كيف تحول الدولار إلى "الغائب الحاضر" في الشارع العراقي؟

حسنا، يبلغ سعر الصرف الرسمي 1320 دينارا مقابل الدولار الواحد في العراق، لكن لدى الصرافين، تساوي الورقة الواحدة من العملة الأميركية نحو 1500 دينار وقد تصل إلى 1600.

ويقول حسن، الذي يعمل مشرفا على العمليات اللوجستية في حقل نفطي في جنوب العراق: "منذ 3 أشهر أو أكثر، هناك صعوبة كبيرة في الحصول على الدولار من البنوك".

يبلغ راتب حسن 2500 دولار شهريا، يحاول سحبها، إلا أنه يتلقى مبالغ بسيطة حسبما يصف على صورة دفعات، في حين يعلل المصرف الأمر بعدم وجود سيولة دولارية.

ويشرح حسن، أن التوجه العام لدى المصارف بات إعطاء الرواتب بالدينار، ووفقا لسعر الصرف الرسمي، لكنه يعتبر ذلك "إشكالا" على حد وصفه، لأن سعر الصرف الرسمي يقل عن قيمته بالسوق الموازية بنسبة 20%، أي أن الراتب سيكون أقل من قيمته الحقيقية.

أعلن المصرف المركزي العراقي، في بيان، أنه قرر اعتبارا من يناير المقبل حصر جميع التعاملات التجارية وغيرها بالدينار العراقي بدلا من الدولار.

وفي حين يمكن سحب الدولار نقدا من الودائع الموجودة سابقا بالعملة الصعبة بشكل طبيعي، سيصبح لزاما اعتبارا من العام 2024، سحب كل حوالة مالية من الخارج بالدينار حصرا ووفق سعر الصرف الرسمي.

ويؤكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر صالح، أن تلك القاعدة هي جزء من "السيادة النقدية"، غير أن هناك بعض الاستثناءات التي تشمل خصوصا السفارات.

ويضيف: "نعزز ما يسمى السيادة النقدية، لا يمكن التعامل بعملتين داخل الاقتصاد الوطني".

من وجهة نظر رسمية، تُجدي الإجراءات الجديدة نفعا، فقد أقر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أن الكتلة النقدية بالعملة الصعبة المتوفرة في السوق تراجعت من "200 إلى 300 مليون دولار" في اليوم، إلى "30 و40 و50 مليون دولار".

يشرح حيدر الشاكري من مركز أبحاث "شاتام هاوس"، أن أحد الأسباب الرئيسية أمام تعزيز الطلب على العملة في السوق الموازية هو "تهريب الدولار نحو دول وكيانات خاضعة لعقوبات، لا سيما إيران وسوريا".

ففي سبتمبر، قال السوداني إن التجار الذين يتعاملون مع إيران يصبحون مرغمين على التحول إلى السوق الموازية للحصول على العملة، نظرا لأن الجمهورية الإسلامية بلد "عليه عقوبات، وغير مسموح له بتسيير تحويلات مالية".

وأكد في الوقت نفسه أن المصرفيْن المركزيين في العراق وإيران يناقشان "آلية" من أجل "تنظيم التجارة"، من شأنها أن "تقصم ظهر السوق الموازية".

لكن الشاكري يشير كذلك إلى وجود "تجارة غير مشروعة" لبعض المنتجات الخاضعة لـ"ضرائب مرتفعة"، مثل السجائر.

وأعلنت الحكومة أواخر نوفمبر عن تسهيلات من أجل دفع مستوردي السجائر والسيارات والذهب والهواتف المحمولة، إلى الحصول على العملة الأجنبية عبر القنوات الرسمية.

يدافع مستشار رئيس الوزراء مظهر صالح عن القيود المصرفية الجديدة، مؤكدا أنها تستهدف طمأنة "المجتمع المالي الدولي ولدواعٍ أيضا تتعلق بالمجتمع العراقي".

ويضيف أن "ما يحدث لا علاقة له بقوة الاقتصاد العراقي، العراق اليوم في أعلى مستويات الاحتياطيات الأجنبية في تاريخه المالي"، إنما "حدثت تغييرات هيكلية في مسائل التعاطي مع العملة الأجنبية".

ويذكر كذلك أنه لحماية العراق من التضخم، فإن للمستوردين إمكانية الوصول إلى الدولار وشرائه بالسعر الرسمي.

على صعيد آخر، بإمكان العراقيين سحب أموال بالدولار قبل سفرهم.