"اقتصاد مُنعش".. كم تربح كولومبيا من بيع 700 مليون زهرة سنويا؟

باقات نابضة بالحياة مفعمة بالحياة، تزين الاحتفالات في جميع أنحاء العالم. خلف هذه التنسيقات الزهرية تكمن كولومبيا؛ إذ في عام 2022 وحده، قامت بتصدير ما قيمته 2 مليار دولار أمريكي من الزهور.

هذه الزهور وصلت لسكان 100 دولة حول العالم.

وتظل الولايات المتحدة أكبر مستورد للورود من كولومبيا، حيث دفعت ما قيمته 1.6 مليار دولار أمريكي في عام 2022، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 22٪ عن العام السابق، والذي يعني أن 80٪ من باقات زهور التي تستوردها الولايات المتحدة تأتي من كولومبيا وحدها.

خارج الولايات المتحدة، تتوق كل من اليابان وكندا والمملكة المتحدة وهولندا وإسبانيا إلى لمسة من السحر الكولومبي، حيث استوردت بشكل جماعي ما قيمته أكثر من 250 مليون دولار أمريكي من الزهور في عام 2022.

هذه الأرقام آخذة في النمو، مع زيادة قيمة الصادرات العالمية عاما بعد عام؛ وهذا بسبب الطقس الدافئ في كولومبيا، تعد البيئة هناك مثالية لنمو حوالي 130 ألف نوع من النباتات المختلفة.

92% من الزهور الكولومبية تُنقل جواً، ما يضمن وصولها طازجة وسريعة إلى وجهتها.

على الرغم من كون النقل الجوي يمثل 8% فقط من إجمالي تصدير الزهور الكولومبية، إلا أن هذه الطريقة تشهد ازدهارا بمرور الوقت.

نقل الباقات الكولومبية الزاهية يحتاج رحلة معقدة تمتد لآلاف الأميال.. فكيف تتم العملية؟

• يعد الحفاظ على درجات حرارة تتراوح بين 0.5 ودرجة واحدة درجة فهرنهايت أمرا بالغ الأهمية لهذه الأزهار الرقيقة.

• عند الوصول إلى مطار ميامي الدولي، المركز الرئيسي لاستيراد الزهور في الولايات المتحدة، تخضع الزهور لفحص الجمارك، والذي قد يستغرق ما يصل إلى 24 ساعة، الأمر الذي قد يعرضها لدرجات حرارة ضارة، وبالتالي يتم تبريدها مباشرة أثناء عمليات النقل.

• يتسبب هذا التبريد المستمر في تكلفة بيئية، وهي المساهمة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، إذ تنقل الشاحنات المبردة بعد ذلك الزهور إلى المستودعات ثم إلى تجار التجزئة.
• في حين يضمن هذا النظام النضارة للورود، فإنه يحمل تكلفة بيئية، إذ تستهلك الشاحنات المبردة 25٪ وقودا أكثر من الشاحنات العادية.

يُنتج نقل الزهور الكولومبية إلى الولايات المتحدة وحدها نحو 360 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

مع ازدياد الطلب على الزهور، خاصةً في عيد الحب، تدرك هذه الصناعة ضرورة تقليل تأثيرها على البيئة.

يقود هذا التحول منظمة Florverde، وهي منظمة كولومبية تهدف إلى تعزيز إنتاج الزهور بشكل مستدام. تعمل هذه المنظمة مع مزارعي الزهور في جميع أنحاء البلاد، وتقوم بفحص 39% من جميع الزهور التي يتم تصديرها اعتبارا من العام 2018.

وهدفهم هو ضمان أن تنمو هذه الزهور بشكل مسؤول باستخدام كميات أقل من الطاقة والمياه خلال عملية الإنتاج.

ولكنّ سعى هذه الصناعة إلى الاستدامة لا يتوقف عند هذا الحد، فهي تبحث بنشاط عن حلول لتقليل بصمتها الكربونية، من خلال استكشاف ابتكارات مثل طرق الشحن الفعالة ومصادر الطاقة البديلة.

يعكس هذا التحول وعيا متزايدا بمسؤولية المنتجين، ليس فقط لتقديم أزهار مذهلة، ولكن أيضا لحماية البيئة التي تنمو فيها.

تواجه كولومبيا، ثاني أكبر مُصدّر للزهور المقطوفة في العالم، شوكة وتاجا في طريقها.

من ناحية إيجابية، تحفز الإعانات الحكومية المزارعين على التحديث، مما يعزز الجودة والكفاءة لتلبية احتياجات المستهلكين المتطورة باستمرار، وفقاً للأبحاث.

ويساعد هذا التحديث أيضا في معالجة التحديات العمالية، وهو جانب حاسم لاستدامة الصناعة.

ومع ذلك، تُشكل اللوائح الصارمة التي تفرضها الأسواق الخارجية عقبات، إذ غالبا ما تضع الدول المتقدمة معايير صارمة للجودة والبيئة، ما يخلق عقبات أمام المنتجين الكولومبيين للتغلب عليها.

ولا تزال مخاوف الموظفين قائمة؛ قضايا الحد الأدنى للأجور وساعات العمل وبيئة العمل اهتماما لضمان النمو الأخلاقي والمستدام للصناعة.