دبلوماسية
.
قبل 10 سنوات بالتمام والكمال وقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام الجماهير في أعقاب أحداث فض اعتصامي ميدان رابعة العدوية والنهضة في مصر رافعا شعار يدلل به على تلك الأحداث التي أعقبت التخلص من حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر مطلع 2013، فيما قال عنه رجل أنقرة إنه شعار "لرفض عدم العدالة" حسب وكالة الأناضول حينها.
اليوم، وبعد مقاطعة بين القاهرة وأنقرة تستعيد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رونقها برفع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا إلى مستوى السفراء بحسب بيان وزارة الخارجية المصرية، وما بين المقاطعة والعودة وما سبقتها من أحداث مرت العلاقات المصرية التركية بتحولات حتى هذا التغير الذي أتى في إطار تنفيذ قرار رئيسي البلدين في هذا الصدد.
بالعودة للوراء إلى عهد الرئيس السابق الراحل في مصر حسني مبارك كانت العلاقات بين البلدين قد وصلت لمستوى عال اقتصاديا بتوقيع اتفاقية التجارة الحرة بين القاهرة وأنقرة عام 2005 والتي دخلت حيز التنفيذ بعد ذلك بعامين وتنص على إلغاء الرسوم الجمركية على السلع بشكل متبادل وهو ما دخل حيز التنفيذ عام 2020 بحسب وزارة التجارة التركية.
اشتعلت الأحداث في الوطن العربي نهاية 2010، وخرجت الجماهير في تونس لتلحقهم موجة أخرى في مصر ضد حكم مبارك في 25 يناير 2011 ضمن ما عرف بأحداث "الربيع العربي" لتكون نصيحة أردوغان الذي يحكم بلاده منذ عقدين من الزمان إلى الرئيس المصري حينها الاستماع إلى مطالب شعبه "دون تردد".
لقاء على مستوى وزراء الخارجية
انتهى حكم مبارك بتخليه عن المنصب في فبراير 2011 لتموج مصر بالحراك السياسي الذي انتهى بوصول محمد مرسي إلى كرسي الحكم ومن ورائه جماعة الإخوان لتتصاعد العلاقات بين القاهرة وأنقرة مرة أخرى، حيث شهد عام الإخوان قمتان بينهما الأولى في أنقرة في سبتمبر2012 فقدمت تركيا الدعم للاقتصاد المصري بملياري دولار، فيما استضافت القاهرة أردوغان بعد اللقاء الأول بشهرين مصطحبا رجال أعمال الأتراك لفتح أبواب الاستثمار إضافة إلى إلقاء كلمة تاريخية بجامعة القاهرة بحسب الأناضول.
تخرج الجماهير المصرية مرة أخرى رافضة حكم الإخوان وتصدر القوات المسلحة بيانا بعد التشاور مع القوى الوطنية لبدء مرحلة انتقالية في 3 يوليو 2013 لينتهي بذلك حكم الجماعة ويبدأ فصلا متوترا في العلاقات بين أنقرة والقاهرة التي طردت سفير تركيا لترد الأخرى بالمثل.
منذ اللحظة، أصبحت تركيا مأوى لكثير من أعضاء الجماعة وأدواتها الإعلامية، وتنتقل ساحة التنافس بين البلدين إلى ليبيا وغاز شرق المتوسط، ففي الأولى وصل الأمر مع دعم تركيا لحكومة الوفاق التي كانت تسيطر على غرب ليبيا، سلمت السلطة عام 2021 للمجلس الرئاسي برئاسة المنفي، إلى وضع مصر سرت الجفرة خطا أحمر لا يمكن تجاوزه.
أصبحت تركيا مأوى لكثير من أعضاء الجماعة وأدواتها الإعلامية
أما الثانية فكان الخلاف بين تركيا من جانب ومصر واليونان من جانب على حقوق البحث عن حقول الغاز في إقليم شرق المتوسط واستغلالها.
في 2021، جلس نائبا وزيري الخارجية المصري حمدي لوزا ونظيره التركي سادات أونال أمام بعضهما في القاهرة لاستكشاف كيفية إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين لأول مرة، لكن ذلك كان قد سبقه خطوة تركية بوقف برامج سياسية كانت تبث من قنوات الإخوان في تركيا.
في كهرمان مرعش "كهرمان ماراش"، وعلى عكس ما اعتاد عليه الرئيس التركي منذ 2013 من رفع شعار رابعة في كل مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم وقف أردوغان أمام الجماهير في سبتمبر 2021 ذاكرا "أمة واحدة، دولة واحدة، علم واحد" من دون ذكر الجانب الرابع "وطن واحد" الذي كان ما يقيم معه شعار "رابعة" بحسب وسائل الإعلام التركية.
احتفلت قطر بافتتاح كأس العالم لكرة القدم 2022، ومعها أزيل الستار بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان ليتصافحا لأول مرة منذ عام 2013 وبينهما الشيخ تميم بن حمد أمير قطر لتدشن مرحلة جديدة لاستعادة العلاقات أكدتها زيارة وزير خارجية مصر سامح شكري لتركيا ثم زيارة لنظيره التركي مولود تشاوش أوغلو لمصر لتكون أول زيارة لمسؤول تركي رفيع المستوى للقاهرة منذ عقد من الزمان لتعقبها زيارة لشكري في أنقرة في أبريل للاتفاق على جدول زمني لرفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بحسب جريدة الأهرام المصرية.
الصادرات المصرية إلى تركيا نمت بنسبة 32.3٪
وتقف محطة العلاقات مع تهنئة الرئيس السيسي لأردوغان هاتفيا بفوزه في انتخابات الرئاسة والاتفاق على البدء الفوري في رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وأنقرة بحسب الرئاسة المصرية.
بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري فإن أن الصادرات المصرية إلى تركيا نمت بنسبة 32.3٪ مسجلة 4 مليارات دولار عام 2022 مقابل 3 مليارات دولار عام 2021، فيما تراجعت الواردات المصرية من تركيا بنسبة 0.7% إلى 3.72 مليارات دولار من 3.74 مليارات دولار.
ولكن ارتفع حجم التجارة الثنائية بنسبة 14% بقيمة تبلغ 7.7 مليارات دولار في عام 2022 ، مقارنة بـ6.7 مليارات دولار في العام السابق.
فيما نمت الاستثمارات التركية في مصر بنسبة 30.3% خلال العام المالي 2021/2022، لتصل إلى 179.9 مليون دولار، مقابل 138.1 مليون دولار خلال العام المالي السابق حسب ما أفادت الأهرام.
بحسب وكالة الأنباء التركية "الأناضول" سجلت الاستثمارات التركية بمصر خلال حكم محمد مرسي وجماعة الإخوان 4.5% بقيمة 169.2 مليون دولار من إجمالي صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة البالغة حينذاك نحو 3.753 مليارات دولار.
وفي السنوات التالية نتيجة توتر العلاقات،تراجعت الاستثمارات التركية من حيث القيمة والنسبة لإجمالي صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر لتصل إلى 35.5 مليون دولار من إجمالي 7.8 مليارات دولار في العام المالي 2016/2017.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة