ارتفاع كبير لـ"البيتكوين".. أثر الحرب أم قرار "الصندوق"؟

تَذَكّر محلل الأسواق المالية، نديم السبع، في حديث لـ بلينكس، "ما شهدته العملات المشفرة من ارتفاع في بداية الحرب الأوكرانية الروسية، لأن العديد من الأفراد والكيانات تستخدم العملات الرقمية في مثل هذه الأوقات لسهولة نقل الأموال وتحريك السيولة".

ويتخوف البعض في أوقات الحرب، من انهيار العملات النقدية، مثل الدولار الأميركي، فيعتبر العملات الرقمية ملاذا آمنا، حسب السبع.

بحسب وجهة نظر الخبير، فإن "هذا الارتفاع قد يكون أيضا مرتبطا بحملات تمويل حماس. ومن المعروف أن جزءا كبيرا من دور العملات الرقمية هو تبييض الأموال".

في المقابل، نفى الديراني، الربط بين الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس وبين حركة أسعار العملات الرقمية مؤخرا، والبيتكوين تحديدا.

فحسب قوله "لم تنجح البيتكوين بفرض نفسها كملاذ آمن في أوقات الأزمات كما هو متداول حول الذهب".

علما أن لا مركزية البيتكوين وطريقة تخزينها ونقلها أكسبتها ثقة كبيرة، فلا يمكن لأحد أن يجمّد أو يصادر ما يمتلكه الفرد من العملة الرقمية.

السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع، حسب درياني، والذي لامس، صباح الثلاثاء 24 أكتوبر 2023، حدود 35 ألفا و500 دولار مسجلا 5 آلاف دولار أرباح لكلّ عملة بيتكوين، هو الأخبار المتداولة حول ترجيح إيجابي لقبول هيئة الأوراق المالية الأميركية (SEC) لطلبات أهمّ شركات الاستثمار المتخصصة بالأسهم بتقديم عملة البيتكوين للبيع والشراء لعملائها، مما يعني دخول كمّ هائل من المال إلى سوق البيتكوين.

نمت التوقعات بالنسبة لسوق البيتكوين، وفقا لسي إن بي سي، بعد أن انحازت محكمة في الولايات المتحدة الأميركية إلى شركة إدارة الأصول الرقمية "غراي سكايل" بشأن قضية مع هيئة الأوراق المالية والبورصة الأميركية في محاولتها لتحويل صندوق Bitcoin الضخم GBTC إلى صندوق استثمار متداول.

في الأسبوع الماضي، رفضت هيئة الأوراق المالية والبورصة استئناف هذا الحكم بحلول موعد نهائي رئيسي، مما أثار الآمال في إمكانية الموافقة على صندوق الاستثمار المتداول المرتبط بالبيتكوين في الأشهر القليلة المقبلة.

ومن شأن صندوق البيتكوين المتداول في البورصة أن يمنح المستثمرين وسيلة للتعرف على تحركات أسعار البيتكوين من دون امتلاك العملة المشفرة مباشرة.

وارتفعت عملة إيثريوم، ثاني أكبر عملة رقمية، إلى أعلى مستوياتها منذ أغسطس، وفقا لبيانات كوين ميتريكس.

تعتبر عملة البيتكوين من الأصول شديدة التقلب، ولا يمكن التنبؤ بمستقبل أسعارها.

يقول الديراني إنه "إذا افترضنا أنّ هناك جهات تستخدم كل حجم سوق العملات الرقمية في تبييض الأموال، فإنها بحاجة لأضعاف هذا المبلغ لتلبية كل هذه الأعمال".

يفسر ديراني ذلك بهذه العوامل:

• يبلغ حجم سوق العملات الرقمية كاملا نحو 1.2 تريليون دولار فقط.

• أكثر من 80% من هذه القيمة السوقية غير متوافرة في منصات التداول للبيع والشراء، فلا يتم استخدامها، بل يحتفظ بها، وهناك الآلاف يحتفظون بعملاتهم على محافظهم الخاصة ولا يستخدمونها، مما يقلل من حجم سوق العملات الرقمية.

• قيمة المخالفات التي دفعتها المصارف الأميركية فقط في سنة واحدة بسبب تبييض الأموال وغيرها من الأعمال غير المشروعة تبلغ أضعاف كل حجم سوق العملات الرقمية.

• تبييض الأموال يتم بشكل أساسي باستخدام المؤسسات المالية التقليدية من مصارف وشركات تأمين وجمعيات، وفق قول الديراني.

• عمليات تحويل العملات الرقمية تتم عبر البلوكشاين أو على منصات مرخصة تتبع لقوانين الدول.

إلا أن الديراني لا ينكر استخدام العملات الرقمية لتبييض الأموال أو أيّ عمل غير قانوني، وهذا أمر مماثل ينطبق على المال العادي.

"أمّا وصم العملات الرقمية بأنّها ملاذ آمن للاستخدام في تبييض الأموال فهو أمر قامت به المؤسسات المالية التقليدية لمحاربة هذه التكنولوجيا الجديدة التي لا يتحكمون بها"، حسب الديراني.

أكّدت Coinbase لشبكة سي إن بي سي أنها واثقة من أن صندوق تداول البيتكوين الأميركي ستتم الموافقة عليه من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصة الأميركية.

يروي السبع أنّه من خلال متابعته مع الزبائن، هناك نوعان من أنماط التفكير لدى المتداولين حاليا، البعض يؤمن أن العملات المشفرة هي الملاذ الآمن في حال هبطت العملات النقدية.

القسم الآخر يستغل هذا الظرف للمضاربة، الأمر الذي يساهم أيضا في تحريك سوق العملات الرقمية أكثر.

من جهته، أخبر الديراني أنه يسمع عبارة "فالنمشي مع الموجة" وهذا التعبير الدارج باللغة العامية، فعند ارتفاع السعر يودّ كثر اللحاق بالموجة، علما أن معظمهم يصلون بوقت متأخر ويتأخرون بالخروج من السوق".

لا يقدم الديراني أي نوع من النصائح المالية أو الاستثمارية على الاطلاق، بل يساعد فقط في النصائح التقنية، وبعض التوجيهات العامة، مثل أن الاستثمار أو التداول هو قرار المتداول وحده، "وعلى قدر قدرتك تداول"، "ولا تستخدم سوى المال الفائض فقط للاستثمار".

وقال الديراني إن "العملات الرقمية هي تكنولوجيا جدية وأرباحها سريعة، ولكن خسائرها أسرع، فهي مرتفعة المخاطر". وشدد على أن "القراءة والتدريب مهمّان جدّا كما أن البدء بمبلغ بسيط جدا أمر مهم للغاية".

وصل سعر البيتكوين إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في نوفمبر 2021، حيث تجاوزت القيم أكثر من 65 ألف دولار في ذلك الوقت.

مع ذلك، بعد مرور عام، انخفضت القيمة إلى نحو 16 ألف دولار في نوفمبر من العام الماضي. كان ذلك عندما انهارت بورصة العملات المشفرة FTX التابعة لسام بينكمان وتقدمت بطلب للإفلاس، وفق سي إن بي سي.

اتخذت هيئة الأوراق المالية والبورصات إجراءات صارمة ضدّ شركات العملات المشفرة، حيث تورطت شركات مثل Coinbase وRipple في دعاوى قضائية مع هيئة الأوراق المالية والبورصة، والتي اتهمتها بانتهاك قوانين الأوراق المالية.

انتقدت كل من Coinbase وRipple، بالإضافة إلى شركات العملات المشفرة الأخرى، الولايات المتحدة، بسبب عدم الوضوح بشأن لوائح العملات المشفرة.