أمين معلوف.. العربي الذي يصون ثقافة الفرنسيين

أمين معلوف (74 عاماً) هو كاتب فرنسي من أصل لبناني، حائز جائزة غونكور عام 1993 عن روايته "صخور طانيوس". وهو أحد وجوه الروايات التاريخية المُستلهمة من الشرق، وركّز في أعماله على مسألة تقارب الحضارات.

من أبرز أعمال معلوف التاريخية، كتاب "الحروب الصليبية كما رآها العرب"، الذي رصد فيه وجهة نظر الطرف العربي والشرقي، وكيف نظر إلى الحملات العسكرية التي استمرت على مدى نحو قرنين في المنطقة وكان لها تأثير بالغ في مرحلة لاحقة.

في السياق التاريخي نفسه، أصدر معلوف واحدة من أبرز رواياته وهي "ليون الأفريقي"، وهو لقب أُطلق على الحسن بن محمد الوزان الزياتي الفاسي الذي كان معروفا بتقديم وصف جغرافي للأماكن التي زارها، عبر كتابه (وصف أفريقيا).

وتطرق معلوف إلى سيرة الحسن الذي عايش سقوط الأندلس ومحنة الموريسكيين المطرودين عقب حروب الاسترداد المسيحية.

حصلت عملية الانتخاب بصورة مغلقة، خلال الجلسة الأولى للأكاديمية بعد العودة من الإجازة.

وقالت وزيرة الثقافة ريما عبد الملك، وهي أيضاً فرنسية من أصل لبناني، لدى وصولها إلى مقر الأكاديمية بعد الانتخابات "إنه اختيار ممتاز" في إطراء منها على الكاتب الذي وصفته بأنه يحمل "رمزية رائعة لجميع الناطقين بالفرنسية في العالم".

وسيعفى الأمين الدائم الجديد على الفور من المهمة التي كرست لها إيلين كارير دانكوس الكثير من الطاقة، وهي إكمال الطبعة التاسعة من قاموس الأكاديمية، لأن المهمة أوشكت على الانتهاء.

سيكون على أمين معلوف حمل ثقيل في مسألتين مهمتين:

١- الشؤون المالية: فالأكاديمية الفرنسية كغيرها من فروع معهد فرنسا، تعاني من وضع مالي حساس، لأنها تعيش على عائدات أصولها المالية، وعلى المنح والهدايا.

٢- دمج العناصر الشابة والنساء في الأكاديمية: تتألف الأكاديمية الفرنسية من 28 رجلاً و٧ نساء، وهناك خمسة مقاعد شاغرة في الأكاديمية الفرنسية حالياً. لكن فرانس برس تشير إلى صعوبة واضحة في انتخاب أعضاء أصغر سناً، وهو ما تجلى في فشل ضمّ فريديريك بيغبيدير أو بونوا دوتورتر إلى الأكاديمية عام 2022، عن عمر 57 و62 عاماً على التوالي.

لم يكتف معلوف بالحروب الصليبية، بل له قول آخر في الهوية، عبر كتابه "الهويات القاتلة" الذي لقي نجاحا منقطع النظير، وكان صدوره بالعربية عن طريق ترجمة لنهيلة بيضون.

سعى معلوف لأن يرصد في كتابه، كيف تتشكل الهوية، وكيف تطفو إلى السطح، مع التشديد على عنصر محوري وهي أن هوية المرء ليست ثابتة وإنما متحولة، وخاضعة لتقلبات تاريخية ونفسية وزمنية.

ورغم أن كتاب الهويات القاتلة صدر عام ١٩٩٨، إلا أنه يبدو صالحا ومعينا على فهم ما يعتمل في أوروبا، في الوقت الراهن، وهي تشهد عودة قوية لحسابات الهوية وفورة اليمين وسجالات العلمانية، في حين كان مفترضا أن أوروبا قد طوت صفحة التجاذب بين الدين والسياسة.

ولم يحصر معلوف نفسه في الشرق والغرب، بل راح يجوب طريق الحرير في آسيا الوسطى عبر روايته "سمرقند"، التي صور فيها حياة الشاعر عمر الخيام المعروف برباعياته، ثم عرض أحوال الدولة السلجوقية، وسيرة زعيم الحشاشين حسن الصباح، في عمل تضافرت فيه عناصر التاريخ والسياسة والأدب والتصوف.