بيئة

تدوير البلاستيك.. الحل الذي خلق أزمة

نشر

.

Bouchra Kachoub

على طاولة العشاء في إحدى مطاعم أوكلاند بنيوزيلاندا، جلست الأميركية لورين وصديقتيها يسرى وليز تتبادلن أطراف الحديث عن مواضيع شتى. تحدثن عن المؤتمر الذي ذهبن من أجله لنيوزيلاندا لحضوره، وعن جوانب مختلفة من حياتهن الخاصة إلى أن وصل بهن الحديث إلى موضوع تدوير البلاستيك.

بكل جرأة وعفوية، قالت يسرى "أنا لا أؤمن بعملية التدوير." فهي فعلا لم تعد تؤمن بها بعدما اطلعت في وقت سابق على تقارير تتبعت ما يحدث للقمامة التي تلقى في حاويات التدوير.

حل صمت محرج لبضع ثوان قبل أن تبدأ لورين في حديثها المفصل عن كيف تصنف نفاياتها وتلقي بها في خمس حاويات. وأضافت أنه بالرغم من الفوضى الذي قد تحدثه هذه المواد القابلة للتدوير في مطبخها، فهي لا تمانع ذلك على الإطلاق.

مثل ليز، من عادة البشر الامتثال لنمط سلوكي معين لفترة، ولو بدون أدلة، قبل أن تكشف الدراسات عن حقائق صادمة تظهر الخطأ في هذا المفهوم.

تدوير البلاستيك ليس حلا

هذا ما حصل مع فكرة تدوير البلاستيك، فبعد عقود من هذه العملية، جاءت منظمة السلام الأخضر بتقرير يحذر من أن تدوير مادة البلاستيك ليست حلا لأزمة التلوث لأن تدويره يزيد من تركيز السموم فيه مقارنة مع مكوناته الأولية.

لتوضيح هذا الشأن، نشرت موقع منظمة السلام الأخضر عرضا يشرح كيف أن تدوير المواد البلاستيكية لا تساهم في عملية الاقتصاد الدائري لأن عملية التدوير تتطلب إضافة مواد كيميائية أخرى من بينها البوليمير الذي يشكل خطرا على البيئة وكذلك صحة الإنسان.

مواد خطيرة

يفيد المصدر نفسه أن البوليمر، وهي المادة الأساسية للبلاستيك، لا يتحلل أبدًا، ولكن يتفكك إلى جزيئيات دقيقة وخطيرة تحتوي على إضافات كيميائية تطلقها في البيئة.

غراهام فوربس، الذي يشرف على مشروع البلاستيك العالمي في منظمة السلام الأخضر بالولايات المتحدة الأميركية، صرح لصحيفة الغارديان أن "الحل الحقيقي لإنهاء التلوث الناتج عن البلاستيك هو الخفض بشكل كبير من إنتاجه".

هل تصديره للدول الفقيرة حل؟

تزامن إصدار التقرير مع الاستعداد لاجتماع في باريس الأسبوع المقبل يخص محادثات جديدة بشأن معاهدة عالمية محتملة للبلاستيك والتي اتفق ممثلو 173 دولة على تطويرها لمعاهدة ملزمة قانونا تنظم الدورة الكاملة لإنتاج البلاستيك وطرق التخلص منه.

لكن هذه الاجتماعات تواجه انتقادات بسبب استبعادها للدول الفقيرة التي عادة ما يتم تصدير هذه النفايات إليها وحرقها هناك.

هناك تخوف أيضا من تأثر المفاوضات بمصالح الشركات. حيث إن صناعة البلاستيك، التي تشمل الوقود الأحفوري والبتروكيماويات وشركات السلع الاستهلاكية، تطرح إعادة تدوير البلاستيك كحل لأزمة التلوث البلاستيكي، وذلك لحماية مصالحها.

اعرف أكثر

دول تستقبل بلاستيك الدول المتقدمة

أرسلت الولايات المتحدة أكثر من 400 ألف طن من النفايات البلاستيكية إلى المكسيك وماليزيا والهند وفيتنام عام 2021، حسب ما ورد في موقع منظمة إنفستغيت ويست.

كما تتلقى إندونيسيا وفيتنام وماليزيا ودول نامية أخرى الكثير من النفايات البلاستيكية من أوروبا - خاصة من هولندا، التي زادت صادراتها من البلاستيك إلى البلدان النامية بشكل كبير في 2020، من متوسط 18.3 مليون جنيه إسترليني شهريًا في عام 2020 إلى 41 مليون جنيه عام 2021.

تصدير البلاستيك إلى الدول الفقيرة مشكلة أكبر

عندما يتم شحن النفايات البلاستيكية إلى البلدان التي لا تمتلك بنية تحتية كافية لإدارة النفايات، يمكن أن تتسبب في أضرار طويلة الأمد للأشخاص والبيئة.

ينتهي الأمر بالبلاستيك غير المعاد تدويره إلى حرقه، مما يؤدي إلى إطلاق مواد كيميائية خطرة تسمم المجتمعات والسلسلة الغذائية، حسب موقع ائتلاف التلوث البلاستيكي.

خلافا لذلك، قد يتم إلقاء البلاستيك الزائد في مواقع النفايات غير الخاضعة للرقابة أو تلويثها مباشرة في البيئة، مما يؤدي إلى تلوث مصادر المياه والنظم البيئية.

في الفلبين، وهي مستورد كبير للبلاستيك، تتدفق النفايات البلاستيكية بدرجة هائلة تتسبب في مرض سكان مانيلا وعرقلة سواحل الدولة الجزيرة.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة