بيئة

العالم يغلي.. مستويات حرارة غير مسبوقة منذ ١٢٠ ألف سنة

نشر

.

Camil Bou Rouphael

لم يكن شهر يوليو الفائت عاديا على الإطلاق، فالعالم لم يشهد حرارة مثل تلك منذ بداية تسجيل الطقس، قبل أكثر من مئتي عام، لكن الجديد أن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وشركاؤها قالوا إن متوسط درجة الحرارة العالمية لشهر يوليو 2023 بلغ أعلى مستوى تمّ تسجيله على الإطلاق، وتشير الأدلة إلى أنّه كان الأكثر احترارا منذ 120 ألف سنة على الأقل.. فكيف يتمكن العلماء من قياس درجات الحرارة قبل آلاف السنين؟

العودة إلى الكهف

استنادا إلى تحليل البيانات المعروف التي تشمل رواسب الكهوف، والكائنات المتكلسة، والشعاب المرجانية والأصداف، أشارت نائبة مدير خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للمفوضية الأوروبية، سامانثا بورغيس، إلى أن العالم "لم يكن بهذا الدفء منذ 120 ألف عام".

وخلال مؤتمر صحافي عقد في جنيف، الثلاثاء، أوضحت بورغيس، أنّه تمّ تأكيد أن متوسط درجة الحرارة العالمية لشهر يوليو 2023 كان "الأعلى على الإطلاق بالنسبة لأي شهر"، حيث يُقدر أنه كانت نحو 1.5 درجة مئوية أكثر دفئا من المتوسط في الفترة من 1815 إلى 1900، مشيرة إلى تتابع موجات الحرّ التي اجتاحت مناطق عدة حول العالم خلال الشهر المنصرم.

موجات الحرّ اجتاحت مناطق عدة حول العالم خلال يونيو

أرقام قياسية من أبريل إلى يوليو

حُطمت الأرقام القياسية لدرجات حرارة سطح البحر العالمية، بعدما ارتفعت درجات الحرارة "بشكل غير عادي" في أبريل الماضي، والذي تسبب في ارتفاع درجة حرارة سطح البحر في يوليو إلى نحو 0.51 درجة مئوية فوق متوسط 1991-2020.

من جهته، أشار مدير خدمات المناخ لدى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، كريس هيويت، إلى توقعات الوكالة الأممية في مايو باحتمال أن تكون إحدى السنوات الخمس المقبلة واحدة من أكثر الأعوام دفئا على الإطلاق، وذلك "بنسبة 98٪"، وذكر أن المنظمة رجحت بنسبة 66٪ أنّ تتجاوز درجات الحرارة 1.5 درجة مئوية فوق معدل ما قبل عصر الصناعة في الفترة نفسها، فيما أكد أن ذلك التغيير سيكون "مؤقتا"، وفق ما نقلت وكالة أخبار الأمم المتحدة.

الفترة من 2015 إلى 2022 كانت "الأعوام الثمانية الأكثر دفئا"

وحذّرت بورغيس من أنّ أيّ زيادة من هذا القبيل، حتى ولو كانت مؤقتة، سيكون لها "عواقب وخيمة على كل من الناس والكوكب المعرضين لأحداث مناخية متطرفة أكثر تواترا وشدة. وذلك يؤكد الحاجة الملحة لجهود طموحة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، والتي تعدّ المحرك الرئيسي وراء هذه الأرقام القياسية".

حسب هيويت من المهم أيضا الإشارة إلى أن الفترة من 2015 إلى 2022 كانت "الأعوام الثمانية الأكثر دفئا" وفقا لسجلات تعود إلى ما لا يقل عن 170 عاما، رغم ظروف ظاهرة إل نينيو التي كانت السائدة في المحيط الهادئ والتي "عادة ما تكبح جماح متوسط درجات الحرارة العالمية وتخمدها قليلا".

وأضاف المسؤول لدى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن "اتجاه الاحترار على المدى الطويل مدفوع بالزيادة المستمرة في تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي" والتي وصلت جميعها إلى مستويات قياسية.

