الصابئة بالعراق.. ديانة تبحث عن "الأمان"

تعد الطائفة المندائية أو الصابئية من أقدم الديانات في العراق، إذ تمتد بجذورها إلى أكثر من 2000 عام.

والمندائية هي ديانة غير تبشيرية، ولا تؤمن بدخول أحد إليها، وتحرم الزواج من خارج معتنقيها. ومن بين طقوسها الصلاة والصوم والصدقة، والتعميد؛ وهو أحد أهم أركانها.

ويشتق اسم الصابئة من الفعل الآرامي "صبا"، الذي يعني تعمد أو اصطبغ أو غطس في الماء، وهو ما يُجرَى في طقوس التعميد، التي تدخل في الكثير من المناسبات لدى هذه الطائفة مثل الأعياد والزواج والوفاة.

وبسبب قدم تاريخهم وتعرضهم لنكبات عديدة على امتداد المراحل الزمنية، لا يملك المندائيون تاريخا مدونا للحديث عن ماضيهم، إذ تم إتلاف وحرق مدوناتهم بمرور السنين بسبب الاضطهاد الذي تعرضوا له.

ويتحدث رئيس مجلس شؤون الطائفة أكرم سلمان عن تاريخ الصابئة وبدايات وجودهم، مشيرا إلى أن "النظريات العديدة تختلف حول أصولنا، ومنها روايات توضح قدوم الصابئة من فلسطين نتيجة تعرضهم للاضطهاد، ونزوحهم إلى حران وجنوب العراق، تحديدا قرب الأهوار، في حين تؤكد روايات أخرى أن أصل خليقتهم بدأ قرب نهري دجلة والفرات، لارتباط جميع طقوسهم الحياتية بالماء".

ويرى الصابئة أنهم جذر التوحيد الأول، ويعتبرون أن سيدنا آدم هو النبي الأول لهم، وبعده ابنه النبي شيت، ويحظى بمكانة كبيرة جدا بين أبناء الطائفة.

ويتبع المندائيون كتاب "كنزا ربا" أو الكنز الكبير، الذي يحوي صحف آدم الأولى وتعاليمه باللغة الآرامية الشرقية التي تُعد لغة الصابئة، ويحوي الكتاب قسمين:

● الأول: خاص بالأمور الدنيوية من وصايا وحكم ومفاهيم.

● الثاني: خاص بالنفس بعد وفاتها ورحلتها من "الجسد الفاني".

استوطن المندائيون تاريخيا جنوب العراق، خاصة محافظة ميسان. ونظرا إلى أهمية الماء في عقيدتهم، فقد تركز استقرارهم حول الأنهار.

ويحتفلون سنويا بـ4 مناسبات دينية، هي أعياد الخليقة، والازدهار، والتعميد الذهبي، والعيد الكبير.

ويستخدم أبناء الصابئة التعميد أيام الأعياد وفي الزواج والوفاة، كما يتم تعميد الأواني في ماء النهر الجاري، ويرتدون ملابس خاصة بيضاء في أثناء التعميد.

في بداية الثمانينيات كان عدد أبناء هذه الأقلية في العراق أكثر من 100 ألف، بحسب مراجعهم، وقبل إسقاط نظام صدام حسين في 2003 لم يكن قد بقي منهم في العراق أكثر من 35 ألف نسمة، موزعين في 6 مدن كبرى، هي بغداد وأربيل والديوانية والكوت والعمارة والبصرة.

ويترأس هذه الطائفة الشيخ ستار جبار الحلو، ورتبته الدينية "ريشما"، أي بمعنى رئيس أمة، وعائلته تقيم في أستراليا، إذ توجد أكبر جالية للصابئة في العالم.

ويقول الشيخ ستار جبار الحلو زعيم طائفة "الصابئة المندائيين" في العراق والعالم، إنهم واجهوا ممارسات تمييز قائمة على أساس المذهب والعرق في جميع المؤسسات الحكومية العراقية.

وأضاف الحلو، أن عدد أتباع الطائفة في العراق "كان يبلغ نحو 75 ألف شخص قبل عام 2003، إلا أن الرقم تراجع إلى 15-20 ألفا بسبب عمليات التهجير".

كثيرا ما اتهم الصابئة باتهامات عديدة، نتيجة لانغلاقهم وعدم كون ديانتهم تبشيرية.

ويشير المختص بالشؤون المندائية وئام الزهيري، إلى أن أركان الديانة المندائية وعباداتها 5، وهي:

● التوحيد بالله.

● الصلاة بـ5 أوقات.

● الصدقة.

● الصوم على دفعتين: الصوم الكبير طوال أيام السنة عن النميمة والكره وفعل الكبائر والمعاصي، والصوم الصغير لمدة 36 يوما عن تناول اللحوم ومشتقاتها، بحسب الزهيري.

أما عن سبب المفاهيم الخاطئة عن الطائفة، فيقول الزهيري، إن ذلك "يعود إلى انغلاق الديانة، وكونها غير تبشيرية، ولعدم وجود مدارس دينية خاصة بها، ما فتح الباب أمام مفاهيم خاطئة حول الديانة".