اقتصاد
.
يعقد مجلس الاحتياطي الفيدرالي اجتماعه من 25 إلى 26 يوليو، وأيّ زيادة في معدلات الفائدة سترفع كلفة الاقتراض إلى أعلى مستوى منذ عقدين. فقد زادت المؤشرات الرئيسية في بورصة وول ستريت عند الفتح، الإثنين، إذ يستعد المستثمرون لتحقيق مكاسب من أسهم الشركات الكبرى وشركات التكنولوجيا وسط ترقب قرار المركزي الأميركي.
قرر الاحتياطي الفيدرالي الذي يقوم بمهام البنك المركزي، في يونيو وقف رفع سعر الفائدة الرئيسي للمرة الأولى منذ مارس 2022 بعد زيادتها ١٠ مرات، من أجل تقييم تأثير هذه الزيادة على الاقتصاد الأميركي. ويرى معظم مسؤولي لجنة السياسة النقدية أن زيادتين أخريين ضروريتان هذا العام لإبقاء التضخم منخفضا، حسب محضر اجتماعات الاحتياطي الفيدرالي.
ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي ٣.١ نقطة أو ٠.٠١٪ عند الفتح
صرّح مسؤول كبير في الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، كريستوفر والر، في وقت سابق من يوليو أنّه يؤيد رفع معدلات الفائدة مرتين، مرة في يوليو وأخرى قبل نهاية العام الجاري من أجل كبح التضخم الذي تباطأ في الولايات المتحدة لكنه بقي مرتفعا.
وقال العضو في اللجنة "أعتبر أن زيادتين إضافيتين بمقدار 25 نقطة لمعدل الفائدة الأساسي (..) ضروريتان هذا العام". وأضاف أنه من مؤيدي توقف الزيادة في يونيو، مشيرا إلى أنّ "الانتظار ٦ أسابيع هو إدارة حكيمة للمخاطر". ورأى أنّ بيانات يونيو "مطمئنة" وأنه لا يرى "سببا لعدم اتخاذ قرار بشأن أولى الزيادتين في اجتماعنا في وقت لاحق من الشهر" الجاري.
تؤدي زيادة أسعار الفائدة إلى إبطاء الاقتصاد والأسواق المالية عن طريق خفض أسعار الأصول ورفع تكلفة الاقتراض، وفق وول ستريت جورنال، التي لفتت في تقريرها إلى أن عدم اليقين بشأن مسار التضخم في وقت لاحق من هذا الصيف يجعل من الصعب التنبؤ بالخطوات التالية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بعد زيادة محتملة ربع نقطة مئوية في أسعار الفائدة هذا الأسبوع.
يشعر بعض صانعي السياسة والاقتصاديين في الاحتياطي الفيدرالي بالقلق من أن تخفيف التضخم سيكون مؤقتا، ليعود ويرتفع بعد ذلك. ويعتبر هؤلاء أن تباطؤ التضخم طال انتظاره بعد تلاشي الصدمات المرتبطة بكورونا التي أدت إلى ارتفاع الإيجارات وأسعار النقل والسيارات. وهم قلقون من احتمال استمرار ضغوط الأسعار الأساسية، مما يتطلب من الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة والإبقاء عليها مرتفعة لفترة أطول.
يقول اقتصاديون آخرون إن هناك علامات للتباطؤ الاقتصادي الذي سيخفف تدريجيا ضغوط الأسعار. كما يجادلون بأن التضخم سيتباطأ بدرجة كافية لدفع أسعار الفائدة "الحقيقية" أو المعدلة حسب التضخم إلى الأعلى في الأشهر المقبلة. من شأن ذلك أن يوفر مزيدا من القيود النقدية، حتى لو كانت زيادة سعر الفائدة هذا الأسبوع هي الأخيرة في دورة كبح التضخم.
هدأت عاصفة التضخم الشهر الماضي إلى أبطأ وتيرة خلال عامين. فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 3٪ في يونيو عن الفترة عينها من العام السابق، وهو أقل حدّة من الذروة الأخيرة البالغة 9.1٪ في يونيو 2022. وسجل مؤشر التضخم الأساسي، الذي لا يشمل أسعار الموادّ الغذائية والطاقة المتقلبة، في يونيو أيضا أقلّ زيادة شهرية له منذ أكثر من عامين.
إلا أنه رغم ذلك، قالت الخبيرة الاقتصادية في جامعة هارفارد، كارين دينان: "بينما يبدو أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح بالنسبة للتضخم التضخم، فإننا لا نزال في بداية عملية طويلة".
بالنسبة لبعض الاقتصاديين هناك بعض القلق من وجود القليل من الركود من جهة، وطلب كبير في الاقتصاد من جهة أخرى، الأمر الذي يهدد عودة التضخم إلى المعدل المستهدف من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، البالغ 2٪، خلال السنوات المقبلة.
