موائد العراقيين في رمضان "Vegetarian"

داخل سوق بغداد الجديدة، إحدى أشهر الأسواق الشعبية في العاصمة، ينظر كاظم جاسم، 43 عاما، إلى اللحوم المعلقة بحسرة، متذمرا "من العودة إلى مرحلة قبل 2003 عندما كانت اللحمة حلم الكادحين أمثاله"، وفق وصفه.

يعيش جاسم الحالة نفسها الآن، فيحصل على أجر يومي 15 ألف دينار من عمله في محل للمواد الغذائية.

ويدفع إيجار منزله شهريا، 350 ألف دينار، ويقول إن أجرة عمله ليوم كامل لا تعادل سعر كيلوغرام واحد من اللحمة.

يتوافد الكثير من أصحاب الدخل المحدود، داخل السوق الشعبي، لشراء المواد الغذائية، لكنهم جميعا وقبل حلول رمضان يتذمرون من عدم قدرتهم على تأمين موائد الإفطار لعائلاتهم.

ويحمل حسين علي، عامل بناء، الحكومة، مسؤولية الارتفاع المستمر للأسعار، معتبرا أنها تتجاهل ارتفاع أسعار اللحوم والمواد الغذائية، وتنشغل بالصراعات السياسية، بدلا من الاهتمام بالفقراء ومعاناتهم المستمرة.

أما الشاب حسن السالم والذي يعمل كسائق عمومي، فيقول إن تهريب اللحم العراقي إلى بلدان الجوار وغياب الدعم الحكومي عن مربي المواشي دفع أكثرهم إلى ترك المهنة واللجوء إلى مهنة أخرى.

يرجع الخبير الاقتصادي، عمر الحلبوسي، أسباب ارتفاع أسعار اللحوم إلى "تزايد عمليات تهريب الأغنام من العراق نحو دول مجاورة، والذي أدى إلى تراجع كمية المعروض من الأغنام في السوق المحلية".

وأضاف أن "الشعب العراقي يستهلك اللحوم بشكل كبير، وقد استغل التجار هذا الاستهلاك من أجل تحقيق أرباح كبيرة من خلال رفع أسعار اللحوم، كما أن غياب الردع الحكومي للتجار وضبط الأسعار هو الآخر سبب من أسباب ارتفاع أسعار اللحوم".

كشفت وزارة الزراعة العراقية، إثر ارتفاع الأصوات المتذمرة من ارتفاع الأسعار، عن إجراءات ستسهم بخفض كبير للأسعار قبل حلول رمضان.

وأوضحت أن "البلاد تعاني حالة شح في اللحوم الحمراء، وتاليا ارتفاع أسعارها، مما أدى إلى اتخاذ الوزارة إجراءات لمعالجة الارتفاع، منها تسهيل عمليات الاستيراد، ومنح الإجازة وتسهيل نقل المواشي بين مختلف المحافظات، فضلا عن السماح باستيراد المواشي من الأغنام والأبقار الحية لأغراض الذبح ولأغراض التربية".

وأشار بيان الوزارة إلى أن "من بين قراراتها لمعالجة ارتفاع أسعار اللحوم، تشجيع الاستثمار في مجال الثروة الحيوانية وتاليا، ستسهم هذه الإجراءات في إعادة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية، والقضاء على حالة الارتفاع في أسعار اللحوم الحمراء المختلفة".

قال الخبير الاقتصادي، رشيد السعدي، لبلينكس إن ما أعلنت عنه وزارة الزراعة ما هو إلا خطة آنية هدفها خفض أسعار اللحوم على المدى القريب، مشيرا إلى أن الأجدر بها اتخاذ خطوات وإجراءات تكون بمثابة معالجة طويلة المدى تتلاءم مع المعايير الدولية في احتياجات الفرد من اللحوم والمواد الغذائية وتوفرها.

وشدد السعدي على ضرورة أن الحكومة تذهب لأصل المشكلة الحاصلة ما بعد 2003 في هجرة الفلاحين ومربي المواشي لمهنهم وأراضيهم والاتجاه نحو الوظيفة، إلى جانب إيجاد حلول لمعالجة آثار التغير المناخي على البلاد، وتسببها في نفوق المواشي في الأهوار جنوب العراق، وارتفاع أسعار الأعلاف وغياب الدعم لمربي الماشية.

لا يرى محمود كاظم وهو صاحب محل لبيع اللحوم في بغداد، أن فتح الاستيراد سيكون حلا لارتفاع الأسعار.

ونوه إلى أن كلفة النقل والرسوم المترتبة على استيراد المواشي ستجعل من أسعارها موازية لأسعار اللحوم المحلية.

وأشار إلى أن كلفة استيراد 200 رأس من الماشية، بين نقل ورسوم في المنافذ، تكلفه ما يقارب ٦ ملايين دينار عراقي، 5 آلاف دولار، وهي مبالغ مرتفعة جدا ستدفعه لبيع اللحوم بنفس الأسعار السابقة.

أما مدير عام دائرة الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة، وليد محمد رزوقي، فقد أوضح أن "هناك صعودا عالميا في أسعار اللحوم، وليس في العراق فقط".