اقتصاد
.
حدثان اقتصاديان بارزان في الاقتصاد الأميركي حصلا خلال هذا الأسبوع من شأنهما التأثير على مسار التضخم وأسعار الفائدة، وتاليا البنوك المركزية والأفراد في بلدان. غلب على الأول الطابع الإيجابي وهو مرتبط ببيانات سوق العمل الأميركية التي تراجعت، وهذا مؤشر ينتظره الفيدرالي الأميركي منذ، لكن العنصر الذي خض الأسواق المالية الأميركية هو تخفض التصنيف الائتماني. فماذا يعني هذا الحدثان على الصعيد الاقتصادي؟ وماذا نعرف عن التصنيفات الائتمانية واختلاف التسميات؟
فرص العمل المتاحة في الولايات المتحدة تراجعت في يونيو إلى أدنى مستوى لها في ما يزيد على عامين، لكنّها ظلّت عند مستويات متسقة مع ظروف سوق العمل الشحيحة رغم الارتفاعات الكبيرة لأسعار الفائدة التي أقرّها مجلس الاحتياطي الاتحادي لكبح الطلب.
وزارة العمل الأميركية قالت في تقريرها الشهري عن فرص العمل ودوران العمالة، والذي صدر في الأول من أغسطس، إنّ فرص العمل، وهي مقياس للطلب على العمالة، انخفضت 34 ألفا إلى 9.582 ملايين خلال اليوم الأخير من شهر يونيو، وهو أدنى مستوى منذ أبريل 2021.
وجرى تعديل بيانات شهر مايو بالخفض لتُظهر 9.616 ملايين فرصة عمل بدلا من 9.824 ملايين المعلن سابقا. وكان خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم توقعوا تسجيل 9.61 ملايين فرصة عمل في يونيو.
أثر هذا الأمر إيجابا على الأسواق. فارتفعت أسعار الذهب، الإثنين، مما يجعلها تتجه إلى تحقيق أفضل أداء شهري لها في أربعة أشهر، مدعومة بضعف الدولار والتوقعات بأن البنوك المركزية العالمية الرئيسية تقترب من إنهاء دورات التشديد النقدي.
دعمت بيانات تظهر علامات على تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة توقعات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي بات أقرب إلى إنهاء أسرع دورة لرفع أسعار الفائدة منذ الثمانينيات.
خفّضت وكالة فيتش، الثلاثاء، التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من "إيه إيه إيه" إلى "إيه إيه +"
خفّضت وكالة فيتش، الثلاثاء، التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من "إيه إيه إيه" إلى "إيه إيه +"، مشيرة إلى عوامل تشمل "تآكل الحوكمة" خلال العقدين الأخيرين بعدما شهدت البلاد بشكل متكرّر خلافات على صلة برفع سقف الدين العام.
وجاء في بيان لفيتش أنّ "خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة يعكس التدهور المتوقّع للماليّة العامّة خلال السنوات الثلاث المقبلة، والعبء المرتفع والمتزايد للدين العام الحكومي، وتآكل الحوكمة".
كانت الوكالة وضعت تصنيف البلاد تحت المراقبة السلبية في مايو، مستشهدة بأزمة سقف الدين في واشنطن.
وصفت الوكالة في بيانها الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة الأميركية قائلة إنه "ليس لدى الحكومة إطار مالي متوسّط الأجل (..) ولديها آليّة ميزانيّة معقّدة. إضافة إلى ذلك، لم يُحرَز سوى تقدّم محدود فقط لمواجهة التحدّيات على الأجل المتوسّط والمتعلّقة بارتفاع تكاليف المعاشات التقاعديّة والتأمين الصحّي بسبب شيخوخة السكّان".
في العام 2011، دفع مأزق رفع سقف الدين العام وكالة "إس أند بي" إلى خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من "إيه إيه إيه" إلى "إيه إيه +"، ما أثار استياء في صفوف الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وأعلن البيت الأبيض الثلاثاء أنّه يرفض "بشدّة" قرار فيتش خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة. وقالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار "نرفض بشدّة هذا القرار"، مضيفة أنّ خفض تصنيف البلاد في وقتٍ حقّق الرئيس جو بايدن أقوى تعافٍ اقتصادي بين كلّ الاقتصادات الكبرى في العالم، هو أمر "يُخالف الواقع".
واتّهمت جان-بيار إدارة الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب بأنّها قادت نحو تدهور المعايير التي أخذتها فيتش في الاعتبار لتحديد تصنيفاتها.
