أزياء

"صُنع في فرنسا"؟.. جميل للعين وكابوس للمحفظة

نشر
blinx
خلف الطاولة الخشبية في متجر "البازار الفرنسي" الواقع في شارع سان-بلاسيد في باريس، تسمع كلير غانديني تعليقات الزبائن مثل "أوه لا!" و"350 يورو! هذا كثير" قبل أن يغادر بعضهم دون شراء شيء.
أما من يبقون، فتوضح لهم جولييت دانكامب، مؤسِّسة المتجر المتخصص في المنتجات المصنّعة في فرنسا، بهدوء ودون انفعال، أن الهدف ليس توفير المال، بل "شراء له معنى"، اختيار منتج "يُلوِّث أقل" من المستورد، والدفاع عن "الحِرف المحلية، وظروف العمل، وحقوق التقاعد". لكنها تعترف "المنتج المصنوع في فرنسا، جحيم"، بحسب تقرير لصحيفة لوموند.
ورغم النجاح الكبير لمعرض MIF Expo (صُنع في فرنسا)، الذي يجمع في باريس بين 6 و9 نوفمبر نحو 1000 مصنع، ويُتوقع أن يجذب 110 آلاف زائر كما في دورة 2024، لا يزال صُناع الملابس الفرنسيون يواجهون صعوبات، فـ"العالم الجديد" الذي جرى الترويج له خلال جائحة كوفيد-19 في 2020، حيث قيل إن المستهلكين سيشترون أقل لكن بجودة أفضل، وأن الدولة ستدعم قطاع النسيج الفرنسي؟ "لم يتحقق شيء من ذلك"، حسب جيروم بيرمانجيه، الشريك في إدارة العلامة البريتونية Le Minor.
ولا تزال حصة الملابس المصنوعة في فرنسا ضئيلة، نحو "4% فقط من المبيعات السنوية للقطاع" وفق المعهد الفرنسي للأزياء.
وأدّى التضخم بعد الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، وارتفاع الأجور، إلى زيادة كبيرة في تكاليف الإنتاج. واليوم، يجد مصنّعو "السترة البحرية الصوفية" صعوبة في طرح نموذج فرنسي بأقل من 180 يورو، "مقابل 150 يورو في 2022"، وفق هيرفي كولومبيل، الرئيس التنفيذي لـ Royal Mer.
وتعترف كارين رونويل-تيبرغيان، الشريكة في إدارة مصنع MLT للحياكة في لوار، بقولها "المنتج المصنوع في فرنسا عاد ليصبح سوقًا ضيقة".

وضع اقتصادي شديد التوتر

في نهاية 2023، أعرب نحو "90% من المستهلكين" عن رغبتهم في شراء المزيد من المنتجات المصنوعة في فرنسا، وفق استطلاع أجرته OpinionWay لصالح غرف التجارة والصناعة الفرنسية. لكن الواقع أظهر أن تراجع القدرة الشرائية دفع كثيرين لتفضيل الملابس منخفضة الثمن، سواء جديدة أو مستعملة.
"السعر يبقى المعيار الأول عند شراء الملابس"، وفق المعهد الفرنسي للأزياء، متقدمًا بفارق كبير عن الجودة أو بلد المنشأ.
ويرى لودوفيك سامسون، مدير علامة LaFrançaise، أن صعود عملاق الأزياء الرخيصة الصيني Shein "شوّه إدراك قيمة الملابس". ويقول "من تُغرقهم إعلانات فاست فاشِن بقمصان بـ8 يورو، لم يعودوا يفهمون كيف يمكن أن تُكلّف كنزة 180 يورو".

إغلاق وتسريح موظفين

وتخسر متاجر وسط المدن زبائنها، وتغلق أبوابها أحيانًا. ومع كل إغلاق، يخسر المنتجون الفرنسيون منافذ بيع، وبشكل حاد. فبعد خمس سنوات من تأسيسه عام 2020، لم يعد تجمّع متاجر "صنع في فرنسا" الذي ترأسه إميلي أوفراي يضم سوى "25 متجرًا في فرنسا، مقابل 35 سابقًا". وفي نهاية أكتوبر، وبينما كان العمل جارياً لافتتاح متجر جديد قرب BHV في باريس، اعترفت مؤسسة متجر L’Appartement Français بأنها "لا تتقاضى راتبًا كل شهر".
الوضع متوتر لدرجة أن عدداً من المصنّعين خفّضوا نشاطهم. فقد أغلقت شركة Le Minor ورشة تصنيعها في كيمبير نهاية 2024، وقلّصت عدد موظفي مصنعها في غيديل إلى 49 موظفًا، بعد أن كانوا 72 في 2022. وعلى بُعد 250 كم، بين شوليه ونانت، تراجع عدد موظفي Royal Mer في مصنع لا ريغريبير إلى "50 موظفًا"، بعد إلغاء 22 وظيفة خلال عامين.

استراتيجيات جديدة للبقاء

ويعيد المصنّعون اليوم رسم استراتيجياتهم لتصريف الإنتاج و"الاستمرار في الوجود"، كما يقول نيكولا تيبو، مدير Maison Lemahieu، الذي يصنع مشغولات الحياكة في سان-أندريه-ليه-ليل، بقدرة إنتاج تصل إلى "4 آلاف قطعة يوميًا".
الشركة، وهي مورّد للملابس الداخلية وتوظف نحو 100 شخص، باتت تراهن على التجارة الإلكترونية، إذ أصبح متجرها الإلكتروني، الذي أُطلق عام 2020، يمثل نحو "40% من الإيرادات السنوية".
في المقابل، تمثل المبيعات عبر الإنترنت لدار Royal Mer، حوالي 30% من النشاط". فيما يأتي نصف مبيعات Le Minor، حوالي 4 ملايين يورو في 2024، من التجارة الإلكترونية ومن متجريها في باريس.
ويقول بيرمانجيه أواخر أكتوبر، قبل افتتاح متجر ثالث لـ Le Minor في باريس بقليل: "اليوم، البيع المباشر هو النموذج الوحيد الممكن".
ويوافقه جان-غي لو فلوك، الرئيس التنفيذي لشركة Armor Lux البريتونية، التي تُدير 100 متجر في فرنسا وتحقق مبيعات عبر الإنترنت بقيمة 15 مليون يورو سنويًا من إجمالي 130 مليونًا، قائلاً "علينا توزيع المخاطر".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة