ظاهرة "6-7".. من ترند بسيط إلى صيحة عالمية
اجتاحت في الأشهر الأخيرة عبارة غامضة وممتدة مكوّنة من رقمين، 6 و7، ساحات المدارس ومنصات التواصل الاجتماعي حول العالم، لتتحول من مجرد جملة بلا معنى إلى ظاهرة لغوية واجتماعية تشعل الحماس بين المراهقين، لكنها تثير استغراب وتساؤل بعض المعلمين، حسب تقرير نشرته صحيفة
دير شبيغل الألمانية.
ومع اتساع رقعة انتشارها، وصلت هذه الصيحة إلى بعض المدارس في العالم العربي، خاصة بين معلمي اللغة الإنكليزية الذين يتابعون الترندات الغربية ويتأثرون بها سعيا للتقرب من تلامذتهم.
من أغنية راب إلى صيحة عالمية
تعود جذور الظاهرة إلى أغنية راب بعنوان Doot Doot (6 7) للفنان Skrilla، حيث تُلفظ العبارة six seven في مقدمة المقطع من دون أي معنى محدد.
لكن هذا اللامعنى تحوّل إلى رمز، بعدما تبنّاه مستخدمو تيك توك في الولايات المتحدة وأوروبا، لا سيما في مقاطع مرتبطة بلاعب كرة السلة لا ميلو بول الذي يبلغ طوله 6 أقدام و7.
خلال أشهر قليلة، أصبح ترديد العبارة بصوت ممدود "ســــيييييكس ســــييييفنننن" جزءاً من لغة جيل بأكمله، وبات الأطفال والمراهقون يطلقونها في الساحات المدرسية من دون سياق محدد.
كيف تتحول صيحات لغوية مثل 6-7 إلى ظواهر مضحكة وجذّابة؟
بحسب أستاذة علم اللغة في
جامعة جورجتاون، سينثيا غوردون، فإن سر الظاهرة لا يكمن في معناها بل في الطريقة التي تُستخدم بها. أصبحت "6-7" شكلاً من اللعب اللغوي الجماعي الذي لا يُضحك إلا من يفهمون السياق الداخلي، أي "المجموعة من الداخل"، insiders، وهي صيحة لا تحتاج إلى تفسير منطقي كي تنتشر، بل تعتمد على التواطؤ الضمني بين المشاركين.
هذا النوع من الظواهر يعكس جانباً من علم اللغة الاجتماعي، حيث تتشكّل معاني جديدة من خلال الاستخدام وليس من خلال المعجم. تصبح العبارة "مضحكة" لأنها تصدر في مواقف غير متوقعة، مثل أن يقول معلم رياضيات: "ستة زائد سبعة"، فينفجر الطلاب بالضحك، وكأنهم يشتركون في سر جماعي.
قبل تيك توك.. كيف وُلدت الصيحات اللغوية؟
قبل عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، كانت الظواهر اللغوية تنتقل ببطء أكبر عبر قنوات محدودة، مثل المدارس والموسيقى والإعلام التقليدي.
في الثمانينيات مثلاً، برز ما عُرف بـ"Valley Girl Talk"، أسلوب كلام شبابي في كاليفورنيا، وانتشر في الولايات المتحدة عبر الأفلام والبرامج التلفزيونية، ليتبنّاه المراهقون في ولايات أخرى رغم المسافات. كانت هذه الصيحات تنتقل من مدرسة إلى أخرى، ومن مدينة إلى أخرى، معتمدة على الرحلات، والمجلات، والتلفزيون، والموسيقى.
لكن اليوم، مع وجود منصات مثل تيك توك ويوتيوب، يمكن أن تتحول جملة أو حركة أو صوت إلى صيحة عالمية خلال أيام، لتصل من صف في ولاية أميركية إلى صف في مدرسة عربية خلال أسبوع واحد فقط.
من الصف الأميركي إلى الصف العربي
في الولايات المتحدة، أصبحت الصيحة مصدراً حقيقياً للفوضى في الفصول الدراسية. أحد المعلمين في داكوتا الجنوبية سمع العبارة 75 مرة في يوم واحد.
بعض المدارس فرضت عقوبات لوقفها، فيما استخدم معلمون آخرون الصيحة كأداة لجذب انتباه الطلاب، يصرخ المعلم "Six!" فيرد الصف "Seven!"
لكن الظاهرة لم تبقَ هناك، إذ بدأت تنتقل تدريجياً إلى المدارس في العالم العربي، خصوصاً في صفوف اللغة الإنكليزية.
معلمو الإنكليزية، الأكثر متابعة للثقافة الرقمية الغربية، نقلوا الترند إلى طلابهم، ليبدأ هؤلاء بدورهم بتكرار العبارة في الصفوف.
وفي بعض المدارس العربية، بات تردي "six seven" يتكرر بطريقة مشابهة تماماً لما حدث في المدارس الأميركية.