من جهتها، عبّرت وزيرة الخزانة الأميركيّة جانيت يلين أيضا عن معارضتها الشديدة لقرار وكالة فيتش، واصفة إيّاه بأنّه "تعسّفي ويستند إلى بيانات قديمة". وقالت إنّ نموذج التصنيفات الكمية لـ"فيتش" انخفض بين 2018 و2020 لكنّ الوكالة تعلن الآن عن تغيّره رغم تقدّم ملحوظ في المؤشّرات. وشدّدت يلين على أنّ "سندات الخزانة لا تزال الأصول الآمنة والسائلة الأبرز في العالم، وأن الاقتصاد الأميركي قوي في جوهره". وأشار بيان فيتش إلى نظرة مستقبليّة مستقرّة للتصنيف. ورغم أنّ رفع سقف الدين العام، الحدّ الأقصى للاقتراض الحكومي، إجراء روتيني، إلا أنّه أصبح منذ سنوات مسألة خلافيّة.
أعلن البيت الأبيض الثلاثاء أنّه يرفض "بشدّة" قرار فيتش
افتتحت العقود الآجلة للأسهم الأميركية على انخفاض بعد أن أصدرت وكالة التصنيف تخفيضها، مع انخفاض العقود الآجلة لمؤشر داو جونز بنحو 100 نقطة. وسلطت وكالة فيتش الضوء أيضا على ارتفاع العجز الحكومي العام، والذي تتوقع أن يرتفع إلى 6.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، من 3.7٪ في عام 2022. وقالت فيتش إن قانون المسؤولية المالية لا يقدم سوى تحسين متواضع في التوقعات المالية على المدى المتوسط.
مزيج من تشديد شروط الائتمان، وإضعاف الاستثمار التجاري وتباطؤ الاستهلاك، قد يؤدي بالاقتصاد إلى ركود "معتدل" في الربع الرابع من عام 2023 والربع الأول من العام المقبل، وفق الوكالة.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تخفض فيها الوكالة التصنيف الائتماني للولايات المتحدة ستاندرد آند بورز، حيث خفضت التصنيف الائتماني للدولة إلى AA+ من AAA في عام 2011 بعد أن تمكنت واشنطن من تجنب التخلف عن السداد. في ذلك الوقت، سلطت الوكالة الضوء على المخاطر السياسية.
موديز، العضو الآخر في ثلاث شركات تصنيف أميركية كبيرة، تواصل إعطاء الولايات المتحدة أقوى تقييم لها، حسب صحيفة وول ستريت جورنال. انتقد مسؤولو إدارة بايدن قرار فيتش، وألقوا باللوم على إدارة ترامب في مشاكل الحوكمة، وقالوا إن الولايات المتحدة ليست معرضة لخطر فقدان مدفوعات ديونها.
يعتمد المستثمرون المؤسسيون والمتداولون اليوميون على حد سواء على التصنيفات الائتمانية لتقييم أخطار عدم تمكن كبار المقترضين مثل الحكومات والشركات من الوفاء بالديون المستحقة عليهم. عادة ما يتعين على المؤسسات ذات التصنيف المنخفض تعويض المستثمرين بمدفوعات فائدة أعلى مقابل امتياز الاقتراض.
يعتمد المستثمرون المؤسسيون والمتداولون اليوميون على حد سواء على التصنيفات الائتمانية لتقييم الأخطار
العوامل التي يمكن أن تؤدي، بصورة فردية أو جماعية، إلى اتخاذ إجراء تصنيف سلبي الدرجة هي "المخاطر"، وهي الضعف في تقييم ملف الخاطر، وقد ينجم عن هذا تدهور في مخاطر الائتمان. وأيضا الملاءة أو الرسملة وهي أي زيادة في الرافعة المالية أو زيادة ملحوظة في خسائر التقييم تؤدي إلى تآكل رأس المال. وكذلك السيولة: أي تراجع احتياطي السيولة، وانخفاض الجودة الائتمانية لأصول الخزينة، وزيادة حصة القروض قصيرة الأجل.
أما العوامل التي يمكن أن تؤدي، بصورة فردية أو جماعية، إلى اتخاذ إجراء تصنيف إيجابي أو رفع الدرجة هي الملاءة (المخاطر)، تحسن مستمر في ملف المخاطر، وقد يعكس هذا انخفاضا مستمرا في مخاطر التركز. الملاءة وتعكس أداء قوي ومستمر للأصول مع الحفاظ على نسبة القروض عديمة الأداء عند مستوى "منخفض جدًا". وبيئة الأعمال، وفيها تقييم أقوى لبيئة الأعمال مدفوع بتحسن في ملف الأعمال أو البيئة التشغيلية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة