بيئة

تصريف مياه محطة فوكوشيما في المحيط.. مخاوف من كارثة جديدة

نشر

.

Mohamed Salah Eldin

إنه الحادي عشر من مارس من عام 2011، كان الصباح عاديا في اليابان بلاد الشمس المشرقة قبل أن تحدث هزة أرضية قوتها 9 درجات في جزيرة هونشو لتبدأ موجة مد -تسونامي- تطيح بما يقف أمامها حتى مفاعل فوكوشيما للطاقة النووية لتبدأ كارثة نووية كبرى.

في هذه الأثناء، كان رئيس فريق الاستجابة الخاصة للكوارث بإدارة إطفاء طوكيو أوسامو كينوشيتا في مقر عمله يشاهد الصور الأولى للدمار الذي حل على شاشة التلفاز ليتملكه الخوف على ابنه كازويا الذي يدرس في الجامعة بمدينة ريكوزينتاكاتا، إحدى أكثر المناطق تضررا من الكارثة لكن خطوط الاتصال كانت معطلة.

في حديثه لـDW في ذكرى الزلزال الثانية عشر يتذكر كينوشيتا الأحداث فقد اعتقد أن ابنه لم ينجو من الكارثة قبل أن يعرف بنجاته بعد الكارثة بثلاثة أيام، ويجد الأب نفسه متوجها من العاصمة إلى فوكوشيما للمساعدة في عمليات الإنقاذ.

تستعد اليابان لإطلاق أكثر من مليون طن مياه المعالجة المخزنة في محطة فوكوشيما في المحيط الهادئ

بعد 12 عاما تستعد اليابان لإطلاق أكثر من مليون طن مياه المعالجة المخزنة في محطة فوكوشيما في المحيط الهادئ وذلك بعد موافقة وكالة الطاقة الذرية التي أصدرت مؤخرا تقريرا يشير إلى توافق خطوات طوكيو مع معايير أمان الوكالة لتبدأ اعتراضات في دول الجوار.

رغم حرية الاختيار قرر فريق كينوشيتا المكون من 300 رجل الذهاب إلى مكان الكارثة حيث وصلوها بعد سبع ساعات من السفر متحدين الطرق المنهارة والجسور، ليبدأ العمل فور الوصول بمد خراطيم المياه القادمة من البحر لرشها على المفاعلات لإبقائها باردة.

يتذكر كينوشيتا أن العملية الأولى استغرقت 20 دقيقة ليتم رش حوالي 60 طنا من الماء على الجسد الخارجي للمفاعل (كفن المفاعل) وضخ 4000 طن من المياه على الهياكل على مدار 8 أيام.

في مطار غيمبو الدولي بكوريا الجنوبية كان طائرة مدير وكالة الطاقة الذرية رفاييل غروسي تحط بينما وقف محتجون ضد موافقة الوكالة بحسب رويترز، حيث من المقرر أن يلتقي وزير الخارجية بارك جين ومسؤول في مجال الأمن النووي، وفي حوار حصري مع صحيفة جوسون إلبو الكورية الجنوبية المحافظة قال غروسي إن ما يجب أن يقلق المجتمع الدولي هو القضية النووية لكوريا الشمالية، وليس فوكوشيما.

على السلالم المخصصة لمكافحة الحرائق كان رجال كينوشيتا يرتكزون فوق مباني المفاعل المتضررة من أجل عملهم حيث كان يتبادلون الدور كل 5 دقائق نظرا لارتفاع مستوى الإشعاع وكثرة الهزات الارتدادية، فيشير كينوشيتا إلى المخاطر الشديدة فكان أمامهم إنجاز المهمة وكيفية مواجهة أية هزة ارتدادية حال حدوثها.

تتوافق مع المعايير؟

الجمعة قالت كوريا إن الخطة اليابانية تتوافق مع معايير السلامة العالمية مع احترام موافقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بحسب رويترز، لكن المعارضة ممثلة في رئيس الحزب الديمقراطي والمرشح الرئاسي السابق لي جيه ميونغ قالت إن على الحكومة معارضة الخطة وإحالة القضية إلى المحكمة الدولية لقانون البحار.

رغم ذلك فلا تزال اليابان تحظر جميع واردات المأكولات البحرية من 8 محافظات يابانية بالقرب من فوكوشيما منذ عام 2013، كما شددت مؤخرا من إجراءات التفتيش الخاصة بالمأكولات البحرية المستوردة لمدة 100 يوم بالتوازي مع الخطة اليابانية.

