي أُنفق على إصلاح ثقب في جدار أحد المكاتب، دورٌ في ذلك. وأوضح ديوان المحاسبة أنّ هذه الإصلاحات تقع على عاتق المالك، وليست على عاتق الموازنة العامة.

التدقيق الثاني ورقابة شبه معدومة

أشارت دير شبيغل إلى أنّ تقرير التدقيق هو الثاني خلال فترة قصيرة الذي يتناول مكتب تنسيق برنامج الاستقبال الاتحادي والمنظمة الراعية له.
وكان البرنامج أُطلق في خريف عام 2022، بعد استيلاء حركة طالبان على السلطة، وكان من المقرر أن يُحضر ألف أفغاني من الفئات الأكثر ضعفا إلى ألمانيا شهريا. وبسبب عدم تمكنهم من تقديم طلباتهم بأنفسهم، فقد قُدّمت المقترحات عبر ما يُسمى بالمنظمات غير الحكومية، العاملة في أفغانستان.
وكان من المفترض أن تُجمع طلباتهم وتُرسل إلى مكتب التنسيق في برلين، الذي أنشأته وزارة الداخلية الاتحادية خصيصا لهذا الغرض، حيث تُراجعها بنفسها. إلّا أنّ الوزارة أسندته إلى منظمة غير حكومية أخرى، والتي، وفقا للديوان الاتحادي للمحاسبة، كانت "مُمولة بسخاء شديد، لكنها كانت شبه معدومة الرقابة".

وصول مجموعة ثالثة من اللاجئين الأفغان إلى ألمانيا

والخميس هبطت طائرة قادمة من إسطنبول تحمل 14 مواطنا أفغانيا قادمين من باكستان في مدينة هانوفر شمالي ألمانيا، لتكون المجموعة الـ٣ التي يوافق على إعادة توطينها وتصل إلى البلاد منذ تولي المستشار الألماني فريدريش ميرتس السلطة في مايو الماضي.
وتمّ نقل مجموعات سابقة من الأفغان المؤهلين بموجب برامج القبول الألمانية المخصصة للأشخاص المعرضين للخطر بشكل خاص إلى هانوفر ثمّ تمّ توزيعهم لاحقا في جميع أنحاء البلاد.
ولطالما أكّدت وزارة الداخلية الألمانية أن جميع الأفغان الذين تمت الموافقة على دخولهم يخضعون لفحص كامل وفحوصات أمنية قبل دخول البلاد.
وتقطعت السبل بالعديد من العائلات الأفغانية في العاصمة الباكستانية إسلام أباد لأشهر أو سنوات، في انتظار فرصتهم للمغادرة. وقد قامت حكومة الائتلاف التي يقودها المحافظون في ألمانيا بتعليق برنامج إعادة التوطين الخاص بالأفغان المعرضين للخطر بشكل خاص في مايو.
وكان البرنامج يشمل الموظفين المحليين السابقين للمؤسسات الألمانية، وأقاربهم، وغيرهم ممن يخشون الاضطهاد من قبل طالبان، مثل المحامين والصحفيين.
ولا يزال بعض الأفغان يحصلون على تأشيرات دخول رغم التعليق، وذلك بعد نجاحهم في رفع دعاوى قضائية في المحاكم الألمانية لفرض حقهم في الدخول. ويتم دعم العديد من هذه القضايا من قبل مجموعة الإغاثة "كابل إيرليفت".
وبحسب الحكومة الألمانية، يوجد حاليا في باكستان نحو 1910 أشخاص يحملون موافقات استقبال أو إقرارات استقبال ضمن إجراءات الاستقبال الخاصة بأفغانستان، من بينهم نحو 220 أفغانيا من الموظفين المحليين السابقين، ونحو 60 أفغانيا مدرجين على "قائمة حقوق الإنسان"، ونحو 600 أفغاني من ما يسمى برنامج الجسر، ونحو 1030 أفغانيا من برنامج الاستقبال الألماني الاتحادي لأفغانستان.
وتعهّدت الحكومة الألمانية في اتفاقها الائتلافي بإنهاء برامج القبول الاتحادية الطوعية مثل تلك الخاصة بأفغانستان وعدم استحداث برامج جديدة.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة