عادل إمام.. "الزعيم" يكتفي بمسيرة الضحك والدموع

الضحك والدموع

قدم عادل إمام خلال رحلته الفنية التي انطلقت في ستينيات القرن الماضي، أكثر من 100 فيلم و10 مسرحيات والعديد من المسلسلات التلفزيونية، وفق ما نشرته الأمم المتحدة عند تعيينه سفيرا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

اكتفى عادل إمام في النصف الأول من الستينيات بأدوار خفيفة، وظهر للمرة الأولى ضمن أبطال الأعمال السينمائية في الأدوار الثانية عام 1969 بفيلم "لصوص لكن ظرفاء" مع أحمد مظهر ويوسف فخر الدين وماري منيب ومديحة سالم، وفي العام نفسه قدم فتاة الاستعراض مع سعاد حسني وحسن يوسف.

وحصل إمام على البطولة التي انتظرها عام 1973 في فيلم "البحث عن فضيحة" مع ميرفت أمين وسمير صبري، وكل ما بعد ذلك هو تاريخ كبير لنجم لم يترك مقعد البطل الأول في كل أعماله الفنية.

في بداية مسيرته ركز عادل إمام على الأعمال الفنية الكوميدية، التي كان أبرزها "البعض يذهب للمأذون مرتين"، و"رجب فوق صفيح ساخن"، و"خلي بالك من جيرانك"، و"رجل فقد عقله"، و"على باب الوزير"، و"عصابة حمادة وتوتو"، و"المتسول".

وقدم الزعيم أفلاما قليلة في فترة السبعينيات غير كوميدية، كان أبرزها "إحنا بتوع الأتوبيس"، وفي عام 1981 فوجئ الجمهور بفيلم آخر غير كوميدي لعادل إمام بعنوان "الإنسان يعيش مرة واحدة"، ناقش خلاله فكرة فلسفية حول الهدف الذي يحيى الإنسان لأجله.

لكن في عام 1983 لم يتقبل الجمهور عودة نجمهم المفضل في عمل غير كوميدي، ليفشل فيلم "الحريف" في تحقيق مبيعات النجم الأول المعتادة في شباك التذاكر، بحسب بعض نجوم العمل حينها، ورغم أن الفيلم عاد ليحقق نجاحا كبيرا بعد عرضه على شاشات التلفاز.

قبل عادل إمام التحدي، وبعد تقديمه عدة أعمال كوميدية في الثمانينيات مثل "الأفوكاتو"، و"اثنين على الطريق"، و"احترس من الخط"، و"خلي بالك من عقلك"، و"رمضان فوق البركان"، ظهر بأعمال تراجيدية ودرامية مثل "الإنس والجن"، و"سلام يا صاحبي"، و"المولد"، و"النمر والأنثى".

وانفجر عادل إمام فنيا في التسعينيات بتقديم أعمال سياسية خالدة مثل رباعيته الشهيرة "اللعب مع الكبار"، و"الإرهاب والكباب"، و"الإرهابي"، و"طيور الظلام"، إذ ابتعد تماما عن الضحك، وتناول قضايا جادة في المجتمع المصري، ودخل إلى منطقة لم يسبقه إليه أحد.

الجمهور تقبل فكرة عادل إمام المضحك المبكي، الذي يجعلهم يدخلون في نوبات ضحك في فيلم، ثم يشاهدون فيلما آخر ليجدوا أنفسهم ينتحبون، لتبرز الموهبة الكبيرة التي جعلته علامة فارقة في تاريخ الفن المصري والعربي.

الابتعاد عن الكوميديا وضع عادل إمام في حرب مستمرة متعددة الأطراف، إذ كانت زيارة ساحات المحاكم أمرا مألوفا لنجم مصر الأول، إذ تسبب فيلمه "الأفوكاتو" عام 1984 في أزمة طاحنة مع المحامين، بعدما جسد شخصية محام فاسد مرتش يتلاعب بالقانون.

مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك المصري السابق، حكم على عادل إمام بالسجن لمدة عام، بسبب الصورة السيئة التي قدمها لرجال القانون، حيث كان حينها رئيسا لمحكمة مصرية، قبل أن يستقيل بسبب بعدها بسبب الهجوم الذي تعرض له. وتم إلغاء الحكم في إعادة الإجراءات.

وفي 2012 تعرض عادل إمام لحكم بالسجن 3 أشهر مع تغريمه ماليا بتهمة ازدراء الدين الإسلامي من خلال أعماله الفنية الثلاثة "حسن ومرقص"، و"الإرهابي"، و"مرجان أحمد مرجان"، لكن تم إلغاء الحكم في الاستئناف مع تغريم المدعي.

الحرب ضد "الزعيم" لم تتوقف فقط على ساحات المحاكم، إذ طاردته الشائعات بصورة دائمة طوال فترة عمله.

وفي 2020 ظهرت شائعة إصابة عادل إمام بوباء كوفيد-19، ثم خرجت شائعة أخرى تؤكد وفاته، وبعد عامين من التاريخ نفسه، انتشرت أخبار بإصابة عادل إمام بمرض ألزهايمر، وعدم قدرته على تذكر أسرته، وبالتالي اعتزاله عن العمل والظهور الإعلامي.

لم يحصل عادل إمام على فرصة المنافسة على الجوائز العالمية المرموقة في الفن، بسبب تقديم كل أعماله باللغة العربية، وعدم مشاركته في أعمال عالمية مثل بعض النجوم المصريين وعلى رأسهم عمر الشريف، صاحب جائزة غولدن غلوب، الذي ترشح من قبل لجائزة الأوسكار، لكن "الزعيم" عرف الطريق لبعض الجوائز الدولية.

في عام 2006، كرم مهرجان "ساو باولو" السينمائي الدولي عادل إمام عن دوره في فيلم "عمارة يعقوبيان"، وحصل على جائزة أفضل ممثل، وفي العام نفسه حصد جائزة مهرجان تريبيكا السينمائي الدولي في نيويورك.

إمام حصد أغلبية الجوائز العربية المتاحة في مختلف المهرجانات، وكان آخرها جائزة "زعيم الفن العربي" من مهرجان "جوي أورد" في الرياض 2024.

وحصل "الزعيم" على جوائز مهرجانات دبي ومراكش وقرطاج، كما تم تكريمه من الرئيس التونسي عام 2016 بمنحه الوسام الوطني للاستحقاق في قطاع الثقافة من الصنف الأول.

ويعتبر إمام فوزه بجائزة مهرجان القاهرة السينمائي أكثر من مرة ضمن أفضل التكريمات التي حصل عليها، إذ صعد على منصة التتويج عام 1995 كأفضل ممثل عن دوره في فيلم "الإرهابي"، وعام 2007 عن دوره بفيلم "عمارة يعقوبيان".