هل تقترض تونس لشراء خبزها؟

ما يثير استغراب الرئيس التونسي هو عدم توافر الخبز في ولاية، في حين يباع في ولايات أخرى مجاورة، ويؤكد أن "فقدان بعض المواد الأخرى أو ندرتها (..)، سببه الاحتكار والمضاربة غير المشروعة وسيطرة بعض اللوبيات على مسارات التوزيع بهدف التنكيل بالشعب".

يعود سبب الأزمة في تونس إلى عدم تزويد المخابز بالطحين، ووفق رئيس المجمع المهني للمخابز العصرية، محمد الجمالي، فإن مخابز عدة أغلقت أبوابها.

كانت وثيقة حكومة نصت على أولوية التزويد للمخابز المدعمة والمصنفة، مما عمق من أزمة التزويد لدى المخابز غير المصنفة.

وحاليا تزود المخابز غير المصنفة الأسواق بـ40 في المئة تقريبا من الحصة التي كانت تبيعها في العادة. وفي البلاد 1500 مخبزة غير مصنفة.

وحذر الجمالي في حديث إذاعي إلى أنه "خلال الأيام أو الأشهر المقبلة يمكن ألا يباع الخبز في تونس".

ويسود تخوف من أنه في حال لم تضخ الكميات الكافية من الطحين في السوق فإن 50٪ فأكثر من المخابز غير المصنفة مهددة بوقف نشاطها.

وحسب المعنيين فإن نشاط 30 بالمئة من المخابز غير المصنفة متوقف في الوقت الحالي.

وكان المجمع المهني للمخابز العصرية قال إن تونس ستشهد أزمة في مادة الخبز في حال عدم إيفاء سلطة الإشراف بالتزاماتها.

في حين قالت رئاسة الجمهورية التونسية أن أزمة الخبز مناطقية ومحصورة في بعض الولايات، عارضت المنظمة التونسية غير الحكومية (ألارت) هذا الكلام مشددة على أن أزمة الخبز هيكلية في البلاد.

فقد ازدادت هذه الازمة حدة جراء تدهور إمكانيات الدولة وبعد عجزها على تمويل استيراد الحبوب. لذلك تمس ظاهرة فقدان الخبز الولايات كافة بنسب متفاوتة. ويعود ذلك إلى انخفاض حاد في كميات القمح الصلب الموزعة من قبل ديوان الحبوب.

وبوقت يصنع الخبز بعد خلط مادة الطحين (من القمح اللين) ومادة السميد (المتأتية من القمح الصلب)، فإن الطحين متوافر كون استيراد القمح اللين ممول من قبل البنك الأوروبي للاستثمار والبنك الأفريقي للتنمية.

والمشكلة الحقيقية، حسب "ألارت"، تكمن في عجز الدولة التونسية عن تمويل حاجياتها من القمح الصلب.

وحسب التقرير السنوي للبنك الوطني الفلاحي التونسي، ارتفعت ديون الحبوب نحو 27 في المئة، وتتأخر الدولة التونسية في صرف 2.4 مليار دينار من ميزانية الدعم مما يجعل ديوان الحبوب عاجزا على استيراد حاجيات السوق خصوصا من القمح الصلب.

وخلال شهر أبريل، تم التخفيض في كمية القمح الصلب الموزع بنسبة 30٪ وحتى 20 مايو تم توزيع نحو 15 في المئة فحسب من الاستهلاك الشهري.

وحسب "أليرت" قد ينخفض توزيع المادة بنسبة 50٪ خلال مايو، وذلك بعد وصول بواخر القمح الصلب بطريقة غير منتظمة ما ينتج بعض التفاوت بالكميات الموزعة بين الجهات.

تأمل تونس بالحصول على دعم طال انتظاره من صندوق النقد الدولي رغم استمرار المخاوف حيال مدى التزامها ببرنامج في ظل الانقسام السياسي، وفق رويترز.

وانتقد سعيد صندوق النقد قائلا إن تونس لن تذعن لما وصفها بأنها إملاءات بشأن خفض دعم الغذاء والطاقة وفاتورة أجور القطاع العام، محذرا من أن ذلك قد يؤدي إلى تجدد الاضطرابات الاجتماعية.

وتدفع تونس واحدة من أعلى فواتير الأجور في القطاع العام في العالم، ويعني هذا أن عجز المالية العامة سيظل عند نحو خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب تقديرات جيه.بي مورغان.

في حين يحذر مورغان ستانلي من أن احتياطي النقد الأجنبي لن يكفي لتغطية واردات السلع الأساسية لمدة شهرين حتى في مثل هذا الوقت من العام المقبل في ضوء المعدل الحالي للسحب من تلك الاحتياطيات

وربما يصبح سداد الديون مهمة شبه مستحيلة. ومعظم قروض البلاد محلية، لكن عليها سداد قرض أجنبي بقيمة 500 مليون يورو في أكتوبر ثم سداد آخر في فبراير المقبل.