اقتصاد
.
رَغِبَت الصين في أن يكون المنتدى الثالث لمبادرتها "الحزام والطريق" فرصة لدفع مكانتها بصفتها قوة عظمى على الساحة العالمية، إلّا أن كلّ التوقعات أشارت إلى أن الحرب بين إسرائيل وحماس وخطر اتساع نطاقها في منطقة الشرق الأوسط، هي المادة الأساسية التي تتصدّر طاولة البحث.
تعرّضت مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها بكين لانتقادات كثيرة كونها تُثقل كاهل الدول الفقيرة بديون هائلة وتعرضها لأضرار بيئية كثيرة، في حين أشاد بها المؤيدون لجلبها الموارد والنمو الاقتصادي إلى دول الجنوب.
ففي حين يجتمع ممثلو 130 دولة في بكين للاحتفال بمرور عقد على المشروع، ماذا نعرف عن أبرز القضايا المحيطة بـ"الحزام والطريق"؟
يُعدّ مشروع الحزام والطريق تاريخيا في محاولة الرئيس الصيني شي جين بينغ لتوسيع نفوذ بلاده في الخارج، وتقول بكين إنها وقّعت الآن عقودا تزيد قيمتها عن تريليوني دولار في جميع أنحاء العالم، وفق ما جاء في تقرير لفرانس برس.
ومنذ إطلاقها من قبل جين بينغ في العام 2013، ضخّت المبادرة مئات المليارات من الدولارات لبناء الجسور والموانئ والطرق السريعة ومحطات الطاقة ومشاريع الاتصالات في أنحاء من آسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا، وأجزاء من أوروبا، حسب تقرير لـ سي إن إن.
لكن الجانب الآخر من الإنفاق الضخم على البنية التحتية، هو الديون الضخمة التي تتكبدها الدول المشاركة، وفق فرانس برس.
تحاول الصين، بعد ١٠ سنوات على إطلاق مشروع الحزام والطريق، التخفيف من المشكلات المحيطة به وجعله أقلّ خطورة، وفق ما جاء في تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال.
وذلك من خلال إفساح المجال أمام صفقات أصغر وأكثر استهدافا، بما في ذلك في قطاعات مثل الطاقة الخضراء والرعاية الصحية.
وتوفر مجموعة أكبر من المقرضين الصينيين التمويل بعد تراجع الإقراض من قبل البنوك الكبيرة في بكينو حسب وول ستريت جورنال. وبدلا من تحمل المسؤولية بمفردها، يتعاون الأطراف الجدد مع البنوك الغربية والمقرضين للاستفادة من خبراتهم في إدارة المخاطر المتمثلة في توزيع مبالغ كبيرة على المقترضين الهشين.
تشير دلائل إلى أن أن المبادرة تستعيد بعض الزخم بعد انخفاض الإقراض والبناء خلال كورونا.
استخدمت مبادرة الحزام والطريق كأداة دبلوماسية لتلميع صورة الصين لزعامة الجنوب العالمي، في حين تمنح شركات البنية التحتية الصينية موطئ قدم في العديد من الاقتصادات الناشئة، حسب فرانس برس.
وأثار ذلك المخاوف، خصوصا بين الدول الغربية، من أن الصين تسعى إلى إعادة بناء النظام العالمي لصالحها، في حين شجبت أصوات المعارضة في دول مبادرة الحزام والطريق أيضا ما تعتبره نفوذا صينيا متزايدا في السياسة المحلية.
وفي الوقت نفسه، حذرت واشنطن من أن الصين يمكن أن تستخدم المبادرة ذريعة لبناء قواعد عسكرية حول العالم باسم حماية استثمارات مبادرة الحزام والطريق.
كان من المتصور في الأصل أن تكون مبادرة الحزام والطريق بمثابة "حزام" بري و"طريق" بحري يربط الصين بأوروبا وأفريقيا، وقد مولت مبادرة الحزام والطريق مشاريع البنية التحتية والطاقة في جميع أنحاء العالم النامي.
وبتمويل من بنوك التنمية الصينية فضلا عن المقرضين التجاريين الذين تديرهم الدولة، قامت شركات البناء الصينية بتمهيد الطرق السريعة من بابوا غينيا الجديدة إلى كينيا، وبناء الموانئ من سريلانكا إلى غرب أفريقيا، وتوفير البنية التحتية للطاقة والاتصالات من أميركا اللاتينية إلى جنوب شرق آسيا.
وتقول بكين إن أكثر من 150 دولة وقعت اتفاقيات تعاون تحت رعاية مبادرة الحزام والطريق، مع تعهدات لأكثر من 3 آلاف مشروع و"تعبئة ما يصل إلى تريليون دولار من الاستثمارات"، حسب سي إن إن.
لكن تتبع تمويل مبادرة الحزام والطريق أمر صعب للغاية لأن بكين لا تشارك هذه البيانات بشكل علني وتلعب مجموعة واسعة من الكيانات المالية أدوارا مختلفة، وفق تقرير الشبكة.
ووفقا لدراسة أجراها مركز سياسات التنمية العالمية بجامعة بوسطن، قدم بنكا التنمية الرئيسيان في الصين ما لا يقل عن 331 مليار دولار للمقترضين الحكوميين في البلدان النامية في الفترة من 2013 إلى 2021.
