حلوى المولد.. مصر تتمسك بعاداتها رغم التضخم

"ارتفعت جميع الخامات، فاضطررنا إلى رفع الأسعار"، يقول مصطفى عبداللطيف، صاحب أحد مصانع الحلوى في مصر القديمة، مبررا الزيادات التي شهدتها أسعار حلوى المولد.

ولفت عبداللطيف إلى أنه على الرغم من ارتفاع الأسعار بنسب متفاوتة، فإن الإقبال على الشراء هو في معدلاته الطبيعية نفسها لمثل هذا التوقيت.

وقدّرت دراسة حجم مبيعات حلوى المولد العام الماضي بنحو 3.2 مليار جنيه.

في المقابل، يؤكد حسن الفندي، رئيس شعبة السكر والحلوى بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، أنه لا يوجد رقم رسمي لحجم استهلاك أو مبيعات حلوى المولد في مصر، نظرا لدخول استثمارات غير رسمية لهذا القطاع، ضمن منظومة الاقتصاد غير الرسمي في البلاد، وهو ما يعد أحد أسباب تفاوت الزيادات التي شهدتها أسعار حلوى المولد لهذا العام.

ويبلغ الحد الأدنى لسعر علبة حلوى المولد 120 جنيها، وأعلى سعر 4200 جنيه، بحسب ما رصدته جولة لبلينكس بمنافذ البيع المختلفة، مثل المجمعات الاستهلاكية والأسواق الشعبية والمحلات الفاخرة.

معادلة الأسعار المرتفعة لحلوى المولد والإقبال على الشراء، تحلها السيدة هدى حسن، بشفرة بالغة التلقائية، قائلة "إحنا بنستنى أي مناسبة علشان نفرح ونحتفل"، مبررةً عدم امتناعها عن الشراء، بالرغم من الضغوط الاقتصادية التي تلاحق الأسر المصرية، خاصة مع تزامن الاحتفال بالمولد النبوي مع بداية العام الدراسي الجديد.

تمسُّك هدى وغيرها من المقبلين على الشراء، ليس جديدا على المجتمع المصري الذي يحتفل بالمولد النبوي بشراء الحلوى منذ أكثر من ألف عام، إذ بدأ المصريون هذه الطريقة خلال العصر الفاطمي، حيث اعتاد الحكام الفاطميون توزيع الحلوى بالمجان خلال احتفالية المولد النبوي، ثم تطور الأمر وأصبح الاحتفال بشراء تلك الحلوى التي تنوعت هي الأخرى بمرور الوقت.

التفاوت الشديد في أسعار حلوى المولد قد يبدو مربكا بعض الشيء من الناحية الاقتصادية، لكنه يخدم جميع الطبقات، وتنقسم سوق حلوى المولد في مصر لثلاث فئات، الأسواق الشعبية، وعلى رأسها سوق "باب البحر"، والمحال الفاخرة ومنافذ البيع الحكومية.

وتتراوح الأسعار في الأسواق الشعبية بين 250 و1000 جنيه للعلبة، بحسب الوزن والمكونات والتغليف.

وتنافِس منافذ الحكومة، المتمثّلة في المجمعات الاستهلاكية ومنافذ بيع وزارتي التموين والزراعة، الأسواق الشعبية في الأسعار المتواضعة، إذ تتراوح الأسعار بين 120 جنيها كحد أدنى، وتصل إلى 1100 جنيه، أما الأسعار في المحال التجارية فتتراوح بين 300 جنيه، وتصل إلى 4200 جنيه، وتعادل 70% من الحد الأدنى للأجور.

على الرغم من تنوع وتطوّر صناعة حلوى المولد في مصر، فإن تقليد "العروسة والحصان" لا يزال له بريق في الاحتفال بالمولد بمصر، بحسب عصام عبدالغني، تاجر حلويات بسوق "باب البحر".

وأكد عبدالغني أن علب الحلوى لا تُغني عن شراء العروسة أو الحصان، خاصة للأسر التي لديها أطفال، موضحا أن سعر عروسة المولد لم تشهد أي زيادات هذا العام، نظرا إلى بساطة المكوّنات التي تعتمد على السكر والماء واللون؛ بخلاف حلاوة المولد التي يتوقّف تسعيرها على نوع المكسرات الموجود بها، وأغلبها مستورد، مشيرا إلى أن سعر عروسة المولد أو الحصان يتراوح بين 75 و300 جنيه، على حسب الحجم والزينة الموجودة عليها.

وترجّح بعض الروايات التاريخية احتفال المصريين بالمولد النبوي بصناعة عرائس من الحلاوة، بصفتها رمزا لزوجة الخليفة الفاطمي، والحصان رمزا للخليفة نفسه، اللذين اعتادا توزيع الحلوى بالمجان، احتفالا بالمولد النبوي في موكبٍ ترتدي فيه زوجة الخليفة رداءً أبيض، والخليفة على صهوة حصانه.