أسد في الشارع.. تجارة ليبية مربحة وقاتلة

تنقل الحيوانات من أفريقيا وتدخل إلى ليبيا عبر طريقين: إما تهريبا من الصحراء وذلك أكثر صعوبة وتكلفة، وإما عبر المنافذ الحدودية التي تسهل التهريب، إما بالرشى أو داخل شاحنات مموهة، وفق عبد الرحمن الورفلي، أحد المواطنين الليبين الذين يعيشون في مدينة سبها الجنوبية.

يخدر الحيوان المفترس طوال الرحلة تقريبا، وهذا يؤثر عليه بشكل كبير، وينقل على محطات داخل البلاد ثم يسلم إلى المالك الجديد بعد إصدار شهادة صحية مزورة من إحدى البلدان الأفريقية.

مصدر أمني ليبي قال لبيلنكس إن الأجهزة الأمنية وثقت تورط عدد من موظفي السفارات، بهذه التجارة التي كانت نشطة أيام الرئيس الراحل معمر القذافي لكن محصورة بيد الدولة، على النقيض من الفوضى الراهنة.

ويضيف المصدر أن بعض موظفي السفارات يجلبون النمور والفهود والأسود بأعمار صغيرة معهم، إما برحلات جوية مشبوهة ومن مطارات تفتقد لإجراءات الأمن الصارمة، أو دخولا من الطرق البرية بأوراقهم الثبوتية الرسمية ما يسهّل عليهم التهريب.

تربية الحيوانات المفترسة انتشرت في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، حيث تشاهد أسودا ونمورا تتجوّل برفقة أصحابها في الشوارع والأماكن العامة وداخل الأحياء السكنية، خاصة في مصراتة وبنغازي، والعاصمة طرابلس. وفي شهر يوليو الماضي، قتل طفل في مدينة أجدابيا بعد أن افترسه نمر أثناء تجواله في مزرعة والده حيث هزت الحادثة الرأي العام وأثارت جدلا واسعا بشأن ظاهرة تربية الحيوانات المفترسة في البلاد.

على إثر الحادثة، حظرت الحكومة المكلفة من البرلمان الاحتفاظ بالحيوانات المفترسة وتربيتها في المنازل والمزارع أو الأماكن الخاصة، أو تركها تتجول في الشوارع لأي سبب.

كما أعلنت الحكومة مهلة أقصاها 15 يوما لتسليم هذه الحيوانات المفترسة لوزارة الداخلية، تمهيدا لإيداعها في الأماكن المخصصة لها، كما حظرت استيراد أو إدخال الحيوانات المفترسة إلى البلاد، محذّرة المخالفين لهذه الإجراءات.

قبل تلك الحادثة أثار أسد الرعب في بنغازي بعد هروبه من مالكه، كما شهدت مدينة مسلاتة ظهور فهد في الأماكن العامة، ما أثار حالة ذعر لدى السكان. من جانبها حذرت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة في طرابلس، الليبيين من استيراد أو إدخال الحيوانات المفترسة إلى البلاد.

خلال السنوات الماضية، حذرت الجمعية الليبية لحماية الحياة البرية مرارا، من مغبة "فوضى تهريب الحيوانات البرية في ليبيا"، خصوصا مع عدم تعامل وزارة الداخلية ووزارة البيئة بجدية مع رابع أكبر تجارة غير مشروعة في العالم، وفق قولها.

وأضافت الجمعية، أن هناك طلبا متزايدا بدرجات متفاوتة على بعض الأنواع، كالنمور والتماسيح وأنواع من القرود مثل الشمبانزي والنسناس، موضحة أن جرائم الحياة البرية لا تؤخذ عادة على محمل الجد.

وأشارت الجمعية إلى نمو هذه التجارة في ظل غياب تطبيق القانون والرقابة على المنافد الحدودية، الأمر الذي يعد انتهاكا لاتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المعرّضة للإنقراض (CITES)، حيث انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة بيع الحيوانات البرية في ليبيا عن طريق بعض الشركات المتخصصة في مجال تجارة استيراد الحيوانات.

وشددت الجمعية على ضرورة تشديد الرقابة على تجارة الحيوانات البرية غير الشرعية للحد من مخاطر الإصابة بالفيروسات والأمراض المعدية، مبدية مخاوفها المتعلقة باحتمالية أن تنشر الحيوانات الحية الغريبة الأمراض، حيث تحمل الطيور والزواحف المهربة أمراضا تنتقل إلى البشر.

وتعد ليبيا من ضمن الدول الموقعة على اتفاقية التجارة الدولية بالحيوانات والنباتات الفطرية المهددة بالانقراض "سايتس" وتعتبر وزارة البيئة هي نقطة الارتباط الوطنية للاتفاقية والمسؤولة عن إصدار الأذونات الخاصة بالاتفاقية، كما يعرف بشهادات سايتس.