"مقبرة الرعب" في براغ

دُفن حوالي 4200 شخص في مقبرة مستشفى "Bohnice" للأمراض النفسية الضخم، والعديد منهم دُفنوا دون شواهد.

وقال جيري فيتك، وهو رجل إطفاء سابق ونائب رئيس البلدية المحلية الذي أصبح القائم بأعمال الإشراف عليها فعليًا: "إنها مقبرة مختلفة تماما".

وأضاف لوكالة فرانس برس: "كانت المقبرة تُستخدم لدفن مرضى الأمراض النفسية العاديين، مرضى الفصام، والمدمنين على الكحول والمخدرات، وكذلك الأشخاص الذين لا ترغب في مقابلتاهم، مثل مرتكبي جرائم الاعتداء على الأطفال، والقتلة".

وقال فيتك إن جافريلو برينسيب، الطالب البوسني الصربي الذي اغتال الأرشيدوق فرانز فرديناند وزوجته في سراييفو عام 1914، مما أشعل فتيل الحرب العظمى، ربما يكون قد دُفن هناك قبل إنشاء ضريح له في وطنه.

كان برينسيب السجين الوحيد في قلعة "Theresienstadt" شمال براغ. وأقيم له جنازة سرية في المقبرة بإشراف حراس السجن بعد ثلاثة أيام من وفاته.

وقال فيتك إن المقبرة النائية كانت المكان المثالي لبرينسيب: "أين يمكن للنمسا أن تدفن أسوأ مجرم لديها؟"

أول شخص دُفن في Bohnice كان صبيًا يبلغ من العمر 11 عاما توفي بمرض السل في سبتمبر 1909.

في ذلك الوقت، كانت المستشفى الأكبر من نوعها في الإمبراطورية النمساوية المجرية المترامية الأطراف - قرية حقيقية تضم كنيسة ومغسلة ومخبزا.

وقالت المتحدثة باسم المستشفى، ألزبينا ريمروفا، لوكالة فرانس برس: "كان المرضى يعملون في الحقول، ويزرعون الخضروات ويعملون في الورش".

وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، شملت المدافن جنودا نمساويين دخلوا المستشفى بسبب أمراض عقلية ومرضى نفسيين من إيطاليا تم إجلاؤهم إلى براغ.

وقال فيتك إن معظمهم ماتوا خلال وباء التيفوئيد بين عامي 1916 و1918.

أغلقت المقبرة في عام 1951 وتركت للنهب والإهمال لمدة ستة عقودا، وانحنى مبنى الكنيسة بفعل الزمن وغطته نبات اللبلاب.

لكن أجواءها المؤرقة جذبت المخرج ميلوش فورمان لتصوير مشهد الدفن المفجِع في فيلمه الحائز على جائزة الأوسكار عام 1984 "أماديوس"، حيث أُلقي جثمان الموسيقار العظيم موزارت في قبر الفقراء، وقد غُطِي جسمه بالجير الحي.

وقال فيتك إن رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر قامت بزيارة غامضة إلى المقبرة عام 1990 لإعادة رفات طيار بريطاني أُسقط في نهاية الحرب العالمية الثانية، على حد التقارير.

وقال فيتك إنه لم يكن أحد يعرف مكان القبر حتى تعرف عليه أحد المشردين المحليين مقابل صندوق من الروم.

على مر السنين، أصبحت المقبرة بؤرة للخيال المظلم؛ مكان يحاول فيه الشباب المحليون تخويف بعضهم البعض واختبار شجاعتهم - خاصةً ركنها الجنوبي الغربي الذي كان مخصصا للمجرمين.

بعض الزوار يزعمون أن ركنًا فيها أكثر برودة من بقية المقبرة. يُعزى هذا الشعور إلى "الطاقة السلبية" المنبثقة من قبور المجرمين المدفونين هناك.

لكن فيتك يُضحك على هذه المعتقدات، ويُشير إلى أن سبب البرودة هو دفن "غير المؤمنين" في أكياس معقمة بالجير، وليس في توابيت.

وتُخفي المقبرة أسرارا أخرى، ففي الثمانينيات، تم ضبط طقوس شيطانية تُقام داخلها. كما استخدمها بعض السكان المحليين كمكب للنفايات، تاركين وراءهم أكوامًا من الحطام.

في عام 2011، اكتشف جيري فيتك المقبرة أثناء نزهة مع كلبه، وقرر تنظيفها وإعادة تأهيلها.

بدأ فيتك بتنظيم جولات إرشادية للزوار، وكتب كتابا عن تاريخ المقبرة، ويخطط الآن لتجديد الكنيسة والنصب التذكاري.

يقول فيتك: "لقد أنقذت الأحياء كرجل إطفاء لمدة 15 عاما، والآن أنقذ الموتى منذ 12 عاما".