بيئة

بعد إدانتها بحكم قضائي.. سجل غريتا تونبرغ في مواجهة الشرطة

نشر

.

Alaa Osman

"رسالتي هي أننا سوف نراقبكم" تقول المراهقة البالغة من العمر ١٦ عاما للفاعلين الدوليين وممثلي دول حول العالم خلال إحدى فعاليات قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي في مدينة نيويورك عام ٢٠١٩.

تُكمل الناشطة المناخية رسالتها، فتقول بنبرة متزايدة الحدة "الوضع كله خاطئ، لا يفترض بي أن أكون هنا، من المفترض أن أكون في مدرستي على الجهة الأخرى من المحيط. لكنكم تأتون إلينا نحن الشباب لنمدكم بالأمل، كيف تجرؤون؟".

منذ تلك اللحظة قبل ٤ سنوات، بدأت شعبية الناشطة المناخية الشابة في التزايد حول العالم، بعد أن كانت بدأت رحلتها لمجابهة القضية العالمية بوقفة احتجاجية بسيطة على بوابة مدرستها في السويد، لتدشن إضرابا عالميا بين الطلاب يحاول دفع الدول الكبرى نحو سياسات تكبح جماح أزمة التغير المناخي.

اليوم تبلغ الناشطة البيئية، غريتا تونبرغ صاحبة الخطاب الأيقوني ٢٠ عاما، ولم يعد نشاطها البيئي متوقف على الاحتجاج الرمزي أو رفع اللافتات وإلقاء الخطابات، إذ باتت تحاول عرقلة الأنشطة المرتبطة بالوقود الإحفوري بيديها، فتتظاهر في محيط مناجم الفحم حينا وتحاول تعطيل الوصول لأحد موانئ حينا آخر، حتى أن الناشطة الشابة باتت تحظى بصحيفة سوابق مليئة بالاعتقالات داخل السويد وخارجها، بالإضافة إلى حكم قضائي مؤخرا يدينها بعصيان الشرطة.

"لقد فعلتها.. لكنني لست مذنبة"

في ١٩ يونيو الماضي، شاركت غريتا تونبرغ نشطاء بيئيين آخرين في محاولة عرقلة الوصول لميناء مالمو بالسويد، احتجاجا على استخدام الوقود الأحفوري، لكنها خضعت للاعتقال والمحاكمة وأُدينت بالفعل بعصيان الشرطة إثر رفضها مغادرة الموقع بعد أن طُلب منها ذلك رسميا.

وفقا لوكالة فرانس برس، أبدت تونبرغ صلابة في الدفاع عن موقفها أثناء المحاكمة إذ أقرت بتواجدها في موقع الحادث ورفضها الانصياع لأوامر الشرطة لكنها نفت ارتكاب أي جرم في ذلك، فوفقا لرأيها، جاءت تصرفاتها مدفوع بضرورة مواجهة حالة الطوارئ المناخية.

مخالفة تونبرغ من الممكن أن تصل عقوبتها إلى الحبس مدة ٦ أشهر، لكنه إجراء نادرا ما يتبع ومن ثم حصلت على حكم قضائي بدفع غرامات بلغت بين ٩٠ و١٥٠ دولار أميركي.

بعد صدور الحكم، دللت الناشطة الشابة على عدم تبديل موقفها إذ أكدت أنها لا تنوي التراجع وأكدت على ضرورة تغيير القوانين "من أجل حماية الكوكب"، على المستوى العملي أيضا تركت تونبرغ رسالة، إذ أُلقي القبض عليها الإثنين الموافق ٢٤ يوليو بعد محاولتها عرقلت الوصول للميناء ذاته مرة أخرى.

لا معاملة خاصة

مغامرات تونبرغ مع قوات الشرطة ليست محدودة بحدود بلادها، إذ ألقي القبض عليها غير مرة سابقا في مدن أوروبية أثناء تظاهرات احتجاجية أخرى، في بعض الأحيان ترفض غريتا مغادرة موقع الاحتجاج بالرغم من طلب قوات الشرطة، ليعمد الضباط إلى حملها بالأيدي كي تغادر، لا على الأعناق ولكن إلى مقر اعتقال مؤقت، في أغلب تلك الأحيان، تبدو على وجه الناشطة الشابة ابتسامة هادئة بينما يحملها ضباط الشرطة بعيدا عن نقط ارتكازها الاحتجاجي.

