أزياء
.
عندما اندلعت النيران في كاتدرائية نوتردام في أبريل 2019، وجد مصمم الأزياء الفرنسي جان شارل دي كاستلباجاك نفسه أمام لحظة فارقة. مشاهدة الدمار الذي لحق بهذا الرمز التاريخي أثار بداخله إحساسا عميقا بضرورة التصرف. فور عودته إلى منزله، بدأ برسم تصاميم مستوحاة من الكارثة، وكأنه يحاول تخيل إحياء الكاتدرائية من جديد.
وبعد سنوات من تلك الليلة المؤلمة، تلقى كاستلباجاك طلبا استثنائيا من مبعوث رئيس أساقفة باريس: تصميم الملابس الليتورجية لإعادة افتتاح الكاتدرائية في ديسمبر 2024. وبالنسبة له، لم تكن هذه مجرد صدفة، بل كانت "دعوة إلهية" كما يحكي كاستلباجاك لوكالة أسوشيتدبرس، وهو يعرض مجموعة الملابس في منزله بباريس: "أن يتم استدعاؤك لهذه المهمة هو تزامن، وكأنها دعوة من السماء".
المجموعة التي صممها كاستلباجاك تشمل 2000 قطعة أُعدت لـ700 شخص، وتتميز بتوازن دقيق بين فن البوب المعاصر والتراث العريق للكاتدرائية. وصُنعت الملابس بالتعاون مع حرفيي استوديو 19M، واستخدم فيها أقمشة مثل الغبردين الاسكتلندي السميك باللون الأبيض العاجي، ممزوجة بعناصر مستوحاة من العصور الوسطى.
ويحكي كاستلباجاك أنه على الرغم من الروح العصرية للتصاميم، فإنها تحمل رموزا روحية عميقة.
وفي وسط التصاميم، يظهر صليب ذهبي كبير مزين بشظايا ملونة من المخمل الأحمر والأزرق والأصفر والأخضر، ترمز إلى الكاتدرائية التي أعادت بناء نفسها من الحطام. ويصف كاستلباجاك هذه الشظايا بأنها "انفجار يعيد تكوين نفسه".
اختيار كاستلباجاك لهذه المهمة لم يكن عشوائيا، فقد سبق أن صمم أردية قوس قزح التي ارتداها البابا يوحنا بولس الثاني خلال يوم الشباب العالمي في باريس عام 1997. وتلك الأثواب، التي تم الاحتفاظ بها في خزانة نوتردام، شكلت رابطا روحيا خاصا بينه وبين الكاتدرائية. ويحكي كاستلباجاك: "بينما كنت أشاهد الحريق، كنت أفكر، هل الآثار تحترق؟ هل الآثار آمنة؟ لذا فإن ارتباطي لم يكن ماديا فحسب. إنه حقا ارتباط روحي قوي".
وبالنسبة له، 74 عاما، فإن ذكرى هاتين الساعتين في عام 2019 اللتين قضاهما في مشاهدة الحريق مع زوجته وسط أشخاص يصلون على ركبهم لا تزال تثير الحزن والعزيمة. وقال: "لم تكن نوتردام تحترق. كان الأمل يحترق. كانت الروحانية تحترق. كانت لحظة مكثفة، كنت أفكر، ماذا يمكنني أن أفعل؟".
ويعود شغفه بالألوان إلى طفولته في مدرسة داخلية عسكرية في نورماندي، حيث وجد في الزجاج المعشق وشعارات النبالة في الكنيسة متنفسا وسط بيئة كئيبة، ويحكي: "اللون كان شريان الحياة في عالم رمادي خانق".
على مدى العقود، صمم كاستيلباجاك للعديد من المشاهير، منهم مادونا بمعطفها المصنوع من دمى الدببة، إلى بيونسيه وريهانا، تألقت إبداعاته على أشهر الشخصيات، وتعاوناته مع فناني البوب مثل آندي وارهول وكيث هارينج جعلته رائدا في دمج الفن بالموضة.
عندما تفتح الكاتدرائية أبوابها من جديد في عطلة نهاية الأسبوع 7-8 ديسمبر، يأمل كاستيلباجاك أن ينظر العالم إلى الملابس الدينية باعتبارها شهادة على التجديد و"قوة اللون" في الشفاء والإلهام.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة