مثل هذا الشهر قبل نحو خمسين عاما حمل اللص جان إريك أولسون سلاحه الآلي ليقتحم بنكا في قلب العاصمة السويدية ستوكهولم لتبدأ مواجهة مع الشرطة، أدت في النهاية إلى واحدة من أشهر الظواهر النفسية: متلازمة ستوكهولم.

تعرف هذه المتلازمة التي أخذت اسمها من المدينة بأنها الرابطة التي يمكن أن تنشأ بين الرهائن وخاطفيهم في بعض الحالات، وقد يتعاطف الرهائن مع خاطفيهم وقضيتهم بل وقد ينقلبون على الشرطة.. فماذا حدث؟

رهائن أولسون

أولسون في مواجهته مع الشرطة، تحصن باتخاذ ٤ رهائن من موظفي البنك وسترة واقية مطالبا بمبلغ 3 ملايين كرونة وإطلاق سراح زميله السابق في السجن كلارك أولوفسون، وسيارة للفرار.

أمام شاشات التليفزيون وعلى الهواء مباشرة جلس الجمهور السويدي يشاهدون محاولات الشرطة بل ورئيس الوزراء حينها "أولوف بالمه" إقناع أولسون، وأولوفسون بالاستسلام لكن المفاجأة كانت في الرهينة "كريستين إنمارك".

عبر الهاتف، فاجأت كريستين رئيس وزراء بلادها بتعاطفها مع الخاطفين وخوفها من الشرطة وناشدتهم بالاستجابة لمطالب الخاطفين، بل أشارت في وقت لاحق بحسب أسوشيتد برس أنها طورت علاقة مع أولوفسون التي اعتبرت أنه الضامن لسلامتها.

انتهت الواقعة بعد عدة أيام باقتحام البنك والقبض على أولسون وأولوفسون وتحرير الرهائن بعد استخدام الغاز المسيل للدموع ووقوع إصابتين بين صفوف الأمن لكن الظاهرة النفسية ظلت لافتة للنظر.

صاحب المصطلح

خلال المواجهة كان عالم الجريمة والطبيب النفسي نيلس بيجيروت يقدم المشورة للشرطة ليدرس رد فعل كريستين ليطلق مصطلح "متلازمة نورمالمستورج" نسبة إلى الميدان الواقع في قلب ستوكهولم وليتحول المصطلح عالميا إلى اسم عاصمة السويد.

توفي بيجيروت قبل ٣٥ عاما لكن المصطلح الذي أوجده تحول إلى ظاهرة مهمة بشكل لم يتوقعه بحسب ابنته سوزان، التي تحدثت لأسوشيتد برس.

من ضحية إلى مجرمة

في العام التالي، لحادثة ستوكهولم وقعت باتي هيرست وريثة واحدة من إمبراطوريات الإعلام تحت يد جماعة "جيش التحرير" اليسارية التي اختطفتها وهي ابنة ١٩ ربيعا في الولايات المتحدة لتتعرض للتعذيب والاعتداء لكن ما حدث لاحقا كان مفاجأة.

انضمت هيرست للجماعة التي اختطفتها فتركت عائلتها وظهرت حاملة السلاح ومن ورائها شعار جيش التحرير الذي انضمت إليه في عملية سرقة للبنوك وفقا للـFBI، ليتم القبض عليها عام ١٩٧٥ ويحكم عليها بالسجن ٧ سنوات قبل أن يخففه الرئيس السابق كارتر، ويعفو عنها لاحقا بيل كلينتون.

بين الحقيقة والخيال

رغم الحديث الطويل عن الظاهرة وحوادث أخرى ترتبط بها فلم يتم إدراج متلازمة ستوكهولم ضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية التابع للجمعية الأميركية للطب النفسي أو دليل التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض والمشاكل الصحية ذات الصلة التابع لمنظمة الصحة العالمية.

وبحسب أسوشيتد برس يتساءل بعض الخبراء عما إذا كانت هذه حالة نفسية على الإطلاق أم أنها مجرد استراتيجية للبقاء على قيد الحياة – وهي اختيارات عقلانية يتخذها بعض الأشخاص مع مواجهة الأخطار.

أكثر وأكثر عن..

صاحب مصطلح "متلازمة ستوكهولم"

رغم ارتباط اسم عالم النفس السويدي نيلس بيجيروت بمتلازمة ستوكهولم كونه من صك المصطلح فإن أشهر إنجازاته يرتبط بمجال إدمان المخدرات، فقد كان رائدا في دراسة تعاطي المخدرات في المجتمع المعاصر.

وبحسب واشنطن بوست فإن الدكتور بيجيروت حصل على اعتراف واسع النطاق في تطوير وبائيات تعاطي المخدرات والتحقيق في طرق الوقاية من الإدمان على الأمفيتامينات والهيروين والكوكايين والمخدرات الأخرى.