أُدينت تونبرغ في السويد بعصيان الشرطة. (المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية)

في يناير من العام الجاري على سبيل المثال، أُلقي القبض على الناشطة السويدية في تظاهرة مناهضة للتوسع في مناجم الفحم في إحدى القرى غرب ألمانيا.

وفقا لرواية الشرطة الرسمية، اضطرت الشرطة لحمل تونبرغ شأنها شأن العديد من المتظاهرين الآخرين، وذلك لإجبارهم على الابتعاد عن حفرة فحم غير مؤمنة تماما كانوا قد اخترقوها بشكل سابق، إلا أن السلطات خشيت من أن يحدث انهيار أرضي رجوعا لأعداد المتظاهرين الكبيرة، خاصة وأن التربة كانت مبللة بفعل الأمطار.

في اليوم ذاته، أفرجت السلطات عن جريتا، إذ أكدت الشرطة أنها لم تقاوم الاعتقال، وقال المتحدث باسم الشرطة آنذاك لشبكة CNN :"كنا نعرف من تكون، لكنها لم تحظ بمعاملة خاصة".

سلسلة بشرية

في النرويج أيضا حمل أفراد الشرطة تونبرغ بعيدا عن موقع احتجاجي، هذه المرة لا بسبب ضعف التربة واحتمال تعرضها للخطر، ولكن رجوحا لمشاركتها في سلسلة بشرية حاصرت أبواب وزارة المالية احتجاجا على إقامة مزرعة رياح.

يبدو دافع الناشطة الشابة ملتبسا في هذه الحالة، فعلى عكس الفحم تولد مزارع الرياح الطاقة الكهربائية من مصدر طبيعي، إلا أن الاحتجاج ارتكز حينها على أراض يستخدمها السكان الأصليون.

من المفترض أن تشكل المزرعة المقصودة أكبر مشروع لتوليد الطاقة من الرياح في أوروبا، إلا أن تونبرغ قاومته، وحملها الضباط من أمام أحد أبواب وزارة المالية إلى مقعد قريب، بحسب موقع Politico ما كان من الناشطة إلا أن دارت حول المبنى وحاولت المشاركة في سلسلة بشرية أخرى تغلق باب آخر لوزارة المالية، لتُحمل مجددا بالأيدي بعيدا عن المبنى.

اعرف أكثر

غريتا تونبرغ والرؤساء

في العام ٢٠١٩، وبعد خطابها الشهير لصناع القرار في العالم، ربما حظت الناشطة غريتا تونبرغ بشعبية بين الأجيال الشابة من النشطاء المهتمين بملف المناخ، إلا أنها لم تحظى بالشعبية ذاتها في نفوس كلا من رئيسي الولايات المتحدة وروسيا، إذ هاجمها كلا منهما على طريقته الخاصة.

على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، حيث اعتاد رئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب إثارة الجدل يوما بعد آخر، وجه ترامب تغريدة لتونبرغ يسخر خلالها منها ويطلب منها أن تهدأ قليلا، فغرد الرئيس :" الأمر سخيف، غريتا لابد من أن تحل مشكلة الغضب لديها، قد تذهب لمشاهدة فيلم تقليدي مع صديق".

أما الرئيس الروسي فلادمير بوتين، فقد صرح أثناء مؤتمر الطاقة في موسكو بعد شهر من خطاب تونبرغ الشهير، قال إنه يشعر بالأسف حيث أنه لا يشارك العديدين الحماسة تجاه الناشطة البيئية المراهقة.

من وجهة نظره اعتبر بوتين المراهقة لا تحظى بالمعرفة الكافية ولكن تم التلاعب بها كي تعرض مطالب غير واقعية في خطاب الأمم المتحدة، وذلك حسب وكالة رويترز.

أضاف بوتين أيضا :" أذهبي واشرحي للدول النامية لماذا عليهم أن يستمروا في العيش بالفقر ولا يُصبحوا كالسويد".

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة