تحذير من "شيطنة الذئاب": تخشى البشر وتخدم المزارعين
في قاعة بلدية بمدينة كونسكي البولندية الصغيرة، يعرض الباحث رومان غولا، لقطات لذئابٍ صُوّرت بكاميرات خفية، ويسعى من خلالها إلى طمأنة السكان بأن هذه الحيوانات لا تُشكّل خطرا عليهم.
ويتابع عالم الأحياء هذا منذ سنوات قطيعا من الذئاب يعيش في منطقة غابات قرب كونسكي الواقعة بين وارسو وكراكوف.
ويلاحظ بفخر في تصريح لوكالة فرانس برس أن "الذئاب استوطنت مجددا الغابات البولندية".
وانقرضت هذه الحيوانات اللاحمة الرمادية تقريبا من بولندا في خمسينات القرن العشرين بسبب الصيد والحرب، لكنّ نحو 3600 منها باتت موجودة فيها اليوم، وهو العدد الأكبر في أوروبا، حيث حقق هذا النوع عودة ملحوظة.
إلاّ أن رومان غولا ومثله العلماء في مختلف أنحاء القارة يخشون أن يكون هذا المنحى شارفَ نهايته.
فالنواب الأوروبيون خفّضوا أخيرا تصنيف الذئاب من "محمية بشكل صارم" إلى "محمية"، ما مهد الطريق لمعاودة صيدها وفق قواعد محددة.
وكانت المفوضية الأوروبية طلبت هذا التغيير معللةً إياه بأن انتشار الذئاب يهدد البشر والماشية.
ويرى رومان غولا في حديث لوكالة فرانس برس بأن "الذئاب تعرّضت للشيطنة منذ زمن كتاب العهد القديم"، أما الآن، فهذا التوجه نابع من "قرار سياسي"، وهو في نظره "يندرج ضمن حملة يمينية للتحكم بالطبيعة".
يشرح غولا أن الذئاب "تخشى" البشر، وتتجنبهم، مشيرا إلى أن ثمة طرقا عدة لحماية الماشية.
يشير الخبراء إلى أن الذئاب التي ينطوي تتبعها على صعوبة كبيرة، أصبحت الآن ظاهرة أكثر للعيان بفضل مقاطع فيديو تُنشَر عبر الهواتف الذكية، وبسبب التغيّر المناخي الذي يُدفعها إلى مغادرة الغابات المصابة بالجفاف للبحث عن غذائها في الحقول.

تثبيت كاميرا مراقبة لتتبع حركة تنقل الذئاب. AFP
يوضح غولا وهو يشق طريقه بين الأعشاب الطويلة الجافة في غابة تبعد 40 دقيقة عن كونسكي أن الاحترار المناخي يساهم أيضا في تغيير الطريقة التي تصطاد بها الذئاب.
وترى سابينا بيروزك-نوفاك التي أمضت عقودا في درس الذئاب في بولندا أن اتساع نطاق الزراعة يجعل الحيوانات البرية كالغزلان والخنازير البرية تنتقل إلى الحقول بحثا عن الغذاء، مما يُسبب أضرارا جسيمة.
لكنّ "الذئاب تقتلها في الحقول. وهذه أخبار سارة للمزارعين"، على قولها.