طقوس "الكسّابة" في "شاطئ العوانس".. عادة جزائرية بـ4 روايات

في تمام دخول الساعة الأولى لفصل الربيع تسابق كثير من عازبات مستغانم الجزائرية الزمن مع ثواني الفصل قبل انتهائه لإقامة طقوس عادة تراثية قديمة تسمى "الكسّابة" على متن شاطئ اسمه "سيدي المجذوب"، حاملات معهن "آلام الخوف من استمرارية العنوسة".

يقول الدكتور فاضل عبد القادر في تصريح لبلينكس إن "قصة الكسابة في مستغانم المتوارثة عبر الأجيال، مرتبطة بالولي الصالح سيدي المجذوب وأن كلمة "كسّابة" تعني كَسَب أو ظفر شيئا ما".

عن تاريخها يشير الباحث في التاريخ في حديثه إلى أن بعض الدارسات تعيدها إلى الفترة العثمانية وأخرى إلى ما قبلها، أي منذ أكثر من 6 قرون، مؤكدا "أنه لحد الآن لم يحدد تاريخ دقيق عن هذه قصة الكسابة".

ويذّكر بن عالية بن ذهبية، وهو أحد سكان مدينة مستغانم لبلينكس بأن الزوايا في مستغانم التي كانت لتحفيظ القرآن الكريم منذ القدم، تحولت إلى أماكن مقدسة لمن تخرّج منها.

وفيما يخص تفاصيل طقوس عادة "الكسّابة" قال محمد مداح، وهو أحد المهتمين بالتراث لبلينكس إن قاصدي الشاطئ "يحضرون معهم الشموع، ومنهم من يجلب معه قطعة من القماش ويعلقها بجانب واحدة من صخور البركة، وآخرون يفضلون التصدق بالأكل التقليدي في المكان".

ويضيف على ذلك بعض أهالي المدينة لبلينكس: "تأتي تلك الفتاة التي فاتها سن الزواج مع والدتها، يقطفن أي نبتة وباقة من الورد الأصفر صغير الحجم ويضعونها في محفظة، ثم ينزلون إلى البركة بعد المرور على الصخور المحيطة بها ومنهم من تضع رجليها في الماء تبركاً بمائها ويشرعون في التمني، بأن تدعو الأم بأن تتزوج ابنتها، وتتمنى البنت الزواج".

وبعد العودة للمنزل، تقوم الفتاة العزباء بوضع كمية من الحناء والسكر في قطعة من القطن ملفوفة في القماش وتضعها في "الجْهاز"، وهي ملابسها التي حضرتها للزواج، أو تضعه في صندوق به الذهب الذي تنوي استعماله خلال حفل زفافها.

كشفت زبيدة رايس، إحدى ساكنات مستغانم لبلينكس عن أصول عادة "الكسّابة" المرتبطة بروايتين اثنتين متوارثتين.

الأولى: "يقال فيها إنه أثناء موكب زفاف إحدى العرائس منذ عدة قرون وعند المجيء بها إلى شاطئ سيدي المجذوب سقطت وغرقت في بِركة لصيقة بالشاطئ وبقيت منذ ذلك التاريخ مفقودة".

أما الرواية الثانية بحسب زبيدة ملخصها أنها لـ"فتاة لم يتقدم لخطبتها أي شخص، فقصدت شاطئ سيدي المجدوب ودعت الله أن يرزقها بزوج، وعند رجوعها إلى منزلها وجدت ضيوفاً تقدموا لخطبتها".

وأضاف بن عبد الله بلقاسم، وهو من مرجعيات المدينة لبلينكس رواية ثالثة لازالت على ألسنة أهالي مستغانم مفادها أنه "في نهاية القرن الـ18 جاءت عائلة إلى الشاطئ بهدف السباحة واختاروا البركة اللصيقة بالشاطئ، وكان من بين أفراد تلك العائلة فتاة مراهقة اسمها الجوهر لا تعرف السباحة".

مضيفاً "رغم ذلك قررت الجوهر السباحة وبعد وصولها إلى الجهة الثانية من البركة لوحّت بيدها لعائلتها وهي تودعهم وتقول لهم إلى اللقاء لتختفي بعدها عن الأنظار".

ومع ذلك يقول بلقاسم: "لم تفقد العائلة الأمل في العثور على ابنتها، إذ كانت تقصد الشاطئ مرة كل عام في اليوم ذاته من غرقها"، مضيفا بأن الرواية تشير إلى "أن الجوهر كانت تظهر لعائلتها في الصورة ذاتها التي غرقت بها وشعرها منساب على ظهرها ومستلقية على بطنها".

الرواية الرابعة على لسان ابن المدينة محمد مداح، ملخصها أن "امرأة تعرضت للظلم في المنطقة منذ عدة قرون، كانت تقصد ضريح الولي الصالح، وكانت في كثير من الأحيان تنام بجانب الضريح من شدة القهر الذي كانت تعاني منه، ومع شروق الشمس في اليوم التالي كانت تنزل للبركة من أجل الاستحمام، وتبقى جالسة في المكان".

ويضيف محمد لبلينكس بأن هذه الرواية تتحدث كذلك عن أن ما يسمى "خديم الولي الصالح" أو واحد من زوّار الضريح قام بطرد تلك السيدة، "وهو ما أجبرها على بناء حاجز من الحجارة حول نفسها بجانب البركة، ومنذ ذلك الوقت أصبح ذلك المكان مزارا لأهالي المدينة".

زبيدة رايس سردت لبلينكس قصة إحدى جاراتها التي تعدت الأربعين من عمرها من دون زواج، تقول إنها بعد ممارستها طقوس "الكسّابة"، "ظفرت بزوج بعد سنوات من فقدانها الأمل في ذلك".

وفي اعتقاد زبيدة ومعظم أهالي مستغانم، فإن نجاح عادة "الكسابة" يتطلب "النية الصادقة للولي الصالح".

وعلى النقيض من ذلك، أشار الدكتور فاضل عبد القادر لبلينكس إلى أن ما يثار عن ممارسة هذه العادة يجلب الزوج للعوانس "مجرد خرافات".

وأكد على أن "مسألة الزواج مرتبطة بالقضاء والقدر".