بيئة
.
ماذا لو قلت إن السنوات العشر المقبلة قد تمر خلال بضعة أيام فقط؟
يمكن لهذا السيناريو أن يتحقق فعليا، حيث يمكننا ببساطة أن ندفع الأرض لإنتاج ما بين ١٢٠ و١٥٠ مليار طن من ثاني أكسيد الكربون خلال فترة قصيرة للغاية، إذا قُطعَت أشجار الأمازون، مصرفنا الطبيعي للتخلص من غازات الاحتباس الحراري، ومصنع الأوكسجين على كوكبنا.
إلا أن العالم يبدو جادا في تجنب حدوث تلك المأساة، فخلال الأسبوع المقبل تستضيف مدينة "بيليم" البرازيلية قمة معاهدة التعاون الأمازوني التي تشهد اجتماع ممثلي الدول الحاضنة لمناطق من غابات الأمازون للمرة الأولى منذ العام ٢٠٠٩.
وفي العد التنازلي للقمة، صرح الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، يوم ٢ أغسطس، أن المجتمع الدولي بشكل عام يجب أن يساعد في الحفاظ على غابات الأمازون، مؤكدا أهمية إقناع العالم بأن الاستثمار في الغابة "استثمار مربح"، حسب وكالة فرانس برس.
ولكن لماذا تعد أزمة الأمازون قضية دولية؟ ولماذا يجب أن أهتم بشجرة تبتعد عني آلاف الأميال؟ نفسر لك الأمر في الأرقام القليلة التالية:
تختزن غابات الأمازون ما بين ١٥٠ -١٢٠ مليار طن من ثاني أكسيد الكربون. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)
يبدو الأمر بديهي للوهلة الأولى، تسعى النباتات للحياة شأنها شأن أي كائن حي، فتمارس عملية التمثيل الضوئي وبفضلها تمتص غاز ثاني أكيد الكربون.
لكن جذور وأوراق وسيقان النباتات في الأمازون بالتحديد تختزن كميات كبرى من ثاني أكيد الكربون الضروري لحياتها، ويقدر حجم ما تختزنه الغابة الاستوائية بما بين ١٥٠ و١٢٠ مليار طن حسب موقع مجلة ساينتفيك أميركان.
إذن لا بأس من أن نتخيل غابات الأمازون كمخزن عملاق أو ربما مصرف للغاز المسبب للاحتباس الحراري، يخلص الأرض من شروره ولا يطلقه في الغلاف الجوي إلا في حالة إزالة الغابات أو ربما حرقها.
فقدت غابات الأمازون نحو ١٧٪ من الغطاء النباتي منذ عام ١٩٧٠. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)
منذ سبعينيات القرن الماضي، فقدت غابات الأمازون نحو ١٧٪ من الغطاء النباتي الذي تبلغ مساحته في الأصل حوالي ٧ ملايين كيلومتر مربع، جراء الممارسات والأنشطة البشرية، لصالح التعدين والزراعة على سبيل المثال.
وللتخلص من الغطاء النباتي يعمد البعض لإشعال النيران في الغابات ما يدفعها لإطلاق دفعات سريعة من غازات الاحتباس الحراري، أما ما ينجو من الغابات من الحريق فمصيره إلى القطع والتحلل.
إلا أن تناقص أعداد الأشجار في الغابات يؤدي لظواهر أخرى تزيد من حدة الأزمة المناخية فضلا عن إنتاج غازات الاحتباس الحراري المخزنة بشكل مباشر؛ كنقص الأمطار على سبيل المثال رجوعا لضعف بخر المياه المختزنة في النباتات خلال فصل الصيف، مما يزيد بدوره من فرص حدوث حرائق الغابات التي تخرج في بعض الأحيان عن نطاق السيطرة.
في عهد دا سيلفا خُصصت مساحات أكبر للسكان المحليين. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)
فيما يتزايد الاهتمام بقضية غابات الأمازون، ما تزال آثار بعض الاعتداءات على الغابة الكثيفة باقية، فبحسب موقع مجلة ناشيونال جيوغرافيك تسببت عملية إزالة الغابات في خفض قدرة الأمازون على اختزان ثاني أكيد الكربون بنسبة ٣٠٪ مقارنة بالعام ١٩٩٠.
في بعض السيناريوهات الكارثية التقديرية، قد يؤدي اختفاء أو تدمير غابات الأمازون بالكامل إلى ارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض بنسبة ٠.٢٥ درجة مئوية.
هناك بارقة أمل رغم ذلك، تشير إليها وزيرة البيئة البرازيلية، مارينا سيلفا التي تؤكد أن معدلات إزالة الغابات خلال شهر يوليو لهذا العام انخفضت بنسبة حوالي ٦٠٪ مقارنة بالشهر ذاته في العام الماضي، ومن ثم تحقق البرازيل أفضل تحسن في معدلات الإزالة منذ العام ٢٠٠٥.
بحسب تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية، يرجع جزء من ذلك التقدم لتغير أهواء السياسية أو توجهات صناع القرار، ففي العام الماضي وبينما كانت البلاد ما تزال تخضع لسلطة الرئيس اليميني جاير بولسونارو، شهدت منطقة غابات الأمازون في البرازيل أسوأ مواسم قطع وحرق الأشجار في تاريخها الحديث، بينما جاء عهد دا سيلفا بسياسات مناقضة تماما لنهج سابقه، إذ عاقبت السلطة من يستولي على أراضي الغابات، كما ردعت عمال المناجم غير القانونيين وفي الوقت ذاته منحت السكان المحليين المزيد من الأراضي.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة