"إنتاج الغذاء" يسبب ثلث الانبعاثات العالمية.. ما الحل؟

النظم الغذائية العالمية كانت مسؤولة عن 17 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون أو 31% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يسببها البشر في عام 2019، حسب الفاو.

أوضحت المنظمة الدولية أن ذلك يشمل الانبعاثات المرتبطة بالزراعة واستغلال الأراضي وإنتاج المحاصيل وتربية الماشية، وكذلك ما تستهلكه الأسر من غذاء وما تخلفه من نفايات والطاقة المستخدمة في المزارع وإعداد الأغذية ونقل الموادّ الغذائية.

"يجب ألا نظلم صغار المزارعين"، حسب الواعر الذي لفت إلى أن هذه الفئة تنتج ٧٠% من غذاء العالم، وهي في الوقت عينه من الفئات الأكثر تضررا من التغيرات المناخية، وعدم القدرة على الصمود.

وتابع أنه بسبب التغيرات المناخية وتغير مواسم الأمطار ومواسم الجفاف والفيضانات، لا يكون لصغار المزارعين القدرة على مواجهة هذه التحديات.

وفي الوقت عينه هناك جزء من الانبعاثات مصدره ممارسة الزراعة بشكل مباشر، منها مثلا ممارسات الري بالغمر، وما ينتج عنه من إطلاق ثاني أكسيد الكربون المخزن داخل التربة وكذلك غاز الميثان الذي ينتج من قطاع الثروة الحيوانية، وفق الواعر.

وفي المقابل يُسهم القطاع الزراعي في زيادة الغطاء النباتي، لذلك هناك توازن ما بين الانبعاثات التي ينتجها القطاع الزراعي، وما بين ما يسحبه الغطاء النباتي من هذه الانبعاثات.

تركز منظمة الفاو، حسب الواعر، بصورة كبيرة على ما يُعرف بممارسات الزراعة الذكية، في مقدمتها تحول أنظمة الري، من أنظمة الري بالغمر، التي تقوم عليها تقريبا جميع الزراعات النهرية، في العراق ولبنان وسوريا ومصر والسودان، وصولا إلى التحول للري الذكي الموفر للماء خصوصا الري بالتنقيط.

كذلك إدخال التقنيات الحديثة في الري مثل البيوت الزجاجية المشبكة التي تساعد في التحكم بمستوى المياه، وكذلك لا تمنع السطوع الشمسي الضروري للنمو النباتي، يضيف المسؤول في المنظمة الأممية.

الذكاء الاصطناعي يستخدم على مستوى أكبر في ما يتعلّق بتحليل وتجميع البيانات، وتستخدم هذه التقنيات الذكية بما في ذلك طائرات الدرونز لجمع البيانات المتعلقة بالزراعة مثل حركة الجراد الصحراوي، ومستويات الإنتاج الزراعي والري.

أكد الواعر أن في كوب 28 محطة تاريخية في مجال الغذاء والزراعة، فلأول مرة يحصل إعلان وقعت عليه من أكثر من ١٤٠ دولة في العالم يتناول التزاما طوعيا من هذه الدول للتخفيف من الانبعاثات الناتجة عن قطاع الزراعة والصناعات الغذائية، كي يكون قطاعا متكافئا مناخيا، وذلك من خلال زيادة الغطاء النباتي كي يضاهي الانبعاثات الصادرة عن القصاع.

وتاليا فإن هذا الإعلان مهم جدا ويسلط الضوء على قطاع الزراعة والمياه والنظم الغذائية، كبديل لمعالجة قضايا المناخ، حسب الواعر.

ويستغل أكثر من ٧٠% من المياه المتاحة في العالم في قطاع الزراعة، وتاليا فإن استغلالها بالشكل الأمثل والمستدام سيسهم في هذا المورد المهم المؤثر بصورة مباشرة في قضية المناخ.

تعد الثروة الحيوانية من أكبر مسببات الانبعاثات. وتقول الفاو إن عمليات الإنتاج الحيواني العالمية تطلق نحو 14.5% من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري الناتجة عن النشاط البشري.

والماشية مسؤولة عن 65% من تلك الانبعاثات، ومعظمها على هيئة غاز الميثان. وعندما تهضم الحيوانات المجترة مثل الأبقار والأغنام الطعام، فإنها تطلق غاز الميثان على شكل تجشؤ. كما أن تخزين المخلفات، خاصة في برك كبيرة، يؤدي إلى انبعاث غاز الميثان.

وتأتي الانبعاثات أيضا من إنتاج ومعالجة أعلاف الحيوانات، بما في ذلك حرث الأراضي لزراعة محاصيل هذه الأعلاف، وهو ما يؤدي إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون المخزن في التربة.

تطلق الأنشطة الداعمة للزراعة مثل إزالة الغابات أو استغلال أراضي الخث 3.5 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويا، وفقا للفاو. وعندما تتم إزالة الغابات لأغراض زراعية مثل تربية الماشية أو زراعة المحاصيل، ينطلق الكربون المخزن إلى الغلاف الجوي.

وتقف إزالة الغابات وراء 80% تقريبا من الانبعاثات الناجمة عن إنتاج الغذاء في البرازيل، على سبيل المثال، وهي أكبر مصدري لحوم الأبقار وفول الصويا في العالم. ومن ناحية أخرى تخزن الأراضي الخثية كميات هائلة من الكربون تصل إلى مثلي ما تخزنه غابات العالم.

ويُعدّ تجفيف أو حرق أراضي الخث لأغراض مثل زراعة المحاصيل أو تربية الماشية مسؤولا عن نحو ٥% من جميع الانبعاثات التي يسببها البشر، وفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2021.

تقول الأمم المتحدة إنه يتم إهدار نحو ثلث الأغذية المزروعة في العالم، 13% منها في مراحل الحصاد والبيع بالتجزئة، و17% في المنازل وقطاعي الخدمات الغذائية والتجزئة.

وأظهرت دراسة أجريت في مارس الماضي ونشرت في مجلة نيتشر فود أن الطعام المهدر يتسبب في نصف إجمالي انبعاثات النظام الغذائي العالمي، بما في ذلك الطاقة المستهلكة في إعداده ونقله وما يتلف خلال النقل، والطعام الذي يتم التخلص منه بعد التعفن في الثلاجات بالمنازل.

وجزء كبير من هذه الانبعاثات يكون ناتجا عن غاز الميثان الذي يتكون عندما يتعفن الطعام في مكبات النفايات.

تشكل نفايات الطعام نحو 25% من النفايات الصلبة للسكان في مكبات النفايات بالولايات المتحدة، وفقا لدراسة حديثة أجرتها وكالة حماية البيئة.