وفي السنوات الخمس الأولى من المبادرة، أنفقت الصين في المتوسط أكثر من ضعف تمويل مشاريع التنمية الخارجية سنويا أكثر من أي اقتصاد رئيسي آخر، بما في ذلك الولايات المتحدة، وفقا لبيانات إيد داتا، وهو مركز أبحاث تابع لشركة ويليام آند ماري في الولايات المتحدة.
وأشاد المسؤولون الصينيون بالمبادرة لأنها "تتجاوز العقلية القديمة للألعاب الجيوسياسية" و"تخلق نموذجا جديدا للتعاون الدولي".
تنبعث من محطات توليد الطاقة بالوقود الأحفوري التي بنتها الصين نحو 245 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وفقا لمركز سياسات التنمية العالمية، الذي وجد أيضا أن مشاريع تمويل التنمية الصينية تنطوي على مخاطر أعلى بكثير على التنوع البيولوجي، حسب سي إن إن.
خضعت المبادرة أيضا للانتقاد بسبب بصمتها الكربونية الهائلة والتدهور البيئي الناجم عن مشاريع البنية التحتية الضخمة، حسب فرانس برس.
وحذّر باحثون من الصين والولايات المتحدة والمملكة المتحدة في عام 2019 من أن تطوير الموانئ الكبرى وخطوط الأنابيب والسكك الحديدية والطرق السريعة يمكن أن يجعل أهداف باريس المناخية بعيدة المنال.
وفي الوقت نفسه، حذّر تقرير أعدّه خبراء في سياسة التنمية العالمية بجامعة بوسطن من أن مشاريع البنية التحتية الصلبة التي تقودها الصين تحمل أخطار أكبر على أراضي السكان الأصليين والنظم البيئية بسبب "وضع الوافد الجديد النسبي للبلاد في تمويل التنمية العالمية والمراحل الأولى من تطوير المخاطر البيئية والاجتماعية".
وسعت الصين إلى تهدئة المخاوف البيئية، ووعدت في عام 2021 بعدم بناء محطات جديدة لتوليد الطاقة بالفحم في الخارج، رغم أن العديد من المشاريع المتفق عليها سابقا لا تزال قيد التنفيذ.
تقول الصين إن مبادرة الحزام والطريق تجلب "تنمية عالية الجودة" للدول الشريكة، وتصرّ على أنه في حين أن المشاريع الغربية تقدّم مساعدات قصيرة الأجل فقط لدول الجنوب، فإنّ بكين توفّر فرصا طويلة المدى ذات تأثير دائم.
وأشار باحثو جامعة بوسطن إلى دور مبادرة الحزام والطريق في توفير "موارد إضافية للجنوب العالمي" وتعزيز "النمو الاقتصادي الكبير".
وقالوا إن "تمويل التنمية الصيني في الخارج يُركّز بشكل أكبر على الإقراض الصناعي والبنية التحتية".
وتاليا فإنّ التمويل الصيني يرتبط بشكل أكبر بالنمو الاقتصادي، ومعالجة اختناقات البنية التحتية وزيادة الوصول إلى الطاقة، حسب فرانس برس.
وقال البنك الدولي أيضا إن مشاريع النقل في إطار مبادرة الحزام والطريق، بما في ذلك خطوط السكك الحديدية والطرق السريعة، "تعمل بشكل كبير على تحسين التجارة والاستثمار الأجنبي والظروف المعيشية للمواطنين في البلدان المشاركة".
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن مشاريع النقل في إطار مبادرة الحزام والطريق، إذا تم تنفيذها بالكامل، يمكن أن ترفع الدخل العالمي بنسبة 0.7 إلى 2.9%.
وصل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى بكين، الثلاثاء، للاجتماع مع نظيره الصيني شي جين بينغ، في زيارة تحظى بمتابعة واسعة النطاق وتهدف لاستعراض ثقة وشراكة "بلا حدود" بين البلدين بينما تستعر الحرب في أوكرانيا، وفق رويترز.
وهذه ثاني زيارة خارجية معلنة لبوتين منذ أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أمرا بضبطه في مارس، وكان في استقباله وزير التجارة الصيني وانغ ون تاو.
وهذه أول زيارة رسمية لبوتين هذا العام خارج دول الاتحاد السوفيتي السابق، بعد زيارة لقرغيزستان في وقت سابق من هذا الشهر.
وتلزم المحكمة الجنائية الدولية، التي تتهم بوتين بترحيل أطفال بشكل غير قانوني من أوكرانيا، دولها الأعضاء البالغ عددهم 123 بإلقاء القبض على بوتين وترحيله إلى لاهاي لمحاكمته إذا وطئت قدمه أراضيها. والصين وقرغيزستان ليستا من أعضاء المحكمة التي تأسست لمحاكمة المتورطين في جرائم الحرب، وفق رويترز.
وفي هذا الوقت دعا شي نظيره الروسي لحضور منتدى الحزام والطريق في بكين.
وسيلقي الرئيس الروسي كلمة الأربعاء بعد كلمة نظيره الصيني بصفته الضيف الرئيسي للمنتدى وسيعقد محادثات ثنائية مع شي في وقت لاحق من اليوم نفسه.
وهذه ثالث مشاركة لبوتين في منتدى الحزام والطريق الذي تستمر أعماله حتى الأربعاء.
ويشيد بوتين بالمبادرة، ويقول إنها منصة للتعاون الدولي، حيث "لا يفرض أحد شيئا على الآخرين".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة