لماذا أصبح "البرعي" أيقونة الشاشة المصرية؟

تدور قصة مسلسل لن أعيش في جلباب أبي، حول شخص قروي توجه إلى القاهرة بحثا عن الرزق، وظهر بجلباب مهترئ وثياب بالية في الحلقة الأولى، ولم يكن معه ما يكفي لقوت يومه.

ويدخل البرعي إلى "الوكالة" وهي منطقة لبيع الأشياء المعدنية القديمة "الخُردة" وقطع غيار السيارات، ليحصل على وظيفة عامل لدى أكبر التجار "إبراهيم سردينة"، الذي جسد شخصيته الفنان إبراهيم أبو زهرة.

ويستمر تطور عبد الغفور البرعي الذي كان يوفر ثمن الطعام ليدبر مالا يمكنه من بداية تجارة بسيطة في بيع الخردة على الأرصفة، مستعينا بتعليمات صاحب عمله "سردينة" الذي أحبه وأغدق عليه بالنصائح حتى نجح وعرف كيف يجني المال، ليصبح تاجرا صغيرا له محل تجاري في الوكالة.

رحلة كفاح البرعي أبهرت المصريين وقت عرضها، وحتى الآن، إذ لم يكتف بكونه تاجرا في "الوكالة"، وتوسع في أعماله ونجح في بناء عمارات سكنية فاخرة، ومصانع وعقد شراكات أجنبية، وأصبح أحد أكبر رجال الأعمال في مصر.

ويرى الجمهور نفسه دائما في رحلة صعود عبد الغفور البرعي، التي يُضرب بها المثل لأي شخص فقير يبدأ طريقه في التجارة، أملا في أن يُكرر النجاح في المسلسل الدرامي الشهير.

وظهرت بالفعل نماذج عدة في المجتمع المصري، على غرار عبد الغفور البرعي، تحدثوا في لقاءات تلفزيونية وصحفية على مدار 28 سنة منذ عرض المسلسل، عن خوضهم رحلة الصعود من الصفر إلى الثراء على طريقة "نور الشريف".

وبسبب التفاعل الكبير من المسلسل، أصبح يُعرض يوميا على مدار السنوات الماضية، إذ تتناوب القنوات التلفزيونية على نايل سات، في عرضه، فبعد أن ينتهي على قناة، تهم أخرى في الإعلان عن إذاعته، وفي كل مرة يحظى بنسب مشاهدة مرتفعة نظرا لحب الجمهور للقصة وأبطال العمل.

وبنيت قصة المسلسل على رواية للكاتب إحسان عبد القدوس، بنفس الاسم، مع تغييرات عدة على الأحداث وإضافة شخصيات من أجل تكثيف عوامل جذب الجمهور على الشاشة.

انتشرت شائعات خلال الأيام الأخيرة بمصر عن تدريس قصة حياة عبد الغفور البرعي ورحلة كفاحه، ضمن منهج اللغة العربية في الصف الأول الإعدادي.

وكانت وزارة التربية والتعليم قد أعلنت خطة لتطوير المناهج في كل المراحل التعليمية، وقامت بحذف الكثير من الدروس وإضافة أخرى جديدة، لتظهر شائعة تدريس قصة عبد الغفور البرعي.

وناقشت الجماهير الفكرة ما بين مؤيد ومعارض، إذ رحب البعض بفكرة تدريب رواية للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، وأخذ العبرة منها، خاصة أن بطل القصة شاب مكافح أصبح رجل أعمال ناجح، بينما انتقد البعض الآخر بسبب تدريس أعمال تمثيلية للطلاب.

وسرعان ما أنهت وزارة التربية والتعليم الجدال، وأكدت مصادر لصحف محلية أن الأمر برمته مجرد شائعة، ونفت تدريس قصة عبد الغفور البرعي في المرحلة الإعدادية أو أي مرحلة أخرى.

ورغم مرور 28 عاما، على عرض المسلسل للمرة الأولى، ما زال نجوم مسلسل لن أعيش في جلباب أبي يتحدثون في البرامج التلفزيونية المختلفة عن شخصياتهم وكواليس المسلسل والقصة التي خطفت قلوب المصريين.

ويحكي الفنان عبد الرحمن أبو زهرة، الذي لعب دور البطولة في الحلقات الأولى بشخصية "إبراهيم سردينة"، التاجر الذي تبنى عبد الغفور البرعي في بدايته، ويقول عن دوره: "كل الذين اعتذروا عن تقديم هذا الدور ندموا ندما شديدا عند عرضه".

وتعجب أبو زهرة من تعلق الجمهور بالمسلسل حتى الآن قائلا: "صنع المسلسل جماهيرية كبيرة لي حتى الآن، رغم مرور نحو 30 عاما على عرضه".

وأشار "المعلم سردينة" في لقاء تلفزيوني له في شتاء عام 2020 على فضائية "دي إم سي" المصرية إلى أن الشعب المصري بالكامل شاهد هذا المسلسل، لافتا إلى استمرار عرضه بشكل دوري على كل القنوات حتى وقت حديثه.

وفي حوار تلفزيوني عبر فضائية "صدى البلد" قال الفنان محمد رياض، الذي لعب شخصية عبد الوهاب، نجل عبد الغفور البرعي في المسلسل، إن العمل تسبب له في نقلة كبرى في حياته المهنية.

وقال رياض: "يُشاهد الجمهور المسلسل مع كل إعادة عرض بشغف وحماس في كل مرة، ولذلك يجب أن يُدرس هذا المسلسل في فن الدراما".

وتابع "عبد الوهاب" حديثه: "أحبت الأجيال الجديدة التي ولدت بعد عرض المسلسل العمل، وأثر فيهم، لدرجة أنني قابلت طفلا صغيرا عمره 7 سنوات يناديني باسم الشخصية، ففوجئت من استمرار نجاح المسلسل على مر كل هذه الأجيال".

وفي حديث تلفزيوني قديم، قال نور الشريف بطل العمل، إنه رفض المسلسل عند قراءة المعالجة الدرامية المكونة من 30 صفحة فقط، ورأى أنه يشبه فيلم "الفتوة".

ويحكي نور: "بعد رفضي المسلسل، قدم مؤلف العمل مصطفى محرم، الحلقات كاملة لي، وبعد الانتهاء من القراءة وافقت، وقررت أن أدخل التصوير لإعجابي بالقصة، والقيم التي تقدمها للأسرة والمجتمع".