ترفيه
.
"لم ترَ البشرية شيئاً كهذا من قبل"، يوم الإثنين الماضي كان أكثر الأيام حرارة على وجه الأرض منذ 125 ألف عام على الأقل، ثم جاء يوم الثلاثاء بحرارة أعلى و"دخلنا في منطقة مجهولة" هكذا علق كارلو بونتمبو، مدير خدمة كوبرنيكوس لرصد تغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي.
الأسابيع والأشهر القليلة الماضية حطمت أرقاماً قياسية مخيفة فاجأت العلماء بتطورها المتسارع، بحسب صحيفة واشنطن بوست. المسطحات المائية سجلت ارتفاعا تاريخيًا في درجات حرارتها، وشهد المحيط الأطلسي الشمالي المتجمد أسوأ موجة حر من نحو 170 سنة. مستويات الجليد في القطب الجنوبي انخفضت على نحو لا مثيل له في التاريخ، وشهر يونيو الماضي كان الأشد حرارة منذ بدء السجلات.
الأرقام القياسية المسجلة مؤخراً تعني اقتراب البشرية من نقطة اللاعودة بشكل متسارع، ففي عام 2018، دقت هيئة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ ناقوس الخطر لكونه "لم يبقَ سوى ١٢ سنة للحد من كارثة التغير المناخي"، ما يعني أنه تفصلنا الآن 7 سنوات عن السيناريو الأسوأ.
تفصلنا الآن 7 سنوات عن السيناريو الأسوأ
استمرار الاحتباس الحراري سيؤدي لموجات جفاف كبيرة، وانعدام في الأمن الغذائي حول العالم، وزيادة وتيرة حرائق الغابات والمناطق الخضراء والعواصف والفيضانات، بالإضافة لاندثار الثروة السمكية والتنوع الحيواني، واختفاء نحو نصف مساكن الحشرات الضرورية لتلقيح المحاصيل الزراعية، وسيؤدي ذلك أيضاً لموجات نزوح وهجرة جماعية وارتفاع في معدلات الفقر والمجاعات، وحتى اندثار مدن ساحلية أو دول بأكملها تحت المياه الآخذة بالارتفاع.
وقد وضع العلماء سقفاً حرارية يعني تجاوزه مستقبلاً مظلماً للبشرية، وهو 1.5 درجة مئوية أعلى من معدلات الحرارة ما قبل الثورة الصناعية.
لكن معدل احترار الكوكب ارتفع بالفعل بمقدار 1.1 درجة مئوية في العام 2019، وهو ما تظهر آثاره اليوم من ارتفاع في وتيرة وحجم الظواهر الجوية المتطرفة من موجات الحر والجفاف والعواصف الشتوية والأعاصير.
المسببات الرئيسية للتغير المناخي هي الانبعاثات الكربونية
علمياً، المسببات الرئيسية للتغير المناخي هي الانبعاثات الكربونية من الأنشطة البشرية كحرق الوقود الأحفوري والفحم والغاز سواء لتوليد الطاقة والتدفئة والكهرباء أو المواصلات أو الصناعة والأنشطة التجارية. هذا بالإضافة للغازات الدفيئة كالميثان الصادرة عن الأنشطة الزراعية ومزارع تربية الماشية، علاوة على إزالة الغابات بشكل جائر سواء لتوسعة الأراضي الزراعية الربحية أو لإنتاج الأخشاب.
لكن في كل عامين لسبعة أعوام تتكرر بشكل غير منتظم الظاهرة المناخية المعروفة بالـ"نينيو" والتي تصف احتراراً غير معتاد للمسطحات المائية في شرق المحيط الهادئ تستمر ما بين تسعة أشهر وبضعة سنوات.
تؤدي هذه الظاهرة إلى ارتفاع الحرارة في أجزاء كثير من العالم والمحيطات وترفع من احتمالية تجاوز أرقام حرارة قياسية. ويزيد وقوعها من حدة أعراض التغير المناخي ويفاقم المشاكل الناتجة عنه بشكل كبير، كحودث موجات جفاف عاتية في بعض المناطق في حين هطول أمطار غزيرة في مناطق أخرى مسببة فيضانات.
آخر موجة نينيو كبرى ضربت الأرض كانت في العام 2016
وعلى الرغم من عدم وجود دليل يشير لتأثير مباشر لتغير المناخ على ظاهرة نينيو، إلا أن بعض النماذج المناخية تتوقع أن يزيد الاحتباس الحراري حدة تواتر وقوة الظاهرة في المستقبل نتيجة لارتفاع درجات الحرارة العالمية.
آخر موجة نينيو كبرى ضربت الأرض كانت في العام 2016، والتي سجلت كأثر سنة ساخنة على الإطلاق. لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة حذرت بداية الشهر الجاري من وصول الظاهرة مرة أخرى، ونبهت المنظمة لضرورة الاستعداد لظواهر الطقس المتطرفة كأمر حيوي لإنقاذ الأرواح وسبل العيش.
منظمة الصحة العالمية أعلنت الشهر الماضي عن ترقبها لزيادة انتشار الأمراض الفيروسية مثل حمى الضنك وزيكا والشيكونغونيا المرتبطة بظاهرة النينو. حيث قالت ماريا نيرا مديرة البيئة وتغير المناخ والصحة في المنظمة "يمكننا بشكل معقول أن نتوقع حتى زيادة في الأمراض المعدية بسبب درجة الحرارة"، بحسب ما نقلته وكالة رويترز.
يمكننا أن نتوقع زيادة في الأمراض المعدية بسبب درجة الحرارة
أما صحيفة واشنطن بوست، فنقلت عن مصادر علمية مؤخراً بأن السرعة الكبيرة التي تتطور بها درجات الحرارة العالية، في أماكن متنامية من الكوكب، لا يمكن تفسيرها بظاهرة نينيو فقط، فقد حطمت درجات الحرارة أرقاماً قياسية حول العالم قبل عدة أشهر من الوصول لذروة تأثير ظاهرة نينيو، والتي تضرب عادةً في ديسمبر وتؤدي لارتفاع درجات الحرارة العالمية لأشهر تليها.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة