الليرة والتضخم في تركيا.. "برنامج شيمشك" في جردة حساب

شائعة استقالة وزير المالية التركي كان مسرحها وسائل التواصل الاجتماعي. و"ضللت مستثمري البورصة وتسببت بخسائر لهم"، كما قالت هيئة أسواق رأس المال التركية في بيان لها، 24 أغسطس الماضي.

الهيئة ذاتها أضافت أنها فتحت تحقيقات بالحسابات التي روجت مزاعم الاستقالة، وانضمت إليها مديرية الاتصال في الرئاسة التركية.

وبعد ذلك أصدر شيمشك بيانا نفى فيه الاستقالة وأوضح:

• همنا خدمة الوطن، وجدول أعمالنا مزدحم، وأمامنا الكثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به لحل مشكلات بلادنا وزيادة إمكاناتها وأدائها.
• إننا عازمون على خفض التضخم، وخفض العجز في الحساب الجاري، وتحقيق الانضباط في الميزانية، وحل المشاكل الهيكلية.
• سوف نواصل تعزيز برنامجنا الذي دعمه رئيسنا بالكامل منذ البداية.

شيمشك كان قد تولى منصب وزير المالية بعدما فاز الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان في انتخابات الرئاسة، في مايو 2023.

ومنذ تلك الفترة، إلى جانب نائب أردوغان، جودت يلماز ومحافظ البنك المركزي، حدد جملة من الأهداف، على رأسها خفض معدلات التضخم وتحسين قيمة الليرة التركية.

وما تزال معدلات التضخم في تركيا مرتفعة ووصلت عن شهر يوليو الماضي إلى ما نسبته 61٪، وفي المقابل تواصل الليرة التركية انخفاضها في سوق العملات الأجنبية، وتتجاوز الآن حاجز الـ34 مقابل الدولار الأميركي الواحد.

ومع ذلك، يؤكد وزير المالية التركي أن البرنامج الاقتصادي المطبق "يسير على ما يرام"، وكان أوضح في يونيو الماضي أن "توقعات السوق للتضخم بعد 12 شهرا تبلغ 33.2٪، وبعد 24 شهرا ستكون 21.3٪".

لا يقتصر تحسس أو التماس التضخم في تركيا على سلعة دون غيرها، أو قطاع دون آخر، كما يقول محمد آيدن، وهو أحد التجار الأتراك وصاحب إحدى المكتبات في حي الفاتح بإسطنبول.

ويشرح الصورة الحاصلة الآن لبلينكس بالاستناد على "مؤشر قرطاسية المدارس"، على حد تعبيره.

ويقول إن "تكلفة الحقيبة المدرسية لطالب المرحلة الابتدائية في العام الماضي كانت 1200 ليرة تركية بينما لا يقل سعرها الآن عن 2000 ليرة تركية في الحد الأدنى، ويتجاوز في المتوسط 3 آلاف و500 ليرة تركية".

ويضيف آيدن أن الأرقام والتوقعات التي يتم الكشف عنها تبدو مختلفة عما يشهده المواطنون والتجار في حياتهم اليومية.

كما يشير التاجر إلى أن الليرة التركية فقدت منذ بداية العام ما يقرب من 16٪ من قيمتها مقابل الدولار، ويرى أن ذلك سيكون له تأثيرات سلبية على المصدرين.

يتوقع الباحث والدكتور في الاقتصاد، مخلص الناظر، أن تصل قيمة الليرة التركية مقابل الدولار في نهاية العام الحالي إلى 38، ويعتبر أن الأمر يعتبر طبيعيا.

وفي المقابل يوضح أن التضخم سيبقى محسوسا، لأن الانخفاض المأمول لا يعني انخفاض الأسعار، بل وتيرتها.

ويتوقع أن تكون نسبته في نهاية العام 43٪ على أساس سنوي، وأن ينخفض من 2 إلى 3٪ على أساس شهري.

ويقوم البرنامج الذي يقوده شيمشك على التشديد النقدي والمالي، وهو "وصفة مريرة يجب تحملها حتى الوصول للتحسن حتى عام 2027"، وفق الناظر.

ويرهن التوصل إلى نتائج إيجابية من خلال البرنامج القائم "في حال ظلّت الحكومة ملتزمة بما تعمل عليه دون اللعب بأسعار الفائدة فجأة أو السياسة المالية ككل".

في عام 2027 ولو ظلّ شيمشك على ما بدأه ستعود المؤشرات الاقتصادية إلى ما كانت عليه في 2018، بحسب الدكتور في الاقتصاد الناظر.

ويشير إلى أن التضخم في تركيا كانت نسبته قبل 6 سنوات 17٪ والفائدة عند حد 20٪. "في الوقت الحالي ما زلنا في المرحلة الحامية وذروة المعاناة".

ويؤكد الباحث الاقتصادي أن المسيرة التي يمضي بها وزير المالية وفريقه الاقتصادي ستكون "طويلة"، "ويجب عدم التفكير بأن الأمور ستتحسن قبل 2026"، وفق قوله.

ومن ناحية أخرى يرى أن "الكثير من الأموال التي دخلت إلى تركيا خلال الأشهر الماضية ارتبطت بتسلم شيمشك منصب وزير المالية وباسمه أيضا".

ويتابع: "إذا ما ذهب سيكون هناك كارثة".