بيئة
.
درجات الحرارة في تزايد، هكذا تُخبرك النشرة الجوية اليومية وتؤكد لك حبات العرق على جبينك كلما مررت بالطريق أو ابتعدت قليلا عن مصدر للهواء البارد، ما قد يجعلك أكثر عصبية أو ربما يتسبب في إضافة تعديلات على روتينك اليومي كأن تفضل عدم الخروج للتنزه في أوقات ذروة الحرارة.
الآن تقول واحدة من كبريات شركات التأمين في العالم إن الحرارة تؤثر أيضا على دخلك المالي بشدة.. كيف؟
"درجات الحرارة عدوة العمل" هذا ما خلص إليه أحدث أبحاث شركة أليانز، Allianz، من بين الأكبر في مجال التأمين في العالم، مطلع أغسطس الجاري، كاشفة انخفاض ساعات العمل حول العالم بنسبة ٢.٢٪، أي ما يعادل قيمة ٨٠ مليون وظيفة بدوام كامل، أما في العام ٢٠٢١ فقد أهدرت بالفعل ٤٧٠ مليار ساعة عمل محتملة.
تقول أليانز إن ارتفاع درجة الحرارة إلى ٣٢ درجة مئوية في يوم واحد، يساوي أثر نصف يوم من الإضراب عن العمل.
في بعض الأحيان أيضا تضطر الدول والحكومات للتدخل لإصلاح ما أفسده المناخ من عناصر في البُنى التحتية، أو حتى تقديم إعانات مالية لهؤلاء المتأثرين بالظواهر الجوية المتطرفة.
تراوحت الخسائر البشرية في أوروبا بسبب الظواهر الجوية بين ٨٥ و ١٤٥ ألف شخص خلال ٤٠ عام. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)
علاقة ارتفاع درجات الحرارة بانخفاض العمل يشرحه تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، قائلا إن درجات الحرارة المرتفعة لا تسبب المعاناة منزليا فقط بل تؤثر على معدلات الإنتاجية بين العاملين كما يسبب خسائر في الأرواح في بعض الأحيان، عندما تؤدي الفيضانات أو حالات الجفاف لإهدار المحاصيل ومن ثم تعطل التجارة.
كلفت الحرارة المرتفعة وما يرتبط بها من أعصاير وفيضانات خسائر بشرية تراوحت بين ٨٥ و١٤٥ ألف شخص، خلال الـ40 عاما الأخيرة، بخلاف الأضرار الاقتصادية، بحسب تقديرات وكالة البيئة التابعة للاتحاد الأوروبي. وعن الخسائر المادية، يكشف التقرير أنه في الفترة بين العام ١٩٨٠ و٢٠٢٠ خسر الاقتصاد الأوروبي ما بين ٤٥٠ و٥٢٠ مليار يورو.
كلما تتسع الرقعة البحثية، تبدو الخسائر في تزايد، إذ تفيد أحد أبحاث كلية دارتموث الخاصة بالولايات المتحدة، أن العالم تكبد خسائر في الفترة من العام ١٩٩٢ و٢٠١٣ تقدر بحوالي ١٦ تريليون دولار أميركي، بسبب ارتفاع درجات الحرارة وأثرها السلبي على كل من صحة الإنسان وإنتاجيته، بجانب التأثير على الإنتاج الزراعي أيضا.
آثار ارتفاع درجات الحرارة تختلف بين البلدان حسب القدرة الاقتصادية. (المصدر: وكالة فرانس برس)
إلا أن المتضررين حول العالم ليسو سواء، خاصة ما إذا تواجدوا في مناطق فقيرة اقتصاديا، إذ وجد بحث جامعة دارتموث، السابق، أن الخسائر الاقتصادية بلغت حوالي ١.٥٪من إجمالي الناتج المحلي للفرد في المناطق الأكثر ثراء حول العالم، بينما ارتفعت النسبة في المناطق منخفضة الدخل لتصل حوالي ٦.٧ ٪ من إجمالي الناتج المحلي للفرد.
يطرح بروفيسور جاستن مانكين، كبير مؤلفي الدراسة الصادرة في أكتوبر من العام الماضي، نظرة قاتمة لما يبدو عليه أثر ارتفاع درجات الحرارة على العالم، إذ يعتقد أنه لا يوجد موقع يتكيف بشكل "جيد" مع المناخ الحالي، غير أن الدول منخفضة الدخل أكثر معاناة مع موجات ارتفاع درجات الحرارة ويضيف على موقع الكلية الإلكتروني "التكاليف الحقيقية لتغير المناخ أعلى بكثير مما نحسبه حتى الآن".
إذا شعرت بضيق ومعاناة مع الحر خلال الشهر الماضي على وجه التحديد، تأكد أنك لم تكن وحيدا، فبالأمس فقط، أعلن مرصد كوبرنيكوس الأوروبي للمناخ أن شهر يوليو الماضي كان الأكثر حرا على الإطلاق على مدار 120 ألف سنة، إذ سُجلت درجات حرارة مرتفعة "بشكل غير طبيعي" في البر والبحر، حسب وكالة رويترز.
العالم ٢٠٢٣ ثالث الأعوام حرا على الإطلاق. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)
بجانب الفاتورة البشرية، لم تكن الفاتورة الاقتصادية متواضعة، بحسب بحث شركة أليانز، إذ تشير شركة التأمين أن موجة الحر الأخيرة بلغت تكلفتها ٠.٦ من الناتج المحلي الإجمالي الفعلي للدول، إلا أن الأثر لم يكن متساويا في شتى المناطق حول العالم.
فمثلا فرنسا واجهت يومين من درجات الحرارة أعلى من 32 مئوية، وبالتالي خسرت ٠.١٪ من إجمالي دخلها. في المقابل شهدت الصين ارتفاعا شديدا لدرجات الحرارة لمدة ٤٧ يوما في الفترة من أول مايو وحتى الرابع من أغسطس الجاري، لتتكبد خسائر تعادل ١.٣٪ من الناتج المحلي الإجمالي الفعلي.
الولايات المتحدة كانت أفضل حظا من الصين، بحسب بحث أليانز، فبلغت قيمة تأثرها ٠.٣٪ من الناتج المحلي الإجمالي الفعلي في حين عانت مع ارتفاع درجات الحرارة مدة ١٣ يوما فقط.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة