تراث وتاريخ وحنين.. ماذا يحدث في بيت الاستدامة الإماراتي بمؤتمر المناخ؟

خلال رحلتك في بيت الاستدامة، تمر بثلاثة نطاقات مختلفة، تشكل مجتمعة قصة الإمارات في خمسين عاما، بطريقة حية وتفاعلية، بداية من واحة الاستدامة التي تضم إليها عددا من الصناع والحرفيين الذين يعيدون إحياء الصناعات اليدوية الإماراتية المستقاة من المواد البيئية العضوية، كحياكة الملابس والأدوات المنزلية وأدوات الصيد وصناعة القوارب التي استخدمت من قبل في رحلات الغوص من أجل استخراج اللؤلؤ.

كذلك يمكنك التعرف على بعض من العادات والتقاليد الإماراتية، فتشاهد طقس احتساء القهوة العربية، وتربية الطيور الجارحة وجلسات السمر.

تمر رحلتك أيضا بالقسم الثاني الذي يُعرف بالاسم "رحلتنا للتقدم الجماعي" الذي يضم معرضا يتناول قصة وحدة دولة الإمارات، ويحكي طقوس الأجداد في قاعات تفاعلية ومواد فيلمية أرشيفية، تُظهر ملامح البيئة المحلية قديما.

في نهاية الرحلة تصل إلى الطابق المعروف باسم "مستقبل ازدهارنا المستدام" والذي يقدم عروضا تفاعلية متباينة، تُظهر التطلعات المستقبلية في دولة الإمارات المتسقة مع مفهوم الاستدامة وتطبيقاته العلمية.

تستهدف رحلة بيت الاستدامة التي تدور خلال 5 عقود مشاركة الزائر قصة الإمارات وإرثها المستدام، في مبادرة ضمن مبادرات عام الاستدامة الذي أطلقه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في بداية 2023.

توضح لبلينكس في تصريحات خاصة مديرة الاستراتيجية في بيت الاستدامة، ميرا المطوع، فتقول: "هناك بنتكلم عن أجدادنا وصمودهم وتفاؤلهم، وكيف قدروا يعيشوا في أرض شديدة الحرارة ويمكن مالحة وتندر فيها المياه العذبة، ولكن هم ماشالله قدروا يحافظون عليها وما أخذوا منها أكثر من حاجتهم. وقدروا يحافظون عليها حق الأجيال المقبلة".

خلال بعض أقسام بيت الاستدامة، بالأخص في واحة الاستدامة، تترك الحاضر والتكنولوجيا جانبا، وتتجول بين صُناع مهرة، يطوعون الموارد البيئية مهما تواضع حجمها في خدمة مجتمعهم المحلي قبل بضعة عقود.

فمن أجزاء النخيل، تُصنع القوارب والحبال وما يُعرف باللهجة المحلية بـ"الخراف" وهي حقائب محكمة الغلق اعتادت الأجيال السابقة على استخدامها في تخزين التمور من موسم لموسم، كي يبقى صالحا للاستهلاك.

تشاهد أيضا كيفية تصنيع وحياكة الملابس التقليدية، المزينة بخيوط "التلي" الذهبية البراقة، والتي تعد من الحرف الشعبية المفضلة لدى النساء. فكل ما تنتجه البيئة يعاد استخدامه، وكل ما يستعمل يأتي من مواد طبيعية فيما يُشبه مفهوم الاقتصاد الدائري الذي تحاول مجتمعاتنا المعاصرة تحقيقه في سبيل الاستدامة.

تقول المطوع: "الاقتصاد الدائري، هذا جزء من استراتيجية الدولة للوصول للحياد المناخي. اليوم نقدر نطلع وقود من النفايات وأعتقد أننا نقدر نعود للاقتصاد الدائري".

تشرح "في بيت الاستدامة أظهرنا صناع التغيير الذين بدأوا يبتكرون في هذا المجال كتحويل مخلفات البناء لسيراميك يمتص الحرارة، أو تحويل مخلفات القهوة وأجزاء النخيل إلى بيئة صالحة لإنتاج الفطر. ١٠٠٪ نقدر نوصل لهذا الشيء".

على الرغم من التناقض الظاهري ما بين الصناعات اليدوية التراثية، ومظهر الشبان والشابات الذين يتفاعلون مع الصناع ببهجة، ويفضلون التقاط الصور الفوتوغرافية معهم باستخدام هواتفهم الذكية، تعتقد المطوع أن بيت الاستدامة كان مصدرا للحنين والإلهام في آن واحد بالنسبة للأجيال الجديدة.

فتؤكد أن الشبان والشابات غالبا ما يراودهم الحنين خلال التجول في الأقسام الأولى من بيت الاستدامة، فتقول: "لما يبدون يشوفون قصص أجدادنا، يعني في مثل شعور بالحنين للماضي، ويذكرون قصص جداتهم، ويقولون صح أنا جدتي قالتلي هذا الشيء أو عاشت في هذي المنطقة أو جابت المي بهذي الطريقة".

أما في قسم "مستقبل ازدهارنا المستدام" فيطالع الشباب قصصا وحكايات عن مؤثرين طوعوا التكنولوجيا الحديثة لأهداف الاستدامة وتحقيق الحياد المناخي، فيشعرون بالإلهام، خاصة عندما يكتشفون أن بعضا من صناع التغيير نبتوا من خلفيات مشابهة لخلفياتهم الاجتماعية أو تخرجوا في نفس الجامعات.

لا يغفل بيت الاستدامة كيف للقطة مصورة واحدة أن تحكي عشرات القصص، ومن ثم يعرض مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي جمعها المشروع الثقافي "لئلا ننسى"، وهو مجموعة من اللقطات الأرشيفية التي جمعتها فتيات إماراتيات تُظهر طقوس الحياة في بلادهن على مدار عقود، ما بين الجلسات المنزلية والصور العائلية والرحلات في البرية وغيرها.

تظهر الصور داخل أكشاك في واحة الاستدامة تُعرف باسم "البايو جراف"، ويحمل كل كشك عددا من الفجوات تطالعك صورة فوتوغرافية مشفوعة بالشرح بمجرد النظر داخلها.

بعض قصص البايو جراف توثق لطقوس الصيد القديمة، فتشرح المطوع بعض تلك الطقوس فتقول: "في حد يتكلم عن الصقر وأنه إذا قدر يمسك الفريسة اللي بدن يمسكوها يعطونه قلب الفريسة هدية.. وكان يصب للصقر المي في فنجان القهوة إكراما له".