بيئة
.
لأيام ظلت الفتاة الأوكرانية يكاترينا التي لم يعد عمرها 19 عاما عالقة في منزلها مع جدها ومسنين آخرين في انتظار من ينقذهم من المياه التي أحاطت منزلهم مع آلاف آخرين تحاصرهم مياه الفيضانات المنتشرة على مساحة 600 كيلومتر مربع من منطقة خيرسون في أعقاب تدمير سد نوفا كاخوفكا في المنطقة الواقعة تحت سيطرة روسيا.
تتبادل كل من روسيا وأوكرانيا إلى جانب الغرب الاتهامات بينهما حول من تسبب في انهيار السد وحصار الآلاف، لكن ثمة خطر آخر بدأ يظهر في الأفق من تبعات انهيار السد الواقع على نهر دينبرو.
فقد بدأت أوكرانيا في التحذير من كارثة بيئية نتيجة الحطام الذي جرفه الفيضان على طول النهر ليحول ساحل أوديسا المطل على البحر الأسود إلى "مكب للقمامة ومقبرة للحيوانات".
ليس هذا فحسب بل أشارت وزارة الداخلية الأوكرانية إلى أن الكثير من الألغام والذخيرة والأشياء المتفجرة الأخرى تنقل إلى البحر وتلقى، مضيفة أن حرس الحدود لاحظوا انتشار الأسماك النافقة نتيجة ما يعرف بـ"وباء الأسماك" في المنطقة بحسب CNN.
أوكرانيا تزود السوق العالمية عادة كل عام بحوالي 45 مليون طن من الحبوب
بصوت مرتجف تحدثت يكاترينا عبر الهاتف لصحفيي وكالة أسوشيتد برس من سطح منزلها حيث لا كهرباء ولا مياه جارية ولا طعام، وهاتف خلوي تحتضر بطاريته لتعبر عن خشيتها من ألا يعرف أحد بوفاتهم، فقد غمرت المياه كل شيء وأن جدها المصاب بجلطة دماغية، بدأ ينفد منه الدواء، فيما لا تستطيع امرأة معها - هي جدة أحد الجيران - التحرك بمفردها.
يصب نهر دنيبرو مباشرة في البحر الأسود الذي يشكل بوابة عبور السفن الحاملة للقمح الأوكراني من الموانئ إلى دول العالم لا سيما مصر ودول شمال أفريقيا، ويحمل الاتفاق الخاص بتنسيق تصدير القمح في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا اتفاق البحر الأسود.
الآن أصبحت المياه ملوثة، فإذا عاد الناس الذين أجلوا من ديارهم جراء الفيضان إليها سيجدوا مياها لوثتها الأسماك الميتة والحيوانات النافقة ومواد سامة أخرى.
القمح الذي تصدره أوكرانيا للعالم أيضا يواجه الخطر جراء انفجار السد، فقد يحول ما لا يقل عن 500 ألف هكتار من الأراضي المتبقية دون ري إلى "صحارى" العام المقبل بحسب رويترز.
تفجير السد تسبب في إجلاء الآلاف الأوكرانيين من منازلهم. رويترز
السندرة (مكان على سطح الحجرات في المنزل لحفظ ما لا حاجة إلية في الاستعمال اليومي) مكان احتماء أناس آخرين في المنطقة ذاتها، فبحسب فيكتوريا ميرونوفا-باكا التي تعيش في ألمانيا فإن أقاربها العالقين قالوا إن الجنود الروس أتوا على متن قارب، لكنهم قالوا إنهم لن يأخذوا إلا من يحملون جوازات سفر روسية.
وتسيطر روسيا على الضفة اليسرى أو الجنوبية لنهر دنيبرو بينما تسيطر أوكرانيا على الضفة اليمنى أو الشمالية في منطقة خيرسون.
ولا يزال الوضع في المنطقة غير واضح لكن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن النازحين في مناطق خيرسون الخاضعة للسيطرة الأوكرانية يزيد الآن عن 2500 شخص، مع تضرر ما يقرب من 40 قرية وبلدة بشدة وتلف 3620 منزلًا.
وتقدر السلطات التابعة لموسكو في المنطقة أن عدد المنازل التي غمرتها المياه في مناطق إقليم خيرسون الخاضعة للسيطرة العسكرية الروسية بأكثر من 22 ألف منزل بحسب تايم.
يتبادل الجانبان الروسي والأوكراني المسؤولية عن تفجير السد. رويترز
بحسب الأمم المتحدة فإن أوكرانيا تزود السوق العالمية عادة كل عام بحوالي 45 مليون طن من الحبوب، ولكن بعد الحرب الروسية تراكمت جبال الحبوب في الصوامع، ولم تتمكن السفن من الحصول على ممر آمن من وإلى الموانئ الأوكرانية، فيما لم تكن الطرق البرية قادرة على سد النقص ما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية حول العالم.
ولذلك وافقت الأمم المتحدة والاتحاد الروسي وتركيا وأوكرانيا في يوليو الماضي على مبادرة حبوب البحر الأسود، في حفل توقيع تم في المدينة التركية في إسطنبول.
سمح الاتفاق باستئناف صادرات الحبوب والمواد الغذائية الأخرى والأسمدة، بما في ذلك الأمونيا، من أوكرانيا عبر ممر إنساني بحري آمن من ثلاثة موانئ أوكرانية رئيسية، هي: تشورنومورسك، أوديسا، ويوجني/ بيفديني، إلى بقية العالم.
ولتنفيذ الاتفاق، تم إنشاء مركز تنسيق مشترك (JCC) في إسطنبول، يضم ممثلين رفيعي المستوى من الاتحاد الروسي وتركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة.
وبحسب BBC فإنه منذ تنفيذ الاتفاق غادر أكثر من 30 مليون طن من الحبوب الموانئ الأوكرانية، ذهب معظمها إلى بلدان العالم الأكثر فقرا، وقد تم تمديد الاتفاق في مايو الماضي لمدة شهرين.
تم بناء سد نوفا كاخوفكا في الحقبة السوفييتية ويستخدم لتوليد الطاقة الكهرومائية حيث تقع المحطة الخاصة به في مدينة خيرسون في الجزء الواقع تحت السيطرة الروسية.
نوفا كاخوفكا واحد من ستة سدود تقع على طول نهر دنيبرو، الذي يمتد على طول الطريق من أقصى شمال البلاد إلى البحر في الجنوب.
بحسب BBC فإن السد يحوي خزانا مساويا في الحجم لبحيرة سولت ليك الكبرى في ولاية يوتا الأمريكية، و نتيجة لضخامته يطلق السكان المحليون على الخزان اسم بحر كاخوفكا فلا يمكن رؤية الضفة الأخرى في أماكن معينة.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة