فشل وانغ ونجح سيلفر.. كيف تخدعنا استطلاعات الرأي الأميركية؟

قبيل انتخابات العام ٢٠١٢، كانت نتائج آخر استطلاع للرأي لمركز غالوب للأبحاث تشير إلى فوز المرشح الجمهوري ميت رومني بنسبة ٤٩٪، مقابل ٤٨٪ للرئيس الديمقراطي باراك أوباما، لكن الأخير فاز بفارق ٤٪، ليدفع مركز الأبحاث لإعادة حساباته.

نشر المركز بعد ٧ أشهر من الانتخابات تقريرا حول أخطائه، وشرح رئيس المركز فرانك نيوبورت، ٤ عوامل رئيسية تسببت في خروج استطلاع مركزة بعيدا عن الدقة. وبحسب واشنطن بوست تجسدت الأخطاء في:

1. أخطاء في نموذج الناخب المحتمل (المكون من ٧ أسئلة)
2. الاستطلاعات اعتمدت على عدد كبير جدا من البيض بين العينة الأساسية مقارنة بذوي الأصول الأفريقية واللاتينية.
3. التمثيل الزائد للناخبين في المناطق التي كان أداء رومني فيها أفضل في الاستطلاعات.
4. الاعتماد على الهواتف الأرضية دون الموبايل، والتي عادة يكون أصحابها أكبر سنا وربما أقل ميلا لأوباما.

ما حدث من أخطاء في هذا الاستطلاع لم يكن درسا لمراكز استطلاعات الرأي الأخرى، ففي عام 2016، كانت المنافسة على أشدها بين الديمقراطية هيلاري كلينتون ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب.

آنذاك، كان أستاذ علم الأعصاب في جامعة برينستون والمؤسس المشارك لمدونة اتحاد برينستون للانتخابات، سام وانغ يراهن على أن الأخير لن يحصل على أكثر من 240 صوتا في المجمع الانتخابي، وإن حدث فإنه سيأكل حشرة على الهواء، ليفعل ذلك فعلا على شاشة CNN، بعد انتصار ترامب على منافسته هيلاري كلينون.

ما فعله رئيس غالوب فرانك نيوبورت، كرّره سام وانغ بعدها بأربع سنوات، معددا أسباب أخطائه بعدما توقع بصورة أقرب للصحة فوز بايدن في انتخابات ٢٠٢٠، ولكن بعدد أكبر مما حصل عليه الرئيس الأميركي في المجمع الانتخابي، في حوار مع Scientific American:

• ارتكبنا خطأ دائما في استطلاعات الرأي بنحو 2.5% في الولايات الزرقاء (الديمقراطية).
• نسبة المشاركة في التصويت كانت أقل في الولايات المحسومة لصالح مرشح بعينه.

وهناك عامل إضافي يشرحه الأستاذ في جامعة ستانفورد جاستن غريمر على مجلة بوليتيكو، وهو "المعايرة"، إذ يشير إلى أنه إذا تنبأ نموذج ما بأن فرص فوز هاريس تبلغ 59%، فإن نموذج المعايرة يتوقع فوزها، أو فوز مرشح آخر، في 59 من أصل 100 انتخابات رئاسية.

وفي ظل أفضل السيناريوهات، فإن تحديد نموذج للتوقعات أفضل من غيره قد يستغرق ما بين 28 إلى 2588 عاما، بحسب غريمر.

رغم صعوبة الحصول على استطلاع رأي دقيق، فإن شخصا واحدا استطاع النجاح بنسبة تتجاوز ٩٠٪ عندما توقع المرشح الفائز في انتخابات ٢٠٠٨ و٢٠١٢، بل أيضا على مستوى كل ولاية، باستثناء ولاية واحدة عام ٢٠٠٨، هو نيت سيلفر.

حياة سيلفر، المولع بالإحصائيات والمقامرة، كانت رتيبة حتى عام ٢٠٠٣ إذ ترك وظيفته الاستشارية، و صمم نظاما يدعى Pecota للتنبؤ بأداء لاعبي دوري البيسبول الأميركي، وقد أثبتت تنبؤاته الاحتمالية أنها أكثر دقة من أي نظام آخر.

ومن الرياضة تحول إلى عالم السياسة بمشروع 538، الذي يحمل رقم مندوبي المجمع الانتخابي الأميركي، ليتنبأ بصورة هي الأصح بالفائزين في الانتخابات بالاشتراك مع نيويورك تايمز، بحسب غارديان وبلومبرغ.

في انتخابات ٢٠٢٠، وضع سيلفر مجموعة من الخطوات للوصول لأدق نتيجة هي:

1. جمع وتحليل وتعديل استطلاعات الرأي
2. الجمع بين استطلاعات الرأي و"الأساسيات"، مثل البيانات الديموغرافية والاقتصادية
3. أدخل "حالة عدم اليقين" كجزء من استطلاعات الرأي، عبر محاكاة الانتخابات آلاف المرات.

وفي الانتخابات الحالية، وضع سيلفر مجموعة من التعديلات، في يونيو ٢٠٢٤هي:

1. إزالة الافتراضات المرتبطة بكوفيد- ١٩ من النموذج الإحصائي للانتخابات السابقة.
2. الاستعانة بالأدلة القوية التي تظهر الإقبال على المشاركة في صفوف الديمقراطيين، ما يعني استفادتهم من انخفاض نسبة الإقبال.
3. أدخل افتراضات أكثر قوة حول تأثير روبرت كينيدي وأصوات الأطراف الثالثة، قبل انسحابه من السباق في أغسطس ٢٠٢٤.

غادر سيلفر مشروعه في عام 2023، لكن احتفظ بنموذجه الإحصائي، والذي ينشره الآن في صورة نشرة إخبارية مدفوعة الأجر، Silver Bulletin، كما نشر كتابا بعنوان On the Edge: The Art of Risking Everything، يتحدث فيه عن نموذجه الإحصائي.

وفي مقال له في أغسطس 2024 على نيويورك تايمز أفصح عن عدد من الحقائق التي توصل إليها:

• تضاعفت فرص الديمقراطيين في الفوز بعد انسحاب بايدن من 27٪ إلى 54٪ لصالح هاريس في أسبوع المؤتمر الوطني الديمقراطي.
• حملة ترامب لم تعتقد أن الديمقراطيين سيغيرون بايدن وقللوا من شأن خصومهم.
• تصرف هاريس بهدوء تحت الضغط.