"البعض يموت فجأة".. النفايات الطبية تهدد أهالي بغداد

على امتداد البصر، تحاط مدينة النهروان في أطراف العاصمة بغداد، بأطنان من النفايات التي يتم إلقاؤها بشكل يومي وسط أحياء سكنية، لكن الخطير أن بها نفايات طبية تشكل تهديداً كبيراً على الصحة.

"بلينكس" رافقت الناشط البيئي خضير عباس الذي تحدث من أمام أكوام النفايات بالقرب من منزله عن استيائه من عدم التحرك الحكومي لتخليص أبناء المدينة من خطر النفايات الطبية على حياتهم وأطفالهم، بالرغم من الشكاوى المتكررة.

يقول عباس إن النفايات كانت وراء الكثير من الأمراض الصحية والأمراض السرطانية، وأن بعض الناس يموتون بشكل مفاجئ، وأن الأمراض لا تعد ولا تحصى، وجميعها، حسب قوله، ناجمة بسبب نفس المشكلة.

وأضاف: "المصيبة الأكبر أن بعض تلك النفايات يخص وزارة الصحة ومستشفياتها"، متسائلاً عن دور الحكومة والجهات الطبية، العاجزة عن إيجاد حلٍ، بحسب وصفه.

وقال إن هذه الجهات الصحية لم تستطع منع مؤسساتها من رمي النفايات القاتلة بالقرب السكان، رغم علمها بأن الكثير من العوائل الفقيرة تعيش على العمل في البحث بينها عن المواد البلاستيكية وبيعها، وهو ما يجعلها في تماس مباشر مع أخطار النفايات الطبية الملوثة.

تقول وزارة الصحة إنها تمتلك محارق للنفايات في أغلب مستشفياتها، من بينها مستشفى الإمام علي بمدينة الصدر شرقي العاصمة بغداد، المدينة الأكثر اكتظاظا بالسكان.

توجد محرقة نُصِبت قبل أكثر من 4 عقود داخل تلك المستشفى، لكن المشرفون عليها أبلغوا مراسل "بلينكس" عند زيارتها بأن أغلب أجزاءها تحتاج لصيانة، لكن التكلفة الباهظة تؤجل ذلك، حيث ستكلف أكثر من مليار دينار عراقي (800 ألف دولار)؛ مع اعترافهم بخطورة وصول النفايات للبشر.

مسؤول وحدة مكافحة العدوى في المستشفى قصي محمد، أبلغ "بلينكس" أن النفايات إذا لم تحرق بشكل صحيح ستذهب إلى أماكن الطمر الصحي وتهدد حياة المواطنين بشكل مباشر. خاصة أولئك الذين يعملون في جمع النفايات وبيعها، ما يجعل بضاعتهم عبارة عن مركز أمراض متنقل، وفق قوله.

تؤكد وزارة البيئة العراقية تشخيص مخالفات في طرق معالجة النفايات الطبية، تستدعي زيادة التخصيصات المالية، والتعاون مع وزارة الصحة للتخلص من أضرارها وتأثيرها على حياة الناس.

وفي بيانات رسمية متكررة أشارت الوزارة لعدم التزام أغلب المستشفيات العامة بمحددات التعامل مع النفايات الطبية، مما يؤثر على الواقع البيئي والصحي في البلاد.

لؤي صادق رئيس قسم مراقبة الملوثات في وزارة البيئة، اعترف صراحة بوجود الكثير من المشاكل في ملف إدارة النفايات الطبية، بعضها يوصف بالخطر، وبحاجة إلى التنبّه له بشكل جدي ومعالجته بشكل سريع.

وأوضح أن الوزارة تحتاج إلى مزيد من التخصيصات المالية والتعاون من قبل باقي المؤسسات، لسد الثغرات الموجودة حالياً في هذا الملف.

خطورة النفايات الطبية تظل محدودة للمتعاملين معها على الأرض، لكن تقريرا صدر عن المرصد العراقي لحقوق الانسان في مارس الماضي، أشار إلى أن مياه الأنهار في العراق مليئة بها، بجانب مخلفات المياه الثقيلة والنفط.

التقرير أشار إلى أن نهر دجلة في العاصمة بغداد، بات ضحية للمستشفيات ومصافي النفط، وأن وزارة الموارد المائية حددت سبب التلوث بأنه إلقاء المخلفات دون تصفيتها كما هو مطلوب من قبل أمانة بغداد والدوائر البلدية.

ويكشف التقرير إلى أن مجمع الطب، أكبر مجموعة مستشفيات حكومية في العراق، يلقي بمفرده مخلفات أكثر من 1000 مريض يومياً في نهر دجلة، ما يزيد نسبة الأمراض السرطانية والبلهارسيا والملاريا وجدري الماء والأمراض الجلدية والهضمية، ويرفع أرقام الوفيات لمستويات قياسية.