البشرية انتقلت من مرحلة الاحترار المناخي لتدخل "مرحلة الغليان العالمي"

مرحلة الغليان الأرضي

حطم يوليو 2023 المستوى القياسي لأكثر الأشهر حرا على الإطلاق في العالم بفارق 0.33 درجة مئوية عن يوليو 2019 على ما أعلن مرصد كوبرنيكوس الأوروبي حول التغير المناخي الثلاثاء. وسجل الشهر الماضي الذي شهد موجات حر وحرائق غابات عبر العالم، حرارة جو أكثر سخونة ب0.72 درجة مقارنة مع أشهر يوليو في السنوات الممتدة بين 1991 و2020 على ما أوضح مرصد كوبرنيكوس.

وتعود بيانات كوبرنيكوس إلى أربعينات القرن الماضي، لكنّ العلماء قادرون على وصف مناخ الماضي البعيد بدقة. كانت هذه النتيجة جد متوقعة. فقد قال العلماء اعتبارا من 27 يوليو أن من "المرجح جدا" أن يكون يوليو 2023 أكثر الأشهر حرا على الاطلاق، وفق فرانس برس.

ودفع ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى القول إن البشرية انتقلت من مرحلة الاحترار المناخي لتدخل "مرحلة الغليان العالمي".

المحيطات تشهد ارتفاعا كبيرا في حرارة سطح المياه منذ أبريل

المحيطات تغلي

تشهد المحيطات أيضا لهذا التوجه المقلق مع ارتفاع كبير في حرارة سطح المياه منذ أبريل ومستويات غير مسبوقة في يوليو. فقد سجل مستوى قياسي في 30 يوليو مع 20.96 درجة مئوية فيما كانت حرارة سطح المياه للشهر برمته أعلى بـ0.51 درجة مئوية من المعدل المسجل بين العامين 1991 و2020.

بدأت مؤشرات الاحترار المناخي الناجمة عن النشاطات البشرية ولا سيما استخدام مصادر الطاقة الاحفورية من فحم وغاز ونفط، تظهر متزامنة عبر العالم. وهي واضحة في اليونان التي اجتاحت أجزاء منها حرائق كبيرة فضلا عن كندا التي شهدت أيضا فيضانات واسعة، فضلا عن حرّ خانق في جنوب أوروبا وشمال أفريقيا وجنوب الولايات المتحدة وجزء من الصين التي انهمرت عليها بعيد ذلك أمطار طوفانية.

وخلصت الشبكة العالمية "ورلد ويذرز اتريبيوشن" (WWA) إلى أن موجات الحر الأخيرة في أوروبا والولايات المتحدة "كانت لتكون شبه مستحيلة" من دون تأثير النشاط البشري. وأشار مرصد كوبرنيكوس إلى أن الأطواف الجليدية في انتاركتيكا سجلت أصغر مساحة لشهر يوليو منذ بدء عمليات الرصد عبر الأقمار الاصطناعية وبلغت نسبة تراجعها 15% أقل عن معدل ذلك الشهر.

مياه المحيطات تسجل حرارة قياسية

الأهمية الرمزية للرقم ١.٥

يكتسب مستوى 1.5 درجة مئوية أهمية رمزية عالية لأنه الهدف الأكثر طموحا المحدد في اتفاق باريس للمناخ المبرم العام 2015 للحدّ من الاحترار المناخي. لكن العتبة المدرجة في هذا الاتفاق الدولي تشمل معدلات وسطية على سنوات عدة وليس على شهر واحد.

تؤدي ظاهرة إل نينيو المناخية الدورية فوق المحيط الهادئ إلى ارتفاع إضافي في الحرارة

وأضافت بورغيس "يظهر ذلك الضرورة الملحة لاستكمال الجهود الطموحة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة في العالم التي تعتبر السبب الرئيس لهذه المستويات". وقد يحطم العام 2023 مستويات قياسية أخرى. وقال مرصد كوبرنيكوس "نتوقع أن تكون نهاية العام 2023 حارة نسبيا بسبب تطور ظاهرة إل نينيو". وتؤدي هذه الظاهرة المناخية الدورية فوق المحيط الهادئ إلى ارتفاع إضافي في الحرارة المرتفعة أصلا.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة