هل تنجح مصر في توطين "الوقود الأخضر"؟

الهيدروجين لا يوجد منفصلاً في الغلاف الجوي، وإنما وجوده دائماً ما يكون في شكل اتحادٍ مع عناصر أخرى، ولذا فإن استخلاصه للاستفادة منه كوقود؛ يستلزم عمليات كيمائية مختلفة.

ويُمنح الهيدروجين لوناً وفقاً للعنصر الذي تم استخلاصه منه، ودرجة احتوائه على كربون من عدمه.

• الهيدروجين الأزرق:

يتم استخلاصه من الغاز الطبيعي مع إخضاعه لعملية فصل الكربون.

• الهيدروجين الرمادي:

يتم استخلاصه من الغاز الطبيعي أيضاً، ولكن دون فصل الكربون.

• الهيدروجين الوردي:

يتم استخلاصه من الطاقة النووية.

ويبلغ الإنتاج العالمي لمختلف أنواع (ألوان) الهيدروجين الوقود نحو 120 مليون طن سنوياً.

وتعد مصر من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا التي أنتجت واستخدمت الهيدروجين الأخضر، بحسب دراسة صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري.

يعود أول استخدام مسجل للهيدروجين الأخضر إلى العام 1960، من خلال شركة الصناعات الكيماوية المصرية "كيما"، والتي أنتجت الوقود الأخضر باستخدام إمدادات الطاقة الكهرومائية من سد أسوان.

توقف إنتاج الهيدروجين الأخضر عام 2019 بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف القدرة التنافسية، وتحول المصنع إلى إنتاج الهيدروجين الرمادي فقط، بحسب الدراسة.

يحتوي الهيدروجين على ما يقرب من 3 أضعاف الطاقة التي يحتويها الوقود الأحفوري، ما يجعله أكثر كفاءة، ولذا فإن إدخال الهيدروجين الأخضر ضمن مزيج الطاقة يضيف عوائد اقتصادية وبيئية متنوعة، بحسب دراسة لكلية كولومبيا للمناخ.

في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يمكن لاقتصاد الهيدروجين الأخضر توفير 700 ألف فرصة عمل باستثمارات تقدر بـ140 مليار دولار بحلول عام 2030، بحسب دراسة لمؤسسة ماكنزي.

على الصعيد البيئي، تمثل الطاقة النظيفة من الهيدروجين الأخضر إحدى آليات مواجهة التغيرات المناخية، حيث يتميز الهيدروجين بالاستدامة بنسبة 100%، كما أنه متعدد الاستخدامات من الصناعة إلى النقل، وكذلك البناء بالإضافة إلى إمكانية تخزينه لفترات طويلة.

على المستوى العالمي، يتم إنتاج نحو 75٪ من وقود الهيدروجين من الغاز الطبيعي، وفقا لوكالة الطاقة الدولية، ولذا لا يزال إنتاج الهيدروجين الأخضر سوقاً ناشئة على المستوى الدولي، ومصر أيضاً.

واعتبرت دراسة للمركز المصري للدراسات الاستراتيجية، أن 9 دول عربية تشكل مستقبل إنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم وهي مصر، والإمارات، والسعودية، والمغرب، وعمان، والعراق، والجزائر، وقطر، وموريتانيا.

وأقرّت مصر استراتيجية وطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر نهاية العام الماضي، تستهدف من خلالها الوصول إلى إنتاج 5.8 ملايين طن، بنهاية 2024 وهو ما يشكل نسبة 5٪ من إجمالي السوق العالمية للهيدروجين.

وتستهدف مصر خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بواقع 40 مليون طن سنوياً بحلول عام 2040، بالإضافة إلى إتاحة 100 ألف فرصة عمل، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 10 إلى 18 مليار دولار بحلول عام 2040.

شكلت الحكومة المصرية المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر ليكون الجهة المعنية بمشروعات الهيدروجين الأخضر دون غيرها، كما أطلقت استراتيجية الهيدروجين الأخضر لترسم خارطة طريق للمشروعات، وأخيراً أعد مشروع قانون الحوافز لجذب الاستثمارات للقطاع.

و بالرغم من كل الإجراءات التي قامت بها الحكومة المصرية لتوطين صناعة الهيدروجين الأخضر، إلا أن هناك عدداً لا بأس به من التحديات تواجه مصر في هذا الملف، بحسب دراسة صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري.

بعض هذه التحديات يتعلق بالتمويل، حيث ترتفع تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بحوالي مرتين إلى ثلاث مرات مقارنة بتكلفة إنتاج الهيدروجين من الوقود الأحفوري، بحسب الدراسة الحكومية المصرية.

وتشرح الدراسة أن هذه التكلفة المرتفعة نسبياً، تعود إلى أن إنتاج وقود الهيدروجين يعتمد على الكهرباء الناتجة من مصادر الطاقة المتجددة، والتي تعد أكثر تكلفة في توليدها، بالإضافة إلى ضخ استثمارات ضخمة في مشروعات البنية التحتية لنقل وتخزين الهيدروجين.

كما يتطلب إنتاج الهيدروجين الأخضر طاقة أكبر من بقية أنواع الوقود.

ففي حالة مصر، وبحسب الدراسة الحكومية، يتطلب إحلال مشروعات الهيدروجين الأخضر محل الإنتاج الحالي من الهيدروجين الرمادي (الناتج دون فصل الكربون) استثمارات تتراوح بين تتراوح بين 11 مليار دولار إلى 29 مليار دولار.