فهذا القسم من الاقتصاديين لا يشارك المستثمرين تفاؤلهم بأن التضخم يمكن أن يخف بشكل مستدام من دون تباطؤ اقتصادي أوسع، رغم أنهم يقرون بأن البيانات المنتظرة يمكن أن تعزز الآمال في أن يتمكن بنك الاحتياطي الفيدرالي من تحقيق ما يسمى هبوطا ناعما، من خلال كبح الأسعار من دون وضع الاقتصاد في حالة ركود.
العديد من هؤلاء الاقتصاديين لديهم شعور بالقلق من أنّ نمو الأجور قوي للغاية. ومن دون حدوث ركود، فإنهم يرون أن سوق العمل الضيقة ستؤدي إلى ارتفاع التضخم الأساسي العام المقبل. فقد ارتفعت الأجور والرواتب بنسبة 5٪ في الفترة من يناير إلى مارس مقارنة بالعام السابق، وفقا لمؤشر تكلفة التوظيف بوزارة العمل. ويراقب بنك الاحتياطي الفيدرالي المؤشر عن كثب لأنه المقياس الأكثر شمولا لنمو الأجور.
ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 3٪ في يونيو عن الفترة عينها من العام السابق
يعتقد المعسكر الثاني من الاقتصاديين أن هناك أدلة كثيرة على أن سوق العمل آخذ في البرودة، وبالتالي يخفف الضغط عن التضخم. فمقدار الوقت الذي يستغرقه العمال العاطلون عن العمل للعثور على عمل جديد آخذ في الازدياد. تباطأت الزيادات في ساعات العمل لموظفي القطاع الخاص إلى جانب عدد الوظائف الشاغرة.
تراجعت معدلات التوظيف الشهرية في القطاع الخاص إلى 215 ألف وظيفة في المتوسط خلال النصف الأول من هذا العام، انخفاضا من 317 ألف وظيفة في النصف الثاني من عام 2022 و436 ألف وظيفة في النصف الأول من عام 2022.
وحسب وول ستريت جورنال، إذا استمرّ سوق العمل في إضافة 200 ألف وظيفة شهريا، "فهذا ترخيص للاحتياطي الفيدرالي للبقاء على مستوى فائدة أعلى لفترة أطول.
في يونيو، توقع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أنهم سيحتاجون إلى رفع سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة عن المستويات الحالية، ارتفاعا من عدم توقع أي زيادات إضافية في مارس. كما توقعوا انخفاضا طفيفا في التضخم هذا العام.
تراجعت معدلات التوظيف الشهرية في القطاع الخاص إلى 215 ألف وظيفة في المتوسط خلال النصف الأول من هذا العام
سجل التضخم مجددا في يونيو تباطؤا قويا في الولايات المتحدة في يونيو عند 3٪ بوتيرة سنوية في مقابل 4٪ في مايو ويكون بهذا بلغ أدنى مستوى له منذ مارس 2021 لكنه ما زال أعلى من هدف 2٪ الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بحسب أرقام نشرتها وزارة العمل. وعلى مدى شهر واحد فقط، بلغ ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية 0,2٪ في مقابل 0,1٪ في مايو.
وثمة موضوع آخر يثير القلق، وهو ارتفاع أسعار المنازل التي تشهد أيضًا معدلًا أعلى من المتوسط +7,8٪ على عام ويبدو أنها من المجالات التي يتركز عندها التضخم كثيرا +0,4٪ خلال شهر.
وأدى التباطؤ الإضافي في أسعار السلع الاستهلاكية إلى دفع الدولار إلى الانخفاض في سوق الصرف الأجنبي، حيث يعتقد التجار أن الوتيرة الحالية للتضخم تمنح الاحتياطي الفيدرالي مزيدا من الحرية لعدم رفع أسعار الفائدة بشكل متكرر خلال اجتماعاته المقبلة.
وكرر رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مرات عدّة أن زيادات عدّة لأسعار الفائدة متوقعة حاليا. وتحدث خلال اجتماع محافظي البنوك المركزية في سينترا في البرتغال في نهاية يونيو عن "مرتين على الأقل، متتاليتين ربما".
وقدّر عضو آخر في اللجنة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، أوستان غولسبي، في 7 يوليو أنّ "هناك إجماعا بين جميع الأعضاء تقريبا على أننا سنشهد هذا العام زيادة واحدة أو اثنتين". وقال "لا أرى أي شيء يناقض ذلك".
ومع ذلك، شدّد الاحتياطي الفيدرالي بانتظام على أنّ الزيادات المقبلة ستعتمد على تحليل بيانات الاقتصاد الكلي، وخصوصا اتجاه مؤشر تضخم آخر، وهو مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي يفضله.
في مايو، انخفض مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي إلى 3,8٪، لكن التضخم ظل مرتفعا جدا، خصوصا في مجال الخدمات، ما عزز فكرة رفع أسعار الفائدة في الاجتماع الحالي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، في 25 و26 يوليو.
وفي منتصف يونيو، نتج عن اجتماع للمجلس أول توقف في سلسلة رفع معدلات الفائدة، بعد عشر زيادات متتالية، نقلتها من نطاق يراوح بين 0٪ و0,25٪ في مارس 2022 إلى آخر يراوح بين 5٪ و5,25٪ حاليا.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة