"حملة تطهير" 3 ملايين موظف بسيف "الجدول F" الأميركي

صدر "الجدول F" بأمر تنفيذي من ترامب في أكتوبر 2020، ليمنح الوكالات الفيدرالية مرونة أكبر في تعيين أو فصل الموظفين في المناصب الحساسة المتعلقة بصنع أو ترويج السياسات، من دون الحاجة إلى الإجراءات التنافسية التقليدية، مع إمكانية تسريع فصلهم إذا ثبت عدم كفاءتهم.

وقد أُدرج هذا النظام ضمن مشروع 2025 الذي أعدّته مؤسسة هيريتيج كجزء من خططها للإدارة المقبلة، ويسمح هذا الجدول باستبدال الموظفين الحكوميين بأفراد أكثر ولاءً للحزب أو القيادة، ما أثار مخاوف من عودة "نظام الغنائم" في التوظيف، والذي كان سائدًا في القرن التاسع عشر حين تُمنح المناصب للموالين سياسيًا.

نقلت شبكة سي إن إن عن المتحدثة باسم فريق الانتقال الرئاسي لترامب، كارولين ليفيت، أن هناك عقبات تعيق تطبيق "الجدول إف" في اليوم الأول من ولاية ترامب لأن إدارة بايدن وضعت خططًا في أبريل 2024 لتأخير أو منع إعادة تنفيذه من خلال قاعدة تهدف إلى حماية حقوق الموظفين المدنيين الدائمين في الحكومة الفيدرالية، وفقا لموقع فيدرال نيوز نيتوورك.

ومع ذلك، تشير سي إن إن إلى إمكانية إلغاء هذه القاعدة بسهولة من قبل إدارة ترامب لعدم إقرارها رسميًا من الكونغرس.

من بين أكثر من 2.5 مليون موظف فيدرالي، قد يكون لمنطقة العاصمة واشنطن-ماريلاند-فيرجينيا النصيب الأكبر من تأثير "الجدول إف"، إذ يعيش فيها نحو 449 ألف موظف فيدرالي.

كما تعد وزارة الدفاع من أكثر الوزارات عرضة للتأثر، والتي يعمل فيها نحو 24 ألف موظف مدني وعسكري، وفقا لموقع ميليتاري إنستاليشنز التابع للبنتاغون.

وتحذّر مجلة فورين بوليسي من أن هدف "الجدول إف" لإقصاء الموظفين غير المتماشين مع سياسات الإدارة قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في الهيكل التنظيمي لوزارة الدفاع، ما قد يؤثر سلبًا على كفاءة واستمرارية السياسات الدفاعية والأمنية.

ويستهدف ترامب بشكل خاص الموظفين الذين وصفهم بالجنرالات "التقدميين" الذين يركزون على "العدالة العرقية والاجتماعية"، وكذلك العسكريين الذين قاوموا أو انتقدوا كل خططه بدءًا من شكوكه تجاه حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى استعداده لنشر قوات لقمع الاحتجاجات في الشوارع الأميركية، وفقا لرويترز.

إلى جانب "الجدول إف"، يُتوقع أن تستخدم الإدارة المقبلة وسائل أخرى للتخلص من الموظفين الفيدراليين، مثل نقل مقار الوكالات من واشنطن العاصمة. ففي ولايته الأولى، نقل ترامب مقر مكتب إدارة الأراضي إلى كولورادو، مما دفع 287 موظفًا للاستقالة أو التقاعد. وفي حملته لعام 2023، تعهّد بنقل "ما يصل إلى 100 وظيفة حكومية" خارج العاصمة.

كما يراقب الموظفون بقلق اقتراح ترامب لتشكيل لجنة كفاءة حكومية بقيادة الملياردير إيلون ماسك، والذي اقترح أن تخفض هذه اللجنة الإنفاق الحكومي بمقدار تريليوني دولار، وسط مقترحات بإلغاء مكاتب حكومية بأكملها.

ونقلت سي إن إن مخاوف عدد من الموظفين الفيدراليين حيث قال أحد موظفي وزارة الطاقة: "أستطيع أن أقول إن هناك شعوراً عاماً بالخوف بين الجميع"، وأضاف آخر من وكالة حماية البيئة: "نحن بالتأكيد نجري محادثات بيننا حول ما إذا كنا نستطيع تحمّل جولة ثانية".

في هذا الشأن، قال ماكس ستير، الرئيس والمدير التنفيذي لشراكة الخدمة العامة، إن حملة ترامب للتطهير قد تكون أكبر تغيير يشهده الجهاز الفيدرالي منذ أواخر القرن التاسع عشر، حيث ستعيد الحكومة الفيدرالية إلى "نظام الغنائم" لعام 1883، عندما كانت الأحزاب السياسية المنتصرة تمنح الوظائف الحكومية لأنصارها.

نشأ "نظام الغنائم" في السياسة الأميركية خلال انتخابات 1828، حين فاز الرئيس أندرو جاكسون، واعتُبر هذا النظام وسيلة لمنح المناصب للموالين سياسيًا، وفقا لدراسة أجرتها جامعة هيوستن الأميركية.

يقوم "نظام الغنائم" على مبدأ توزيع المناصب الحكومية بناءً على الولاء للحزب الفائز، حيث اعتبر جاكسون أن تولي المناصب العامة لا يتطلب ذكاءً أو تدريبًا خاصًا، وأن التناوب في هذه المناصب سيحول دون نشوء طبقة من الموظفين الفاسدين المنفصلين عن الشعب. رأى جاكسون في هذا النظام فرصة لإشراك المواطنين العاديين في الحكم، وتحقيق توازن يعزز دورهم في المؤسسات الحكومية.

إلا أن اغتيال الرئيس جيمس أ. غارفيلد في عام 1881 على يد طالب وظيفة محبط دفع الكونغرس لإقرار قانون بندلتون عام 1883، الذي وضع أسس نظام توظيف قائم على الكفاءة المهنية والتنافسية، وفقا لموقع إدارة الأرشيف والوثائق الوطنية الأميركي.