رفض حاسم

أما الصين فقد عارضت وبشكل صريح الخطة اليابانية والتي أعربت عن قلقها يوم الأربعاء من عملية الرصد الإشعاعي عند إجراء طوكيو لعملية التصريف مطالبة بوجود رصد وإشراف شفاف من قبل الجهات المعنية عالميا، مع اتخاذ بكين ترتيبات لرصد الإشعاع بمجرد تنفيذ اليابان لخططها بحسب وكالة شينخوا مع حظر واردات المنتجات البحرية القادمة من فوكوشيما و9 محافظات أخرى.

استبدل فريق كينوشيتا بفريق جديد وعاد كينوشيتا إلى العاصمة اليابانية حيث أجروا فحوصات طبية فور العودة ناظرا إلى ما قام به لم يكن بطولة لكنه كان عمل بذل فيه وفريقه قصارى الجهد مع الحفاظ على أنفسهم من الأضرار الإشعاعية.

اعرف أكثر

عن مفاعل فوكوشيما وضحاياه

بحسب BBC فإن المفاعل في مدينة أوكوما بمحافظة فوكوشيما على الساحل الشرقي للبلاد، وفي يوم الكارثة في مارس من عام 2011 كان أمام السكان 10 دقائق تحذيرية للهرب، كشفت الأنظمة في المحطة النووية عن الزلزال وأغلقت المفاعلات النووية، لكن موجة تسونامي ارتفاعها 14 مترا غمرت مياهها الجدار البحري الدفاعي، وأغرقت المحطة وعطلت مولدات الطوارئ.

وبحسب الموسوعة البريطانية بريتينيكا فإنه رغم إغلاق المفاعلات الثلاثة داخل فوكوشيما بنجاح إلا أن فقدان الطاقة تسبب في فشل أنظمة التبريد فيها ما أدى إلى ارتفاع الحرارة المتبقية داخل قلب كل مفاعل وبالتالي إلى قضبان الوقود في المفاعلات وانصهارها جزئيا ما تسبب في بعض الأحيان إلى حدوث تسرب إشعاعي.

أما عن ضحايا الزلزال بوجه عام فإن وكالة إعادة البناء اليابانية لمنطقة توهوكو والمنشأة في أعقاب زلزال 2011 – يطلق عليه زلزال شرق اليابان العظيم- تشير إلى خسائر المناطق المتضررة وليس فقط فوكوشيما كالآتي:

الخسائر البشرية

متوفون: 19729

مفقودون: 2،559

الجرحى: 6233

المباني المتضررة

دمرت بالكامل: 121996

نصف مدمر: 282941

دمرت جزئيا: 748461

أما الأضرار المالية المباشرة من الكارثة من يونيو 2011 تقدر بحوالي 16.9 تريليون ين (154 مليار دولار أميركي)، ويقدر البنك الدولي أن التكلفة الاقتصادية يمكن أن تصل إلى 235 مليار دولار، مما يجعلها الكارثة الطبيعية الأكثر تكلفة في تاريخ العالم.

وبسبب كارثة فوكوشيما فقد أخلي ما يقرب من 110 آلاف شخص من منازلهم، وفي الوقت الحالي فقد أنهيت أوامر الإخلاء من فوكوشيما في كل المناطق ما عدا تلك االمصنفة على أنها "منطقة يصعب العودة لها"، وقد عاد الكثير إلى مناطقهم لينخفض عدد من تم إجلاؤهم من محافظة فوكوشيما من حوالي 165000 شخص كحد أقصى إلى ما يقرب من 27000 شخص في فبراير 2023.

المياه المنصرفة من فوكوشيما إلى المحيط

بحسب موقع المعالجة في محطة فوكوشيما الياباني فإن المياه التي سيتم تصريفها قد عولجت على مرحلتين، الأولى تنقى المياه حتى يقل تركيز المواد المشعة، باستثناء التريتيوم، عن المعايير التنظيمية للتصريف في البيئة. مع قياس تركيز المواد المشعة في المياه المعالجة وتأكيد النتائج من قبل طرف ثالث.

أما المرحلة الثانية فيخفف فيها التريتيوم بكمية كبيرة من مياه البحر، وبالتالي تقليل تركيز المواد المشعة إلى 1500 بيكريل / لتر، ويتم التصريف عبر أنفاق تحت البحر حيث تشير الحكومة اليابانية إلى أن اتفاقية لندن لمنع التلوث البحري عام 1972 تحظر إلقاء النفايات المشعة في المحيط من السفن، كما أنه محظور بموجب "قانون تنظيم المفاعلات" في اليابان.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة