من سواحل نيجيريا إلى دبي.. قصة استغاثة مناخية عمرها 3 سنوات

يجلس ستيفن أودوير في المساحة المخصصة لمؤسسة "صحة أمنا الأرض" في المنطقة الزرقاء بمؤتمر المناخ، بينما تحيطه من كل اتجاه لقطات فوتوغرافية متفرقة من منطقة دلتا النيجر.

تسريب للبترول وتربة متداعية، ثم لقطة فوتوغرافية لشعلة تحترق بين مياه الأطلسي، ذلك هو البئر Ororo-1 الذي يحترق بشكل مستمر منذ العام ٢٠٢٠، دون تدخل واضح من الحكومة النيجيرية لوضع حد للأزمة بحسب أودوير.

يقول عضو المنظمة في تصريح لبلينكس إنه بالرغم من وجود وكالة تنظيمية رسمية في نيجيريا تُسأل عن حوادث تسرب البترول، إلا أن أحدا لم يُحرك ساكنا بخصوص بئر قرية أويا المشتعل، بينما يعاني السكان في صمت من الآثار البيئية.

يشرح: "مجتمعاتنا تعيش في ضغوط ومعاناة نتيجة التنقيب عن الوقود الأحفوري، خاصة في منطقة دلتا النيجر التي تخضع لعمليات تنقيب مستمرة، لكنها في الوقت ذاته أحد أفقر المناطق في نيجيريا".

وفقا لأودوير يعمل سكان منطقة أويا بالأساس في الزراعة والصيد، إلا أن حياة الصيادين متعثرة الآن بسبب الاحتراق المستمر للبئر، يقول: "لم يعد الصيد كما كان، بالإضافة إلى التلوث الناتج عن الاحتراق وتسرب البترول الذي يخلف معادن ثقيلة في المياه".

يعمل أودوير في منظمة صحة أمنا الأرض، وهي مركز بحثي في نيجيريا، يهتم بالقضايا البيئية والإيكولوجية، ويتعاون بشكل وثيق مع المجتمعات المحلية في المنطقة بهدف تحقيق العدالة المناخية.

رصدت المؤسسة متاعب صحية أيضا بين سكان المنطقة بالإضافة للتداعيات الاجتماعية والاقتصادية، من أبرزها مشكلات الجهاز التنفسي.

غير أن المنظمات المحلية تواجه صعوبة في توجيه أصابع الاتهام إلى جهة محددة في أزمة البئر، خاصة وأن الغموض يلف هوية الشركة المالكة، ففي حين ترددت أقاويل حول تبعية البئر لشركة خاصة، عادت الحكومة النيجيرية في فترات لاحقة لتعلن أنها صاحبة البئر.

ويقول أودوير: "هناك مغالطات متعددة حول المسؤول عن البئر، ولكن ما أعلمه هو أن الحكومة هي المسؤول الرئيسي عن حماية المواطنين وحماية الحياة".

أويا ليست المنطقة الوحيدة التي تعاني من تبعات التنقيب عن الوقود الأحفوري في نيجيريا، فكما يصف أودوير تعاني مناطق أخرى من اختلاط تسرب البترول بمسارات مياه الشرب والمياه المنزلية، ما يجعل الحصول على كوب مياه نظيف أو إتمام مهام منزلية بسيطة مهمة عسيرة.

في الوقت ذاته، لا تسلم نيجيريا و بالتحديد منطقة دلتا النيجر من تداعيات التغير المناخي، كارتفاع درجات الحرار وارتفاع منسوب مياه المحيط. يقول أودوير: "في إحدي المرات أشار رجل من أويا جهة المحيط وقال لنا، هناك كان منزلي. نحارب التلوث من جهة ومن الجهة الأخرى نحارب تداعيات تغير المناخ. نحارب من أجل الحياة".

في العام ٢٠٢١ نظمت مؤسسة "صحة أمنا الأرض" تجمعا من المفكرين والأكاديميين والسكان المحليين وكذلك شخصيات من المجتمع المدني لمحاولة تقييم الوضع في منطقة دلتا النيجر بصورة نقدية، أسفر التجمع عن مجموعة من التوصيات التي من شأنها أن تعيد "صحة وكرامة" السكان في المنطقة.

وعن تلك التوصيات يقول أودوير: "ما تريده هو تحقيق العدالة لمجتمعاتنا، ومن أوائل التوصيات هي أن تضطلع الشركات بمهمة تنظيف وتصحيح شامل للمنطقة ثم العمل على إعادتها مرة أخرى لصورتها الأصلية، كي يتمكن السكان من العودة لحياتهم الطبيعية".

من ضمن التوصيات أيضا، شجعت المنظمة على أهمية التشاور بين الشركات العاملة في المنطقة والسكان المحليين، كل يتمتع سواء بحق الرفض أو الموافقة، بالإضافة إلى ضرورة إطلاع السكان على تقارير تقييم الأثر البيئي للمشروعات.

بالنسبة لأودوير فالحل ربما يبدأ خارج مؤتمر المناخ وليس داخله، فيقول: "منذ سنوات يجتمع القادة للحديث عن التزامات لا تحقق أبدا، كل ما يحدث هو إضافة التزامات جديدة للقائمة، هناك أيضا تشتيت عن خطوات تحقيق العدالة".

ما يأمل فيه أودوير أن يعيد مؤتمر المناخ بناء ذاته، ويضع نصب أعينه اتخاذ خطوات حقيقية لإلزام الشركات المسؤولة عن التلوث في منطقته تصحيح الأوضاع في المجتمعات المحلية، كي يُمنح السكان فرصة جديدة للحياة، وتُمنح المجتمعات فرصة جديدة للازدهار.