المغرب يسعى لـ"قائمة اليونسكو" بالقفطان

يقول باحثون إن القفطان المغربي، الذي يعود تاريخه إلى عصر الموحدين في القرن الثاني عشر الميلادي، خضع لتحولات عديدة عبر التاريخ حيث بدأ بالشكل الذي يقارب المتعارف عليه حاليا قبل أن تطرأ عليه بصمة العصر الأندلسي ثم تطورات أخرى.

وتحكي أسماء زرويل وهي جالسة في بهو منزلها التقليدي بمدينة سلا القريبة من العاصمة الرباط: "في عائلتي توارثنا حرفة صنع تفاصيل القفطان، فأنا أصنع العقاد" وهي تفاصيل صغيرة تشبه العقد أو الأزرار تغلق مقدمة القفطان التي تكون مقسومة إلى نصفين بالتساوي.

وتضيف: "كما أن أمي كانت تصنع الراندا والضرس والشبكة وهي أنماط من الخياطة المتشابكة بخيوط حريرية، وأختي تصنع المجادل وهي نوع من الأحزمة التقليدية على شكل ضفائر مطرزة من الحرير".

وتسترسل أسماء: "كنا مثلا نتكلف أمي وأنا وإخوتي بشوار العروسة من البداية للنهاية، وعشنا من هذه الحرفة" في إشارة إلى الملابس التقليدية التي تجهزها العروس المغربية من قفاطين وتكاشيط وغيرها.

وبمرور الزمن تأثر القفطان المغربي باتجاهات الموضة، وحاول مواكبتها إلا أن "القفطان المغربي التقليدي بفصالته المخزنية يبقى هو الأصل" كما تقول وفاء صديقة وجارة أسماء في سلا وهي خياطة قفاطين تقليدية.

والمقصود بتعبير "الفصالة المخزنية" القفطان المغربي التقليدي كما لبسته النساء داخل البلاط الملكي عبر التاريخ.

غير بعيد عن منزل أسماء وجارتها وفاء، يقع محل قفاطين مونية رمسيس في أحد أحياء المدينة التي تعج بالحركة. وتقول مونية لرويترز: "الإقبال كبير على القفطان المغربي خاصة من طرف الفنانين المغاربة والعرب".

وتضيف مونية وهي محترفة في تصميم وخياطة القفاطين منذ 26 عاما: "القفطان سواء بالسفيفة البلدية أو بالخياطة التقليدية.. تبقى خياطة القفطان التقليدية من أرقى أنواع الخياطة".

والسفيفة البلدية هي خيوط حريرية مفتولة ومنمقة بطريقة فنية معقدة تستعمل في زركشة القفطان. وتقول مونية: "نحن نحاول عصرنة القفطان حتى يواكب الأجيال الجديدة". وتضيف أنها تحاول أن تنوع في "الزركشة والتطريز، والتنبات (وهي خياطة وإلصاق العقيق في الثوب) وكذلك في التصاميم" مؤكدة أن "القفطان في تطور يومي ومنفتح على العصر".

واستوحى عدد من المصممين العالميين المشهورين القفطان المغربي في تصاميمهم، خاصة:

• إيف سان لوران، الذي عاش في المغرب.
• جون غاليانو.
• فالنتينو.

القفطان المصنوع بطريقة تقليدية مكلف جدا ويصل سعره إلى عشرات الآلاف من الدراهم، لكن التكنولوجيا التي طالت أيضا القفطان فتحت الباب أمام التطريز باستخدام الكمبيوتر من خلال نسخ نقوش وتطريزات تقليدية بطريقة سريعة مما خفض كلفته وجعله في متناول الفئات المتوسطة ومحدودي الدخل. وكذلك خياطته بآلات الخياطة السريعة بدلا من الإبرة التقليدية جعلته أرخص وفي المتناول.

لكن هذا التغيير لا يروق للمصممة المغربية زهور الرايس التي برعت في مجال تصميم القفاطين المغربية منذ 40 عاما. وقالت زهور لرويترز: "منذ صغري وأنا مفتونة بالقفطان، كنت أرى عماتي في مدينة مراكش وهن يلبسن قفاطين تقليدية ساحرة وأساور ذهبية وينتعلن شربيلا (خف مغربي تقليدي)، من هنا افتتنت بالقفطان".

وتعتبر زهور أن "القفطان له سحر خاص وفخامة لا يدركها إلا من ترعرع في بيئته" لذلك لا يعجبها تحويل القفطان المغربي التقليدي إلى ما يشبه فستان السهرة. وقالت: "قفطاننا جميل وراق كما هو، وليس هناك داع لتغييره".

واعتبرت أنه "مهما غيروا في القفطان سيعودون إلى الأصلي التقليدي". وتظن زهرة أن على "الجهات الحكومية التدخل لحماية هذا التراث العريق".